توجه مصري إلى تعديل قانون الانتخابات لتخفيف الضغوط

20 نوفمبر 2014
يخشى السيسي من تركيبة البرلمان المقبل (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر حكومية مصرية عن وجود اتجاه، لدى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء، بإدخال تعديلات على قانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، اللذين أصدرهما الرئيس المؤقت السابق، عدلي منصور، بما يفتح الباب لتأثير أكبر للأحزاب السياسية التي عانت التهميش منذ فوز عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة اﻷخيرة.
ووفقاً للمصادر، فإن بعض مستشاري السيسي أشاروا عليه القيام بالخطوة لتخفيف الضغط السياسي الذي تتعرض له السلطة من الدول الغربية والشارع في آن واحد، وفي محاولة لتهيئة الفرصة لمناخ سياسي قابل للحركة في إطار حكم 3 يوليو/تموز 2013 وليس خروجاً عليه.

وأعرب هؤﻻء المستشارون، وبعضهم ينتمي إلى القوات المسلحة وشخصيات تكنوقراطية قديمة، عن قلقهم من معاناة مرتقبة لمصر على المستوى الدولي، إذا أفرزت الانتخابات البرلمانية المقبلة مجلساً تشريعيّاً يطغى عليه تيار سياسي واحد مساند للرئيس المصري من دون إعلان أنه ينتمي له، ولا سيما أنّ اﻻنتخابات ستُجرى بالنظام المختلط، بنسبة 77.5 في المائة للفردي و22.5 في المائة للقوائم المطلقة.
وبناءً على هذه المخاوف، أبدى السيسي لرئيس الحكومة، إبراهيم محلب، في اجتماع بينهما عقد يوم الأحد الماضي، عن موافقته على "التعامل بمرونة" مع أي مقترحات تتلقاها الحكومة من اﻷحزاب لتعديل قانوني مجلس النواب والحقوق السياسية، اللذين ستُجرى اﻻنتخابات على أساسهما، ولكن من دون إدخال أي تعديل يؤدي إلى تسلل "إسلاميين ﻻ يمكن السيطرة عليهم، أو شخصيات تنتمي إلى المعسكر الرافض لأحداث 30 يونيو/حزيران 2013".

وانطلاقاً من هذا اللقاء، أصدر محلب تصريحاً أكد فيه "عدم ممانعة الحكومة من إدخال تعديل على القانونين". غير أن السيسي كلّف محلب اﻹشراف على هذا الملف من خلال لجانه المختصة بدراسة الموضوعات المتعلقة باﻻنتخابات في وزارة الشؤون النيابية والعدالة الانتقالية.
وﻻ يحبذ الرئيس المصري إقحام نفسه مباشرة في الأمر. كما ﻻ يريد، بحسب المصادر ذاتها، "التواصل مباشرة مع اﻷحزاب، لإيمانه بعدم فاعليتها على اﻷرض".
وتؤكد المصادر نفسها أنّ السبب الثاني الذي دفع السيسي إلى الانفتاح "غير المباشر على اﻷحزاب" يتمثل في الفشل الذي لحق بمحاوﻻت كمال الجنزوري وعمرو موسى، لتشكيل قوائم موحدة بين الأحزاب المؤيدة للحكم، لخوض الانتخابات والفوز بمقاعد القائمة بنسبة 100 في المائة على الأقل.

وتشير المصادر إلى أن التواصل العملي للجنزوري وموسى كشف أن الأحزاب التي حاول النظام تصديرها إلى الواجهة ضمن تحالفات أيدت ترشح السيسي للرئاسة، من الصعب السيطرة على الشخصيات المؤثرة فيها، نظراً لتناحرها فيما بينها، فضلاً عن انتماء معظمها إلى خريطة تحالفات رموز نظام مبارك، وتبعية بعضها لأجهزة أمنية. وهي نوعية لا يرغب السيسي في تصدرها المشهد في الوقت الحالي.

وأدى ذلك إلى البحث من جديد في قائمة الأحزاب القديمة التي كانت تشكل جبهة الإنقاذ وساهمت في الحشد لتظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013، بما في ذلك تيار المرشح الرئاسي الخاسر، حمدين صباحي، وأحزاب الوفد، المصري الديمقراطي الاجتماعي، الإصلاح والتنمية، والعربي الناصري. وجميعها أحزاب لا تحظى بشعبية حقيقية في الشارع، لكنها تحظى بشهرة إعلامية وخبرة في الانتخابات السابقة، وليست لها علاقات وطيدة بالجهات الأمنية.

كما أدى هذا الأمر إلى تواصل مباشر بين الرئاسة وحزب النور السلفي الشهر الماضي، والذي شكت بعض قياداته للرئيس تعسف الجهات الأمنية ضدها، ونشر شائعات في الصحف ووسائل الإعلام تطالها، ما سيضعف تواجدهم كممثل وحيد للإسلام السياسي. وهو ما تعاطى السيسي معه، حسب المصادر، بإيجابية، ووعد بالتحقيق في هذا الأمر، مؤكداً تقديره لوقوف النور معه في عزل الرئيس المنتمي إلى جماعة الإخوان محمد مرسي.

ويجتمع حزب النور وباقي الأحزاب القديمة حاليّاً على هدف واحد، يتمثل في إتاحة الفرصة لتشكيل قوائم سياسية من الأحزاب أو التحالفات تسمح بدخول عدد من قياداتهم إلى البرلمان، بعيداً عن القائمة المطلقة التي ستسيطر عليها، بحكم القانون الحالي، السيدات والعمال والفلاحون والمرشحون الشباب دون 35 عاماً.

وفي ظل هذا التقارب الحذر بين الدولة والأحزاب، تبدو الحكومة مستعدة لتوجيه ضربات جديدة لكيان جماعة الإخوان المسلمين، وكأن الإجراءات التي اتخذت من قبل بحظر الجماعة وحل حزبها ليست كافية لتقليم أظافرها.

وتؤكد المصادر نفسها أنّ الرئيس المصري أعطى إشارة للسير في إجراءات إصدار قانون الكيانات الإرهابية، الذي أعدته اللجنة التي شكلها للإصلاح التشريعي. وهو قانون ينظم إنشاء قوائم للإرهاب لأول مرة في مصر، ويكلّف محكمة استئناف القاهرة بإصدار أحكام بإدراج الجماعات المتهمة بالإرهاب والأفراد التابعين لها في هذه القوائم، مع التحفظ على أموالهم ومنعهم من مباشرة حقوقهم السياسية.

وتلفت المصادر إلى أن هذا القانون سيمنع "تسلل أي عناصر إخوانية إلى أي برلمان مقبل". كما سيُستخدم لمخاطبة الدول التي توجد لديها قوائم مشابهة للإرهاب، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، بهدف الضغط عليها لاعتبار الإخوان وجماعات إسلامية أخرى، منظمات إرهابية.