تونس: تآكل مخزون الأدوية لامتناع شركات عالمية عن التوريد

01 ابريل 2018
عجز مالي يتسبب في تراكم مستحقات شركات الأدوية(فرانس برس)
+ الخط -

 

يشهد احتياطي الدواء في تونس تراجعاً كبيراً، بسبب امتناع عدد من الشركات العالمية عن تزويد الصيدلية المركزية الحكومية (المستورد الحصري للدواء في تونس) التي بلغت ديونها أكثر من 400 مليون دينار (166 مليون دولار).

وتقوم الصيدلية المركزية حصرياً باستيراد الدواء من الشركات العالمية، وتكوين احتياطي لا يقل عن ثلاثة أشهر لتوفير احتياجات القطاعين الحكومي والخاص، مقابل استخلاص مستحقاتها عبر صندوق الضمان الصحي، لكن العجز المالي الذي يعانيه الصندوق أدخل قطاع الصحة في دوامة الاستدانة وتردي الخدمات.

وكشف عبد المنعم بن عمار، الكاتب العام المساعد في النقابة الأساسية للصيدلية المركزية، عن أن عددا من المزودين الأجانب للدواء هددوا بإدراج تونس على قائمة سوداء للدول الممنوعة من التزويد بسبب مستحقاتها المتراكمة، واصفا الوضع بالخطير.

وقال بن عمار في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه من المفترض أن يكون لدى الصيدلية المركزية مخزون استراتيجي من الدواء قادر على تغطية احتياجات البلاد لمدة ثلاثة أشهر، لكن احتياطي بعض الأصناف لا يغطي أسبوعا واحدا.

وفي تصريح سابق لوزير الصحة عماد الحمامي، فإن الحكومة تدخلت لدى أحد المصارف لتمكين الصيدلية من قرض بنكي بقيمة 600 مليون دينار حتى تتمكن من سداد ديونها لدى الشركات العالمية والمحلية، مشيرا إلى صعوبة الوضع الصحي ووجود نقص فادح في الأدوية بما في ذلك الحيوية، على غرار أدوية السكري وضغط الدم والأمراض السرطانية والتخدير.

وأشار الحمامي إلى ضرورة إيجاد حل جذري لأزمة صندوق الضمان الصحي والصناديق الاجتماعية، لتجنب الإساءة إلى سمعة تونس لدى الشركات العالمية التي تزود السوق بالدواء منذ عشرات السنين، لافتا إلى أن الأمر كذلك يهدد حياة المرضى.

ووصل عجز صندوق الضمان الصحي إلى نحو 2.99 مليار دينار (1.24 مليار دولار) بنهاية يناير/كانون الثاني 2017، وفق بيانات رسمية صادرة عن الصندوق في أغسطس/ آب من نفس العام، حيث تبلغ النفقات اليومية لتمويل الصحة نحو 8 ملايين دينار (3.3 ملايين دولار).

لكن عثمان الجلولي، كاتب عام نقابة الصحة (الأمين العام للنقابة)، قال إن " لوبي الدواء يدفع عبر المخابر (الشركات) العالمية والمحلية إلى إحكام السيطرة على قطاع توريد الدواء وإنهاء الاحتكار الحكومي لهذا القطاع عبر الصيدلية المركزية"

وأضاف الجلولي لـ"العربي الجديد"، أن الأقسام الاستشفائية في القطاع الحكومي ترجئ تدخلات جراحية عاجلة للمرضى بسبب نقص أدوية حياتية ومواد التخدير.

وتغطي تونس 48% من احتياجاتها من الدواء عبر الصناعة المحلية، فيما يتم تدبير النسبة الباقية من خلال الاستيراد عبر عروض دورية تقوم بها الصيدلية المركزية.

كانت نادية فنينة، المكلفة بملف الدواء في وزارة الصحة، قالت في تصريحات خاصة في سبتمبر/ أيلول الماضي، إن "توريد الدواء خط أحمر لا يمكن المساس به، بالرغم من ارتفاع الواردات في السنوات الماضية".

وتسبب تراجع قيمة الدينار التونسي وتآكل احتياطي النقد الأجنبي في أزمة بالنسبة لاستيراد العديد من السلع الأساسية والأدوية في الفترة الأخيرة، لدرجة أن خبراء حذروا في تقرير نشرته "العربي الجديد" قبل نحو ستة أشهر من احتمال حدوث أزمة أدوية.

وتقلّصت احتياطات النقد الأجنبي في تونس بنحو 300 مليون دولار في نهاية الأسبوع الأول من مارس/ آذار الماضي، لتستقر عند 4.6 مليارات دولار من 4.9 مليارات دولار في نفس الفترة من فبراير/ شباط، حسب بيانات البنك المركزي الذي قال إنه بنزول الاحتياطات إلى مستواها الحالي، فإن تغطيتها للواردات تتراجع إلى حدود 78 يوم توريد من السلع، نزولا من 84 يوما في نفس الفترة من الشهر الماضي.

وتسارعت وتيرة هبوط احتياطات النقد الأجنبي في تونس، منذ 2017، بفعل ارتفاع عجز ميزان التجارة وهبوط أسعار صرف الدينار التونسي مقابل الدولار واليورو.

ويتغذى احتياطي العملة الصعبة من إيرادات القطاعات المصدرة على غرار زيت الزيتون والتمور والفوسفات، فضلا عن عائدات القطاع السياحي وتحويلات التونسيين بالمهجر وشرائح القروض الخارجية التي تحصل عليها البلاد.

ووافق صندوق النقد الدولي الشهر الماضي على صرف شريحة ثالثة بقيمة 257.3 مليون دولار من القرض المتفق عليه مع تونس في مايو/ آيار 2016، والبالغ إجماليه قيمة 2.9 مليار دولار، ليصل مجموع المبالغ التي سحبتها تونس من هذا القرض إلى نحو 919 مليون دولار، حسب بيانات الصندوق.

دلالات
المساهمون