تونس: تشريع لمراقبة الذمم المالية للمسؤولين والبرلمانيين

30 يناير 2018
من احتجاج على الفساد وعدم محاسبة المسؤولين (Getty)
+ الخط -
رغم تعدد المبادرات التونسية لسن قانون يكافح الكسب غير المشروع، ويجبر مسؤولي الدولة على الكشف عن ممتلكاتهم وثرواتهم قبل وبعد تولي مهامهم، إلا أن البرلمان التونسي لم يوفق على مدار السنوات الخمس الماضية في تحقيق ذلك، ما دعا مراقبين إلى تعليق الآمال على مشروع قانون حكومي لمساءلة المسؤولين والبرلمانيين على حد سواء عن مصادر أموالهم، يبدأ البرلمان في مناقشته غدا الأربعاء.
وحاولت العديد من الكتل البرلمانية المشاركة في الحكم أو المعارضة تقديم مبادرات تشريعية منذ 2012، لحث البرلمان على إصدار قانون يحول دون تحقيق الموظفين وأصحاب المراكز الهامة في الدولة لمنافع بغير الصيغ القانونية.

لكن الاتهامات المتبادلة بالفساد بين نواب في البرلمان، من خلال استغلال النفوذ، وتلقي رشاوى من جانب رجال أعمال، دفع الحكومة إلى طرح مشروع القانون الحالي.
وقال بشير الخليفي، مقرر لجنة التشريع العام في البرلمان، إن "مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة للتصدي للكسب غير المشروع سيكون محل اهتمام من لجان البرلمان التي لن تتأخر في إصدار هذا التشريع".
وأضاف الخليفي في حديث لـ "العربي الجديد" أنه لا يجوز الحديث عن حملة لمقاومة الفساد دون نص قانوني، لافتا إلى أن مشروع القانون الجديد سيجبر أعضاء البرلمان والمجالس البلدية وأعضاء الحكومة والعاملين برئاسة الجمهوية وكبار موظفي الدولة على التصريح الدوري بمكتسباتهم أثناء ممارستهم لمهامهم وبعد مغادرتها.

وأكد أن مشروع القانون سيتطرق أيضا إلى كيفية التصدي لتضارب المصالح، التي يمكن من خلالها تحقيق مكاسب غير مشروعة، مؤكدا أن البرلمان وضع حدا أقصى للمصادقة على القانون في شهر مارس/ آذار المقبل.
وقال مقرر لجنة التشريع العام في البرلمان إن القانون المعمول به حاليا، والذي يعود إلى عام 1987، لم يحقق أهدافه في التصدي للإثراء غير المشروع، بدليل أن العديد من المسؤولين وكبار موظفي الدولة تورطوا في قضايا فساد وحققوا مكاسب كبيرة، ما جعلهم محل تتبع قضائي بعد الثورة، مشيرا إلى أن البرلمان الحالي يتحمل مسؤولية كبيرة في إصدر نص قانون جديد يقلص أكبر قدر ممكن من الفساد.


ويضع مشروع القانون وفق نسخة أولية اطلعت عليها "العربي الجديد" شروطاً وإجراءات للتصريح بالمكاسب والمصالح بالنسبة لأعضاء الحكومة ورئيسها وأعضاء مجلس نواب الشعب ورئاسة الجمهورية وعدد من المناصب الوظيفية العليا بالدولة. 
كما يحدد مشروع القانون العديد من الوظائف الخاضعة للقانون وحالات تضارب المصالح وآليات مكافحة الإثراء غير المشروع، حيث يستهدف القانون نحو 35 وظيفة في الدولة سيكون أصحابها مطالبين بالتصريح الدوري عن مكاسبهم كل ثلاث سنوات على امتداد فترة مباشرتهم للعمل، إلى جانب التصريح عند المغادرة النهائية للوظيفة.

وفي إطار حملة الفساد التي تقودها حكومة يوسف الشاهد، تم خلال المدة الماضية الكشف عن العديد من ملفات الفساد التي تورط فيها سياسيون وموظفون في مناصب كبيرة في الدولة.
وبحسب أخر البيانات التي كشفت عنها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، فقد أحالت الهيئة أكثر من 200 ملف إلى القضاء خلال العام الماضي 2017، من بينها أكثر من 20 ملفا تعلقت بشبهات فساد تخص عقود حكومية.
وتقدر خسائر تونس السنوية من الفساد بنحو 20% من ناتجها الداخلي الخام، أي ما يعادل 1.8 مليار دولار، نتيجة غياب آليات الحوكمة في الصفقات العمومية وتفشي ظاهرة الرشاوى والإثراء بطرق غير قانونية، وفق تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

وكان شوقي الطبيب رئيس الهيئة المستقلة لمكافحة الفساد، قد أشار في تصريحات إعلامية مؤخرا، إلى تصدي من وصفها بـ" "الدولة العميقة" لجهود مكافحة الكسب غير المشروع، مؤكدا أن "محاربة الفساد هي استثمار مربح وأول مستفيد من مكافحة الفساد هو موازنة الدولة، التي تشكو من عجز متنام جراء تضاعف النفقات".
وبحسب الطبيب فإن "الحكومة اليوم بصدد مواجهة إشكاليات كبيرة تتعلق بتعبئة موارد موازنة الدولة، التي تضررت كثيراً جراء تفاقم ظاهرة تهريب السلع والأدوية والسجائر والمواد الغذائية ودخول السلع المقلدة والمغشوشة، التي قضت على القطاعين التجاري والصناعي، إضافة إلى ظاهرة التهرب الجبائي وكلها إشكالات تضر بالموازنات المالية للدولة".

وأشار وليد بن صالح، الخبير الاقتصادي، في حديث لـ"العربي الجديد "، إلى بروز طبقة جديدة من أثرياء الكسب غير الشرعي، لافتاً إلى أن أكثر من 70% من وصفات مقاومة الفساد والحد من الكسب غير الشرعي يجب أن تكون وقائية.



دلالات
المساهمون