توقعات بانخفاض إنتاج الزيتون الفلسطيني 25%

21 أكتوبر 2015
أغصان الزيتون رمز البقاء في فلسطين(العربي الجديد/عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -


على الرغم من الظروف الأمنية الصعبة الناتجة عن الاعتداءات المتواصلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، انطلقت آلاف العائلات الفلسطينية في رحلة قطف ثمار الزيتون في الضفة الغربية، وهو الموسم الذي يشكل مصدر الدخل الرئيس لنحو مائة ألف أسرة فلسطينية معظمها محدودة الدخل.

ويشكل قطاع الزيتون ما نسبته 15% من قيمة الإنتاج الزراعي في فلسطين، الذي يصل في مجمله إلى مليار دولار سنوياً، بحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني، لكن الزيتون يتعدى القيمة الاقتصادية في نظر الفلسطينيين إلى أبعاد رمزية وطنية تتعلق بالصراع مع المحتل على الأرض والهوية.

ويتوقع أن تصل كمية إنتاج زيت الزيتون، هذا الموسم، إلى 16 ألف طن، مقارنة مع 24 ألف طن، خلال الموسم السابق، بحسب وزارة الزراعة الفلسطينية.

ويعود الانخفاض في الأساس إلى مناخات متطرفة ضربت منطقة بلاد الشام، خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول الماضيين، إضافة إلى تعرض حقول الزيتون القريبة من المستوطنات لاعتداءات متواصلة من المستوطنين بحرق الأشجار أو قطعها وتدميرها.

تراجع الإنتاج

وأوضح رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والتنمية الزراعية، فارس الجابي، لـ"العربي الجديد"، أن: "الزيتون تعرض لموجات حر متلاحقة توجت بموجة غبار غير مسبوقة أثناء مرحلة نمو الثمار، وهو ما سيؤدي هذا الموسم إلى كميات إنتاج أقل، متوقعاً ارتفاع أسعار الزيت مقارنة مع السنوات الماضية".

بدوره، يعزو مدير عام مجلس الزيت الفلسطيني، فياض فياض، تراجع الإنتاج إلى: "جملة من الأسباب، إضافة إلى عامل الطقس، إذ إن إقدام نسبة كبيرة من المزارعين على قطف الثمار في مرحلة ما قبل النضوج، وهرم نسبة كبيرة من الأشجار ساهما في تقليل الإنتاجية".

وأوضح فياض في حديثه مع "العربي الجديد" أن: "الثمار لا تنضج قبل الأول من الشهر المقبل في الكثير من الأصناف، غير أن المزارعين يشرعون بقطافها قبل ذلك الموعد بثلاثة أسابيع".

وأضاف أن: "أكثر من 50% من أشجار الزيتون في الأراضي الفلسطينية يزيد عمرها عن 80 عاماً، ولا تتجاوز نسبة الأشجار الفتية إلا ما بين 30- 35%"، لافتاً إلى أن كميات الإنتاج قلت عبر سنوات طويلة، وليس بين عام وآخر لقلة إنتاج الشجرة بشكل ملحوظ بعد العقد الثالث من عمرها في معظم الأصناف.

ووفقاً لإحصائيات رسمية فلسطينية، فإن معدل إنتاج فلسطين خلال الخمس عشرة سنة الماضية 21 ألف طن من زيت الزيتون، ولا تتوفر أرقام عمّا كان عليه الوضع قبل عام 2000، إلا أن الإنتاج كان أكبر.

ويقدر مدير دائرة الزيتون في وزارة الزراعة، رامز عبيد، أن تنتج فلسطين 100 ألف طن من الزيتون هذا الموسم، لافتاً إلى أن: "وزارة الزراعة تتوقع أن تصل كميات زيت الزيتون المنتجة إلى 16 ألف طن فقط، مقابل 24 ألف طن خلال الموسم في العام الماضي".

وقال إن: "90% من الزيتون المنتج في كل عام يذهب للعصر لاستخراج الزيت، بينما يتم استهلاك 10% من الإنتاج لأغراض المائدة".

وتستهلك الضفة الغربية وقطاع غزة 14 ألف طن من زيت الزيتون سنوياً، ويجري تصدير كميات الإنتاج الفائضة إلى الخارج، خصوصاً دول الخليج العربي، في حين يتم بيع كميات أخرى للفلسطينيين المقيمين في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948.

اقرأ أيضاً: زيتون غزة يشكو وحشية إسرائيل وقسوة الطبيعة

وبعكس ما هو عليه الحال في الضفة الغربية، لا يسد إنتاج قطاع غزة من زيت الزيتون، والذي يبلغ ألفي طن، حجم الاستهلاك المحلي، والذي يقدر بنحو 4 آلاف طن، ويتم تعويض النقص في غزة من إنتاج الضفة في كل عام.

ويعد سعر زيت الزيتون المنتج في فلسطين الأغلى في العالم، نظراً لجودته ولكونه زيتاً عضوياً بلدياً خالياً من أيّ إضافات كيمياوية في مراحل الزراعة والإنتاج كافة، كما أن القطاف اليدوي التقليدي يزيد من الجودة.

وتصل تكلفة إنتاج الكيلو الواحد من زيت الزيتون على المزارع في الأراضي الفلسطينية إلى 3.5 دولارات، في حين يتوقع أن يباع في الأسواق هذا العام بـ 6 دولارات، علماً أن سعر الكيلو الواحد من زيت الزيتون يباع في الأسواق العالمية ما بين 2.5– 5 دولارات.

وفي حديثه مع "العربي الجديد" أوضح، عبيد أن: "زيت الزيتون يعد من أكثر السلع التي تتعرض للغش في العالم لدرجة أن 70% من الزيت الذي يباع في الأسواق الخارجية مغشوش، إما بالخلط مع زيوت أقل جودة وسعراً، أو بسحب المواد المفيدة منه في صناعة الأدوية ومن ثم بيعه".

تحديات

ولا يعتبر إنتاج زيت الزيتون مجدياً للمزارع من الناحية الاقتصادية، نظراً لكونه يتطلب عاماً كاملاً من العناية بالشجرة، والإنتاجية القليلة، مقارنة مع الدول الأخرى المنتجة للزيتون بسبب عدم توفر المياه لدى معظم المزارعين الفلسطينيين واعتمادهم على مياه الأمطار في ري حقولهم، إلا أن عوامل تتعدى الأبعاد الاقتصادية تربط الفلسطينيين بشجرتهم في ظل الصراع المحتدم على الأرض.

ويواجه هذا القطاع تحديات سببها الاحتلال الإسرائيلي، إذ اقتطع جدار الفصل العنصري الذي أقامته إسرائيل في عمق أراضي الضفة الغربية 400 ألف شجرة، فضلاً عن وجود عشرات آلاف الدونمات بالقرب من المستوطنات الإسرائيلية، حيث يحرم أصحابُها الفلسطينيون من الوصول إليها إلّا بتنسيق خاص في موسم القطاف فقط.

وقد يواجه قطاع الزيتون جشع التجار الذين يحترفون تهريب أصناف مستوردة عبر إسرائيل من زيت الزيتون إلى السوق الفلسطينية بأسعار منخفضة وجودة متدنية، وهو ما يؤدي إلى التأثير سلباً على أسعار الزيت المحلي عالي الجودة.

ووفقاً لجهاز الإحصاء الفلسطيني، يعد الزيتون من أهم المحاصيل المنتجة في الأراضي الفلسطينية، وتقدر المساحة المزروعة بأشجار الزيتون نصف مليون دونم فيها 7.6 ملايين شجرة، كما أظهرت نتائج التعداد الزراعي الذي أجراه الجهاز عام 2010.

وكانت المساحات المزروعة بالزيتون ما بين عامي 1993 وحتى 2008 حوالي 1.100 مليون دونم، ويعود سبب الانخفاض الكبير في المساحة إلى الزراعات المبعثرة التي لم يتم احتسابها، وهناك أسباب أخرى، مثل الاعتداءات المتكررة من الاحتلال والمستوطنين، وجدار الفصل العنصري، وفقًا للمصدر ذاته.

 

اقرأ أيضاً: سعر زيت الزيتون الفلسطيني الأعلى منذ 6 سنوات

المساهمون