تمكن سجين تونسي يبلغ من العمر 21 عاما، ومحكوم بعقوبة بديلة تتمثل في العمل للصالح العام، من النجاح في البكالوريا في دورة التدارك شعبة اقتصاد وتصرف والتي أعلن عن نتائجها نهاية الأسبوع الماضي.
"لقد تحديت نفسي وصنعت من الضعف قوة، ورغم كل الظروف التي أحاطت بي من الحكم بالسجن والعمل للصالح العام، والظروف التي قادتني للسجن رغم أني تلميذ مجتهد، ثم جائحة كورونا، وبعض الضغوط النفسية.... رغم كل ذلك درست وتعبت واجتهدت لأنجح، وفرحتي لا تضاهيها فرحة"، هكذا تحدث السجين التونسي ياسين لـ"العربي الجديد".
ويضيف ياسين أن مناوشة بسيطة في الفصل بينه وبين زميله تطورت إلى عنف ليجد نفسه أمام القضاء ولتنقلب حياته رأسا على عقب، وأنه لولا العقوبة البديلة لضاع مستقبله، إذ قررت القاضية استبدالها بـ120 ساعة عمل لفائدة الدولة، وشجعته على مواصلة دراسته.
ويضيف الشاب أنه لم يسمع خلال المحاكمة كلمة متهم، وأن هذه التجربة غيرته كثيرا، فقد أصبح يشعر بالمسؤولية ويراقب تصرفاته أكثر ويتحكم في ردة فعله بحكم أنه كان سريع الغضب، مبينا أن العمل للصالح العام نمى شخصيته وتعلم الكثير من خلال العلاقات التي اكتسبها والمهن البسيطة التي كان يقوم بها مع مختصين في عدد من الإدارات، مشيرا إلى أن هذه العقوبة قادرة على حماية عدد من الشباب من الانحراف، داعيا الشباب إلى حسن التصرف وعدم اللجوء إلى العنف مهما كان السبب .
ويكشف المتحدث أنه قرر تغيير مجال التخصص وربما قد يدرس الحقوق بعد الحادثة التي مر بها، مؤكدا أنه مدين لكل الأشخاص الذين وقفوا إلى جانبه من هيئة السجن والقضاة، وكل الذين وفروا له الإحاطة والتوجيهات اللازمة، ودفعوه لبذل كل طاقته للنجاح ولكي يحول قصته من فشل إلى تجربة جديدة في الحياة.
ويكون بذلك هذا الشاب هو أول الناجحين في البكالوريا من المحكومين بعقوبات بديلة، في حين نجح سجينان سابقان من سجن المرناقية بالعاصمة تونس في البكالوريا خلال الدورة الرئيسية، بحسب الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون سفيان مزغيش في تصريح لـ"العربي الجديد" .
وأوضح مزغيش أن هذا الشاب حكم عليه بشهرين لارتكابه جنحة بسيطة، ولكن القاضية بالمحكمة الابتدائية بباردو ارتأت استبدالها بالعمل لفائدة الدولة حيث طلب منه قضاء ساعات عمل للصالح العام.
وبين أن هذا الشاب، وبحكم الدراسة، قد حظي بمتابعة ومرافقة ذات طابع اجتماعي ونفسي وتوجيهات من إطارات الهيئة العامة للسجون تحت إشراف القاضية المعنية بالملف، مؤكدا أنه خلال فترة المراجعة لامتحانات البكالوريا تم تعليق ساعات العمل المفروضة على هذا الشاب ليتفرغ لدراسته، إلى أن تمكن من النجاح.
وأشار مزغيش إلى أهمية العقوبات البديلة حيث يكون المعني بالأمر محل متابعة وإحاطة، وقد تقيه هذه العقوبة من العودة إلى الانحراف، فهو من ناحية لا يختلط ببقية السجناء، ومن ناحية أخرى يستطيع ممارسة حياته بصفة عادية ويكون محل توجيهات نفسية.
وتابع أن هذه الطريقة تجنب السجون التونسية مزيدا من الاكتظاظ، وهي ربح للمال العام وحماية للسجناء، كما أنها لا تدرج بالبطاقة عدد 3 والمخصصة للسوابق العدلية، وبالتالي تضمن للسجين العديد من الحقوق .
ويشار إلى أن مترشحا آخر يقضي عقوبة سجنية بسجن صفاقس تمكن، في الدورة الرئيسية للبكالوريا دورة 2020، من النجاح وذلك بحسب وزير التربية محمد الحامدي، على هامش مؤتمر صحافي خصص للإعلان عن نتائج الدورة الرئيسية للبكالوريا.