تضع البنية الجغرافية والطبيعيّة تونس في مصاف الدول الفلاحيّة نظرا لتنوّعها المناخيّ وثرائها المائيّ. معلومات ارتكزت عليها أجهزة الدعاية الحكوميّة، وكذا الكتب المدرسية لترويج صورة "تونس الخضراء" الغنية بإنتاجها الفلاحيّ المتنوّع الذّي حقق اكتفاءها الذاتي بل ومرّت لغزو أسواق الغذاء العالميّة.
هذه الصورة البرّاقة تخفي وراءها أزمة حقيقيّة يعيشها القطاع الفلاحيّ منذ سنوات، لا بسبب الثورة التي تحوّلت إلى شماعة يعلّق عليها أغلب السياسيّين اليوم الأزمات الاقتصاديّة التي تعرفها البلاد، بل كانت نتيجة تراكمات عشرات السنين لحكومات تعاملت مع مسألة الأمن الغذائيّ للتونسيّين بارتجاليّة، ودون استراتيجية واضحة كما هو الحال بالنسبة لجميع القطاعات.
منذ ثلاث سنوات وحين سُئل الرئيس الحالي للبلاد الباجي القائد السبسي عن المسؤولين عن سقوط أكثر من ثلاثمائة شهيد خلال الثورة، أجاب بانّ القنّاصة إشاعة، فهل نكتشف بعد عقود من الزمن وانهيار حاجز التستّر والقمع أنّ "تونس الخضراء" الرائدة في المجال الفلاحي لم تكن هي الأخرى سوى إشاعة؟
إذ رغم الإمكانات الهائلة على المستوى الطبيعيّ والمناخيّ في تونس، فإنّ الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن وزارة الفلاحة ووكالة النهوض بالفلاحة في تونس، تأتي صادمة للكثيرين ممن يعتبرون تونس رائدة في المجال الفلاحيّ والذّي صنّفته الدولة طيلة عقود كقطاع استراتيجيّ وركيزة أساسية في مخطّطاتها التنمويّة. حيث تبرز الإحصائيات تواصل عجز الميزان التجاريّ الغذائيّ بنسبة 30%، حيث عجزت الصادرات التونسيّة من مختلف المواد الغذائيّة خلال العشريّة الماضية في تغطية حاجات البلاد، ولم تتجاوز نسبة التغطية حتّى منتصف 2015 ما يناهز 70%.
اقرأ أيضا: تونس الخضراء تعاني من العطش
وقد أشارت الإدارة العامة للدراسات والتنمية الفلاحيّة إلى مدى عمق الأزمة الفلاحيّة في تونس، عبر دراسة أصدرتها في بداية السنة الحاليّة، حيث بيّن التقرير تراجع المساحات المخصّصة لزراعة الحبوب وهي النشاط الفلاحي الأهمّ والأكبر في تونس، من مليون و643 ألف هكتار سنة 2004 إلى مليون و100 ألف هكتار السنة الماضية.
وفي ذات السياق، تراجعت مساهمة القطاع الفلاحي في الناتج المحليّ الإجمالي من 17% في تسعينيات القرن الماضي إلى 8 % في أواخر السنة الماضية، كما انخفض عدد العاملين في القطاع من 45% إلى 16%.
يعلّق الخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي على واقع القطاع الفلاحي في تونس ونتائج التقارير والدراسات، مشيراً إلى أن هذا الوضع المتردّي للفلاحة التونسيّة أدّى إلى عجز تونس عن تحقيق اكتفائها الذاتيّ في العديد من المواد الغذائيّة، وخصوصاً الأساسية منها على غرار الحبوب التي لا توفّر إلا نسبة 50% من الاحتياجات المحلية، حيث تبلغ واردات البلاد من المواد الغذائيّة 1.2 مليار دولار سنوياً.
ويضيف أنّ مياه الريّ تمثّل مشكلة حقيقيّة في تونس، إذ يعاني العديد من مناطق الوسط والجنوب الشرقيّ من اضطرابات على مستوى التوزيع والإمداد، وهو ما أثّر سلبا ًعلى الإنتاج الفلاحيّ السقويّ في تلك المناطق ودفع بالعديد من الفلاّحين إلى اعتماد الآبار الارتوازيّة كبديل وهو ما يسبّب استنزافاً يهدّد بأزمة عطش مزمنة.
هذه الصورة البرّاقة تخفي وراءها أزمة حقيقيّة يعيشها القطاع الفلاحيّ منذ سنوات، لا بسبب الثورة التي تحوّلت إلى شماعة يعلّق عليها أغلب السياسيّين اليوم الأزمات الاقتصاديّة التي تعرفها البلاد، بل كانت نتيجة تراكمات عشرات السنين لحكومات تعاملت مع مسألة الأمن الغذائيّ للتونسيّين بارتجاليّة، ودون استراتيجية واضحة كما هو الحال بالنسبة لجميع القطاعات.
منذ ثلاث سنوات وحين سُئل الرئيس الحالي للبلاد الباجي القائد السبسي عن المسؤولين عن سقوط أكثر من ثلاثمائة شهيد خلال الثورة، أجاب بانّ القنّاصة إشاعة، فهل نكتشف بعد عقود من الزمن وانهيار حاجز التستّر والقمع أنّ "تونس الخضراء" الرائدة في المجال الفلاحي لم تكن هي الأخرى سوى إشاعة؟
إذ رغم الإمكانات الهائلة على المستوى الطبيعيّ والمناخيّ في تونس، فإنّ الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن وزارة الفلاحة ووكالة النهوض بالفلاحة في تونس، تأتي صادمة للكثيرين ممن يعتبرون تونس رائدة في المجال الفلاحيّ والذّي صنّفته الدولة طيلة عقود كقطاع استراتيجيّ وركيزة أساسية في مخطّطاتها التنمويّة. حيث تبرز الإحصائيات تواصل عجز الميزان التجاريّ الغذائيّ بنسبة 30%، حيث عجزت الصادرات التونسيّة من مختلف المواد الغذائيّة خلال العشريّة الماضية في تغطية حاجات البلاد، ولم تتجاوز نسبة التغطية حتّى منتصف 2015 ما يناهز 70%.
اقرأ أيضا: تونس الخضراء تعاني من العطش
وقد أشارت الإدارة العامة للدراسات والتنمية الفلاحيّة إلى مدى عمق الأزمة الفلاحيّة في تونس، عبر دراسة أصدرتها في بداية السنة الحاليّة، حيث بيّن التقرير تراجع المساحات المخصّصة لزراعة الحبوب وهي النشاط الفلاحي الأهمّ والأكبر في تونس، من مليون و643 ألف هكتار سنة 2004 إلى مليون و100 ألف هكتار السنة الماضية.
وفي ذات السياق، تراجعت مساهمة القطاع الفلاحي في الناتج المحليّ الإجمالي من 17% في تسعينيات القرن الماضي إلى 8 % في أواخر السنة الماضية، كما انخفض عدد العاملين في القطاع من 45% إلى 16%.
يعلّق الخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي على واقع القطاع الفلاحي في تونس ونتائج التقارير والدراسات، مشيراً إلى أن هذا الوضع المتردّي للفلاحة التونسيّة أدّى إلى عجز تونس عن تحقيق اكتفائها الذاتيّ في العديد من المواد الغذائيّة، وخصوصاً الأساسية منها على غرار الحبوب التي لا توفّر إلا نسبة 50% من الاحتياجات المحلية، حيث تبلغ واردات البلاد من المواد الغذائيّة 1.2 مليار دولار سنوياً.
ويضيف أنّ مياه الريّ تمثّل مشكلة حقيقيّة في تونس، إذ يعاني العديد من مناطق الوسط والجنوب الشرقيّ من اضطرابات على مستوى التوزيع والإمداد، وهو ما أثّر سلبا ًعلى الإنتاج الفلاحيّ السقويّ في تلك المناطق ودفع بالعديد من الفلاّحين إلى اعتماد الآبار الارتوازيّة كبديل وهو ما يسبّب استنزافاً يهدّد بأزمة عطش مزمنة.