وشهد قانون المصالحة عند طرحه أول مرة موجة من ردود الفعل الرافضة من قبل المعارضة التونسية التي نزلت إلى الشارع للتعبير عن رفضها لمناقشة القانون أصلاً.
واعتبرت ممثلة رئاسة الجمهورية سعيدة قراش، خلال هذا الملتقى، أنّ "توجه المصالحة الوطنية يميز تونس لتغيير المرحلة القادمة بعيداً عن فكرة الانتقام والتشفي التي من شأنها تدمير المسار الديمقراطي"، مضيفة أنّ "المصالحة لا يمكن أن تحدث إلا بوجود التوافق بين جميع أو أغلب الأطياف السياسية والاجتماعية".
وقالت قراش في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "رئاسة الجمهورية متشبثة بمبادرة الرئيس بخصوص المصالحة الوطنية"، موضحة أن "المبادرة اتخذها الرئيس بعد دراسة للوضع ومتابعة لما يحصل في الساحة الوطنية ولنوعية المشاكل"، داعية نواب الشعب إلى أن يشرعوا في مناقشة القانون.
واعتبرت قراش أن "موجة الاحتجاج على مشروع قانون المصالحة الوطنية عرفت ردة فعل انطباعية وانفعالية، باعتبار أن مشروع القانون احترم المراحل الأساسية في أي مرحلة انتقالية لها علاقة بالمصالحة".
وتابع أن "المبادرة تأتي في إطار جانب الانتهاكات المالية والفساد المالي والاقتصادي في مال الدولة"، مفسرة أن "الدولة تطرح مشروعاً للمصالحة في حقها، لأن هناك مؤسسات أخرى تعنى بحقوق الأفراد".
من جانبه يرى القيادي في حركة النهضة نورالدين البحيري، أن "المصالحة لا تهم المشاركين في الحكم فقط، بل تهم كل الأطراف السياسية والمدنية"، موضحاً أن التوافق حول مبادرة المصالحة شرط من شروط نجاحها، كعلاج للوضع الحالي ولتحقيق الأهداف المنتظرة".
واعتبر البحيري أن "مشروع المصالحة مطروح للنقاش بين الكتل الحزبية، بما في ذلك كتل المعارضة، من أجل التوصل إلى صيغة تضمن تحقيق مصالحة شاملة وشجاعة وتضمن توافقاً وطنياً".
إلى ذلك، ألقى القيادي في حركة النهضة رفيق عبد السلام، كلمة قال فيها، إنّ "الحديث عن المصالحة مرتبط بفكرة الأخيرة شاملة. وهي تعني تجاوز مخلفات الماضي وإصلاح أخطاء سابقة والتوجه إلى المستقبل".
من جهته أشار رئيس الهيئة السياسية لنداء تونس رضا بلحاج، إلى أنّ "سبب تعثر فكرة المصالحة هي ولادتها في مسار متعفن"، موضحاً أنها "هي الهدف الأسمى للعدالة الانتقالية".
وعلاقة بالزاوية الاقتصادية للمبادرة، أكد الخبير الاقتصادي معز الجودي لـ"العربي الجديد"، أن "موضوع المصالحة يكتسي أهمية كبرى خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتأزم الذي تمر به تونس وتعطّل مناخ الأعمال والاستثمار".
ويرى الجودي أن "المصالحة ليست مجانية، وستكون الحل للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد".
وأضاف المتحدث ذاته أن "مشروع قانون المصالحة الاقتصادية لا يتعارض مع العدالة الانتقالية ولا يعني الإفلات من المساءلة والمحاسبة".
داعياً إلى الإسراع في تنفيذ هذه المبادرة، ومشيراً إلى أن "عمل هيئة الحقيقة والكرامة بطيء في حين أن الاقتصاد في حاجة ماسة إلى نسق أسرع بكثير".