سفوان وشط العرب والزبير وأم قصر والمديّنة في البصرة، والشطرة والناصرية والرفاعي والغراف في ذي قار، والديوانية في القادسية، والعمارة في ميسان والسماوة في المثنى والكوت في واسط والحلة في بابل والكوفة والنجف وكربلاء، كانت من أوسع مدن الجنوب تظاهراً، هذا اليوم، مع تسجيل إصابات بالاختناق في صفوف متظاهري ذي قار، وفقاً لمصادر طبية عراقية.
وشهدت التظاهرات ترديد شعارات وهتافات تتناغم مع ما صدر من تسريبات لصحف أميركية تتعلّق بعمالة وتخادم مسؤولين عراقيين بارزين مع إيران على حساب العراق.
وطبع متظاهرون مقتطفات من تلك التسريبات وقاموا بتوزيعها في بغداد وكربلاء والبصرة والنجف وذي قار، مع اهتمام واسع بها على منصات التواصل ضمن هاشتاغات تهتم بنقل أحداث التظاهرات.
ووسط أجواء مشحونة، ومحاولات الأمن العراقي تحجيم اتساع التظاهرات في بغداد، شهدت مناطق ساحة الخلاني وجسر السنك والأحرار وشارع الرشيد، عمليات كر وفر بين الأمن والمتظاهرين، إذ حاول عناصر الأمن إبعاد المتظاهرين عنها، عن طريق قنابل الغاز المسيل للدموع، ما تسبب بحالات اختناق في صفوفهم.
وامتدت التظاهرات حتى منطقتي الكرادة والدورة، واحتشد متظاهرو الكرادة أمام بوابة المنطقة الخضراء وحملوا لافتات تدين التدخل الإيراني وعملائه، بينما عمت التظاهرات في عدد من شوارع الدورة الرئيسة، وسط تطويق من قبل عناصر الأمن للمتظاهرين.
حدة الغضب الشعبي تسارعت أيضاً في المحافظات الجنوبية، والتي حمل المتظاهرون فيها لافتات تندد بـ"أولاد السفارات" في إشارة إلى الجهات الحكومية والحزبية التي تتعامل مع إيران، والتي فضحتها التسريبات التي كشفتها صحيفة "نيويورك تايمز"، وموقع "إنترسبت".
وشهدت محافظة النجف، تسارعاً وزيادة في أعداد المتظاهرين في مركز مدينتها الكوفة، وقد أحرق المتظاهرون في شوارعها الإطارات وحملوا شعارات غاضبة تندد بالقوى السياسية والحكومة، وسط هتاف "شسوالكم العراق هيجي تسوون بي"، (ماذا فعل لكم العراق كي تفعلوا هكذا به).
وأغلق المتظاهرون الغاضبون في محافظة كربلاء، طريق مصفى كربلاء النفطي، ومنعوا الموظفين من الوصول إليه، فيما حاول الأمن تفريقهم بقنابل الغاز والدخان.
أما في ذي قار، فقد تواصل الإضراب العام فيها وأغلقت الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات أبوابها، وأقدم المتظاهرون على إغلاق جامعة ذي قار التي حاول القائمون عليها فتحها أمام الدوام. كما أغلقوا جامعة أهلية حاولت خرق الإضراب، وتجمع الموظفون والطلاب مع المتظاهرين وسط انتشار أمني مكثف، فيما دفع الأمن بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى بلدة الرفاعي التي شهدت عمليات كر وفر بين المتظاهرين وأجهزة الأمن.
وفي البصرة التي شهدت، اليوم الاثنين، تشييع أحد شهداء التظاهرات، توفي أمس في المستشفى متأثرا بجروحه، تصاعدت حدة التظاهرات واستمر المعتصمون بنصب خيامهم أمام دائرة تربية البصرة التي خلت من الموظفين، فيما استمر المتظاهرون بإغلاق ميناء أم قصر، رغم محاولات أجهزة الأمن التفاوض معهم لأجل فتح الميناء.
ولم يختلف الحال في مدية السماوة، مركز محافظة المثنى، والتي شهدت استمرار الإضراب، وتوافد مئات الطلبة والموظفين نحو ساحات الاعتصام في السماوة وبلدة الرميثة، وسط انتشار أمني مشدد.
كما عمت التظاهرات الطلابية محافظتي القادسية وديالى، اللتين شهدتا إجراءات وانتشارا أمنيا مكثفا فيها، كما استمر الاعتصام في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان.
ووفقاً للناشط المدني فواز الشبلي، فإنّ "تسريبات نيويورك تايمز ألهبت التظاهرات والاعتصامات في الجنوب وبغداد"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "تلك التسريبات جاءت تأكيداً لما قاله المتظاهرون، وقد صاعدت من حدة غضبهم ومطالبهم بتخليص العراق من قبضة النفوذ الإيراني".
وأكد أن "أغلب المحافظات رفعت اليوم لافتات تندد بمن وصفوهم بـ(أبناء السفارات) كشتيمة للأحزاب السياسية والقوى الحاكمة، كما تم طبع نسخ من تلك التسريبات وتوزيعها على المتظاهرين".
ومع استمرار القمع الذي يتعرض له المتظاهرون وسقوط قتلى وجرحى بنيران قوات الأمن، يؤكد نواب أن تلك الانتهاكات أفقدت الحكومة شرعيتها. وقالت النائبة عن "دولة القانون" عالية نصيف، في تصريح متلفز، إنّ "حكومة عادل عبد المهدي فقدت شرعيتها مع سقوط أول قطرة دم من المتظاهرين".
وأضافت أنّ "عبد المهدي خذل الذين اختاروه للمنصب، منذ توليه رئاسة الحكومة وتوجهه نحو المحاصصة في اختيار الوزراء".