قال محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري، إن وفدا من صندوق النقد الدولي يزور تونس بداية من غد الأربعاء للانطلاق في مناقشة برنامج قرض جديد تفوق قيمته القرض الأول، والذي كان في حدود 1.7 مليار دولار.
واعتبر العياري، خلال لقاء صحافي مشترك مع ممثلة صندوق النقد الدولي جورجيا ألبارتين أت، أن العام المقبل 2016 سيكون بالضرورة أفضل على المستوى الاقتصادي من العام الجاري، قائلا: "2016 ستكون سنة ترتيب البيت، أما الانطلاقة الحقيقية للاقتصاد الوطني فستكون في 2017".
وأشار إلى أن تقرير صندوق النقد الدولي توقع بلوغ تونس نسبة نمو 2.5% سنة 2016، على أن تصل إلى 4.7% سنة 2020.
وتطرق محافظ البنك المركزي التونسي إلى تقرير صندوق النقد الدولي حول آفاق الاقتصاد الوطني بحلول سنة 2020، قائلا إنه يرتكز على جملة من العوامل التي تشير إلى بوادر تحسن في الاقتصاد التونسي انطلاقا من سنة 2017، مؤكدا أن المديونية الخارجية قد تعيق تطور الاقتصاد في الآجال المحددة، غير أن المشهد يبقى مفتوحا على عدة فرضيات، حسب قوله.
بدورها، قالت ممثلة صندوق النقد الدولي، إن نسبة النمو الحالية التي تحققها تونس غير كافية لإحداث تغيير ملموس في وضع البطالة وتأمين حياة أفضل للتونسيين.
واعتبرت ممثلة صندوق النقد الدولي أن من حسن الحظ أن هناك خارطة طريق واضحة حددها الدستور التونسي تلزم الحكومة بإدارة الموارد العامة على نحو كفء خدمة للمواطنين والصالح العام باستخدام قواعد واضحة للشفافية.
وأشارت مسؤولة الصندوق إلى أن الظرف الحالي يدفع الحكومة التونسية أكثر من أي وقت مضى نحو تنفيذ دفعة جديدة من الإصلاحات التي يراها الصندوق ضرورية للمرور إلى مرحلة الاقتصاد التنافسي.
وانتقدت ممثلة النقد الدولي ارتفاع فاتورة الأجور في القطاع العمومي التي تستأثر بحدود 13% من الناتج المحلي الإجمالي، معتبرة أن تضخم فاتورة الأجور لم يسمح للاقتصاد التونسي بالاستفادة مما كان يمكن توفيره من تراجع سعر المحروقات في السوق العالمية ومراجعة سياسة الدعم.
اقرأ أيضاً: الإصلاحات الاقتصادية في تونس لا تبدو في طريق معبدة
وأكدت ألبارتين أن الحكومة التونسية مدعوة إلى مراجعة سياسة الإنفاق وذلك بالتوجه الكامل نحو الإنفاق الاستثماري والاجتماعي، مشيرة إلى أن الدراسة المعمقة التي أجراها الصندوق سابقا كشفت أن النظام الضريبي يمكن أن يساهم في تحقيق العدالة والتكافؤ بين المحافظات في حال تمكن الحكومة من تبسيط المعادلات الضريبية وتقاربها بين القطاعات المتمركزة في المحافظات الداخلية والقطاعات المتمركزة على الشريط الساحلي.
في سياق متصل، قالت ممثلة صندوق النقد الدولي إن تونس تحتاج إلى مناخ أعمال من الطراز الأول حتى يحقق النمو انطلاقة سريعة خاصة في ظل وضع إقليمي ودولي متوتر قد يحول دون المساعدة على النهوض الاقتصادي السريع.
ولاحظت المسؤولة في الشأن ذاته أن الأعمال والمشاريع في تونس مقيدة بقواعد تنظيمية معقدة ومرهقة حيث تواجه 50% من القطاعات قيودا على الاستثمار، معتبرة أن هذه القواعد التنظيمية تخنق القطاع الخاص وتنقص في وضوح القواعد، مما يشكل عائقا كبيرا أمام تدفق الاستثمارات وخلق فرص العمل.
وأبدت ممثلة صندوق النقد الدولي الرضا على مضي الحكومة في إصلاح القطاع المصرفي، مشددة على دور القطاع المالي في تحقيق صلابة الاقتصاد.
ولفتت جورجيا البارتين إلى أن القطاع المالي في تونس كان كابحا أساسيا للنمو، مشيرة إلى أن تونس مدعوة إلى التركيز على إصلاح هذا القطاع لجعله أكثر انفتاحا، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تحسين فرص الحصول على التمويل وتخصيص الائتمان للأنشطة المنتجة بكل أنواعها سواء بالنسبة للشركات الكبرى أو المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وترى مسؤولة النقد الدولي أن إصلاح البنوك العمومية نقطة بداية جيدة، خاصة وأن هذه البنوك تمثل 40% من مجموع الأصول المصرفية وأكثر من ربع القروض المتعثرة.
وتحتاج تونس في النصف الثاني من العام الجاري إلى 1.3 مليار دولار لسداد العجز في موازنتها العامة، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، نتيجة تراجع إيرادات البلاد من النقد الأجنبي في العديد من القطاعات الحيوية، مثل الفوسفات والسياحة.
ونشر صندوق النقد الدولي على موقعه الرسمي في مايو/أيار الماضي موافقته بإمهال تونس 7 أشهر، حتى 31 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري، لتنفيذ الإصلاحات التي تعهدت بها ضمن اتفاق القرض الائتماني المبرم بينها وبين الصندوق.
اقرأ أيضاً: صندوق النقد: الاقتصاد التونسي سينمو 5% في 2019