تكنولوجيا التنقل عن بعد

16 نوفمبر 2015
اقتصاد المعرفة قاطرة التنمية (Getty)
+ الخط -
يبرز اقتصاد المعرفة كرافعة للنظام الاقتصادي الجديد القادر على تسخير العلم لخدمة التنمية الاقتصادية. ففي ظل ندرة الموارد الاقتصادية من موارد طبيعية، أصبح اقتصاد المعرفة خياراً استراتيجياً للدول المتطلعة للحصول على المراكز القيادية في العالم. ويعتمد اقتصاد المعرفة على تحويل موارد إنتاج ونشر المعارف إلى قدرات تعزز الديناميكية التكنولوجية والكفاءة الاقتصادية.
وعلى المنوال ذاته، تواصل التكنولوجيا مسيرتها الغنية بالمنجزات التي تغير حياة البشر وتخطو بها نحو آفاق مستقبلية رحبة، وتدعوها إلى تحقيق قفزات نوعية عبر اختراعات كبرى. وفي هذا الصدد، يكثر الحديث عن تنقل المواد عن بعد أو الانتقال الأثيري TELEPORTATION، فبعد أن أصبح الإنسان قادراً على نقل المعلومات متجاوزاً الحدود الجغرافية والعقبات الزمنية عن طريق شبكة الإنترنت، والتي تخلق تفاعلاً وتواصلاً بين الشعوب، يتزايد النقاش العلمي وتكثر الأبحاث والدراسات حول التنقل عن بعد، لكن ليس للمعلومات وإنما للمواد، حيث تنتقل المادة من مكان إلى آخر بشكل آني في حالة شبيهة بالقصص الأسطورية وأفكار الخيال العلمي.

تطور تكنولوجي
وفي سياق متصل، تحولت هذه الفكرة إلى هم علمي لدى العديد من الباحثين الذين وجدوا فيها سبيلاً مختلفاً قادراً على تغيير أنماط وسلوكيات البشر ومحركاً لثورة مستقبلية تتلاشى فيها الأبعاد المكانية والزمانية. وعلى هذا النحو، بدأ أول الأبحاث سنة 1992 عندما قامت مجموعة من الباحثين التابعين إلى شركة الحواسيب والبرمجيات المعلوماتية IBM بتجربة علمية للانتقال الأني للمواد، فتم نقل قطعة نقدية من معدن الفضة مسافة 90 سنتيمتراً، بعد أن تم وضعها في وعاء زجاجي مفرّغ من الهواء يرتبط بوعاء مماثل له عن طريق قناة من الألياف الزجاجية والمحاطة بمجال كهرومغناطيسي قوي جداً، وبالفعل نجح الأمر واختفت القطعة النقدية من الوعاء الأول لتستقر في الوعاء الثاني، اعتبر هذا البحث بوابة لولوج عالم التنقل عن بعد على الرغم من أنه أخذ بعض الوقت ولم يكن أنياً بما تعنيه الكلمة من معنى.
وأطلق في ما بعد العنان لأبحاث معمقة عن هذه الظاهرة وتداعياتها المجتمعية وتحدياتها الصناعية، والاقتصادية، والإدارية والمؤسساتية، وأشهر هذه الأبحاث تلك التجربة الناجحة التي أجرتها مؤسسة كاليفورنيا للتكنولوجيا سنة 1998، حيث انكب فريق من الباحثين ليس على نقل جسم مادي وإنما أجريت على الفوتون، وهو عبارة عن جسم أولي عديم الشحنة والكتلة، وهو المكون الأساسي للضوء وكل الأشكال الأخرى للإشعاع الكهرومغنطيسي وهو ينتقل بسرعة الضوء.
(كاتب وأكاديمي مغربي)

اقرأ أيضاً:الوظائف ذات الجودة:الأجور والتقديمات الاجتماعية شرط نمو الاقتصاد
المساهمون