توقّع جميع صنّاع السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أن يكتسب اقتصاد الولايات المتحدة المزيد من القوة وأن التضخم سيرتفع في الأشهر المقبلة، في وقت ارتفع عجز الحكومة الأميركية في مارس/ آذار مع تراجع الإيرادات وزيادة المصروفات.
وأظهر محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي الأميركي الذي عُقد في 20-21 مارس، ونُشر أمس الأربعاء، قلق صنّاع السياسات من تأثير السياسات التجارية والمالية لإدارة الرئيس دونالد ترامب.
وقال محضر الاجتماع إن "جميع المشاركين اتفقوا على أن آفاق الاقتصاد بعد الربع الحالي اكتسبت قوة في الأشهر القليلة الماضية".
وبالإضافة إلى ذلك، "توقع جميع صنّاع السياسة أن التضخم على أساس 12 شهراً سيسير في اتجاه صعودي في الأشهر المقبلة".
وسعر الفائدة الأساسي للمركزي الأميركي حالياً في نطاق 1.50-1.75%. والزيادة التي أجراها في مارس هي السادسة لأسعار الفائدة الأساسية منذ بدأ دورة لتشديد السياسة النقدية في ديسمبر/ كانون الأول 2015.
ومع تحسن الاقتصاد، سرّع المركزي من وتيرة الزيادات. ويتوقع زيادتين للفائدة هذا العام، على رغم أن التوقعات الفصلية في الاجتماع السابق أظهرت أن عدد المسؤولين المؤيدين لرفع الفائدة ثلاث مرات أخرى في 2018 أكبر مما كان في ديسمبر.
ويبلغ مؤشر التضخم المفضل لدى المركزي حالياً 1.6%، لكنه لا يزال دون المستوى الذي يستهدفه مجلس الاحتياطي منذ ست سنوات والبالغ 2.0%، إلا أن عدة مؤشرات أشارت مؤخراً إلى زيادة في ضغوط الأسعار.
ويرى صنّاع السياسة النقدية أيضاً قوة دافعة إضافية من اقتصاد يتحسن فيه سوق العمل ويضعف فيه الدولار، ولم تظهر عليه بعد التأثيرات التحفيزية لحزمة من التخفيضات في ضريبة الدخل قيمتها نحو 1.5 تريليون دولار، وزيادة في الإنفاق الحكومي.
وفي وقت سابق الأربعاء، ارتفع أحد المؤشرات الرئيسية للمركزي لأسعار المستهلكين، الذي يطلق عليه المؤشر الأساسي لأسعار المستهلك، بمقدار 2.1% على أساس سنوي في مارس، مسجلاً أعلى قراءة منذ فبراير/ شباط 2017، بعدما صعد 1.8% في الشهر السابق.
وسبق أن صرّح جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي يوم الجمعة الماضي، بأن المركزي الأميركي من المرجح أن يحتاج إلى مواصلة زيادة أسعار الفائدة، للإبقاء على التضخم تحت السيطرة، لكنه تعهد أيضاً بالتمسّك بمسار تدريجي.
غير أن محضر الاجتماع أظهر أن بعض مسؤولي مجلس الاحتياطي، قلقون بالفعل من أن البنك المركزي سيتعين عليه أن يسير بخطى أسرع مما كان معتقداً في السابق.
وقال عدد منهم إن آفاق الاقتصاد والتضخم قد تؤدي إلى مسار أكثر حدة بشكل طفيف لزيادات الفائدة على مدى الأعوام القليلة المقبلة، وأشار البعض إلى أنه في مرحلة ما ربما يضطر مجلس الاحتياطي إلى تغيير لغة بياناته للإقرار بأن السياسة النقدية سيتعين أن تتحول إلى محايدة أو "عامل تقييد" للنشاط الاقتصادي.
وعبّر بضعة أعضاء عن اعتقاد، بأنه سيكون من المناسب على الأرجح في مرحلة ما أن ترتفع أسعار الفائدة لبعض الوقت، فوق تقديرات مجلس الاحتياطي للأجل الطويل.
ويتمثل أحد بواعث القلق المحتملة لمسؤولي مجلس الاحتياطي في التهديدات المتبادلة برسوم جمركية بعشرات المليارات من الدولارات بين إدارة ترامب والصين، والتي إذا جرى تنفيذها قد تلحق ضرراً بالنمو في الولايات المتحدة وترفع أسعار المستهلكين.
وهزت تلك التوترات الأسواق المالية بسبب الضرر المحتمل على النمو العالمي.
وفي محضر الاجتماع، أظهر صنّاع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي قلقاً بشأن هذا وأيضاً الضبابية التي تحيط بتأثيرات إجراءات التحفيز التي اتخذها ترامب على استمرارية السياسة المالية وأسعار الفائدة الحقيقية.
وقال محضر الاجتماع "اعتبرت غالبية كبيرة بين المشاركين أن احتمالات اجراءات تجارية انتقامية من دول أخرى بالإضافة إلى مشاكل أخرى والشكوك المرتبطة بسياسات التجارة، تشكل مخاطر لتراجع الاقتصاد الأميركي".
وفي السياق، قال لاري كودلو المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض الأربعاء إن نمو اقتصاد الولايات المتحدة في الربع الأول ربما كان "رخواً"، لكن من المنتظر أن ينتعش في باقي العام، مضيفاً أن مجلس الاحتياطي الاتحادي "شريك جيد للنمو" ويتصرف بروح المسؤولية.
وأبلغ كودلو محطة تلفزيون "سي.إن.بي.سي" أنه "ربما كان لدينا (نمو) رخو في الربع الأول، لكن في الفترة الباقية من العام سترون نمواً بنسبة 3 أو 4 %".
إلى ذلك، سجلت الحكومة الأميركية عجزاً في الميزانية بلغ 209 مليارات دولار في مارس، مع نمو المصروفات وتراجع الإيرادات.
وأكدت وزارة الخزانة في تقريرها الشهري، أن عجز الميزانية في الشهر نفسه من العام الماضي بلغ 176 مليار دولار.
وكان خبراء اقتصاديون استطلعت "رويترز" آراءهم توقعوا عجزاً قدره 194 مليار دولار للشهر الماضي.
وبلغ مجمل عجز الميزانية للسنة المالية 2018، التي بدأت في أول أكتوبر/ تشرين الأول، 600 مليار دولار مقارنة بعجز بلغ 527 مليار دولار في الفترة نفسها من السنة المالية 2017.
وبلغ مجمل الإيرادات الشهر الماضي 211 مليار دولار، بانخفاض قدره 3 % عن مارس 2017، في حين بلغت المصروفات 420 مليار دولار بزيادة قدرها 7 % عن الشهر نفسه من العام الماضي.
(رويترز)