تسعى الحكومة التونسية حالياً إلى ضبط خطة تنمية للبلاد خلال السنوات الخمس المقبلة، بعدما عجزت الخطط السابقة، سواء السنوية أو الخمسية، عن الخروج بتونس من بوتقة الأزمات المالية والاقتصادية التي انزلقت إليها منذ ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
وقال ياسين إبراهيم، وزير التنمية والتعاون الدولي، في مؤتمر صحافي مساء أمس الأول الأربعاء، إن ثمة وثيقة أعدتها الحكومة بعد مشاورات مع كافة الأحزاب والمنظمات المدنية، لتعديل طريقة بناء الخطط التنموية للدولة خلال السنوات الخمس المقبلة، معتبراً أن الطريقة المعتمدة حالياً أثبتت عجزها عن حل المشاكل الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
وتتوقع تونس، وفق تصريحات وزير التنمية، بداية الخروج من مرحلة الانكماش الاقتصادي بداية من العام المقبل، لافتاً إلى أن تحقيق نسبة نمو في حدود 3% سنة 2016 "أمر ممكن".
وحسب تصريحات حكومية وبيانات صندوق النقد الدولي، لن تتمكن تونس من تجاوز نسبة نمو 1% مع نهاية العام الجاري.
وتراهن الحكومة على منوال التنمية الجديد لتحقيق نسب نمو تراوح بين 5 و6% خلال السنوات الخمس القادمة في حالة تمكّنها من القيام بالعديد من الإصلاحات الهيكلية التي يتطلبها الاقتصاد التونسي على غرار الإصلاح الإداري وإصلاح أنظمة الجباية وإعادة هيكلة القطاع المالي إلى جانب إصدار قوانين الاستثمار الجديدة.
اقرأ أيضاً: تونس: خُمس الصفقات الحكومية بلا نزاهة
ورغم استقرار الأوضاع السياسية، لم ينجح الاقتصاد التونسي إلى حد الآن في تحقيق نسبة نمو كافية لتخفيف حدة البطالة والفوارق الاجتماعية، ما جعل الحكومة تفكر في الصفح عن رجال أعمال متهمين بالفساد لدفع الاستثمار.
ويعتبر الخبير الدولي في التنمية كمال العيادي، أن تونس لن تتجاوز صعوباتها الاقتصادية ما لم تتمكن من ضبط منوال تنمية قادر على تحقيق نسبة نمو في حدود 8%، وذلك لامتصاص أكبر قدر ممكن من العاطلين من العمل.
ويشير العيادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن تغيّر نمط الفئة العاطلة من العمل، لم يكن مصحوباً بهيكلة اقتصادية، وهو ما ولّد أزمة بطالة كبرى في صفوف خريجي الجامعات، داعياً إلى التركيز في خطة التنمية الجديدة على جلب الاستثمارات كثيفة العمالة، وحفظ نصيب المحافظات المحرومة من الثروة.
وتقدّر نسبة العاطلين من العمل في تونس حالياً بنحو 600 ألف، تعادل نحو 15.2% من إجمالي القادرين على العمل، وترتفع نسبة بطالة حاملي الشهادات العليا إلى 31%، ليبلغ عددهم حوالى 241.3 ألفاً، وفق بيانات رسمية.
وتوفر كل نسبة نمو تعادل 1% ما بين 15 و17 ألف فرصة عمل، وهو ما يشير إلى أن الطريق لا تزال طويلة أمام الحكومة للحد من معضلة البطالة.
ويجمع جل المهتمين بالشأن الاقتصادي على أن السياسة الاقتصادية المعتمدة منذ ثورة يناير 2011 عاجزة تماماً عن حل مشكلة البطالة والفقر والفوارق الاجتماعية، وهو ما جعل معدل النمو في حدود 1.6% في المدة المتراوحة بين 2011 و2014.
اقرأ أيضاً: تونس تنتظر 260 مليون دولار من مصالحة رجال الأعمال