تقرير حكومي يعترف بضعف الاقتصاد المصري

13 فبراير 2014
+ الخط -
القاهرة ـ آية أمان

ثورتان وخمس حكومات تعاقبت على مصر منذ سقوط نظام الرئيس الأسبق، حسني مبارك، ولا يزال الاقتصاد المصري يعاني من ارتفاع مؤشرات البطالة وزيادة المديونية الخارجية، رغم الإجراءات التي تنفّذها الحكومة الانتقالية الحالية لإصلاح الاقتصاد المصري، ويظل عدم الاستقرار السياسي هو السبب الرئيسي في ضعف المحاولات المستمرة لتحسين الأداء الاقتصادي.

وكشف تقرير اقتصادي أصدره مركز معلومات مجلس الوزراء المصري، أن الإجراءات العاجلة التي نفذتها الحكومة خلال ستة أشهر من عملها لم يتضح أثرها بشكل كامل على الاقتصاد المصري تأثراً بالأوضاع السياسية غير المستقرة، إلا أن الحكومة "تعوّل على نجاح السياسات والإجراءات الاستثمارية التي نفذتها أخيراً لإيجاد بيئة تشريعية مواتية للاستثمار، وإجراءات تحقيق الانضباط المالي، ومعالجة عجز الموازنة"، بحسب التقرير.

وأوضح التقرير أن مديونية مصر الخارجية قد انخفضت في الفترة الأخيرة، فيما ارتفعت الديون الخارجية، من 43.2 مليار دولار إلى 47 مليار دولار في نهاية الربع الأول من 2013 ـ 2014.

فلسفة الحكومة

وأوضح التقرير الفلسفة الاقتصادية للحكومة الانتقالية، والتي اعتمدت على إعطاء الأولوية لتوفير احتياجات البلاد من المواد التموينية والبترولية، ولإعادة تكوين الاحتياطيات اللازمة لتحقيق الأمن القومي الغذائي والنقدي، وكذلك لإعادة الانتظام إلى مؤسسات الدولة الاقتصادية ووزاراتها ومصالحها عن طريق تمكين أصحاب الخبرة والكفاءة في الجهاز الحكومي من إدارته.

واتخذت الحكومة قراراً بأن تتّبع سياسة إنفاق توسعية رغم ندرة الموارد وارتفاع عجز الموازنة إلى مستويات غير مسبوقة، بهدف تحفيز وتنشيط الاقتصاد القومي وتوفير الخدمات الأساسية، خاصة للفئات محدودة الدخل وخلق فرص عمل جديدة للشباب وتعويض الانخفاض في معدلات الاستثمار الخاص، ودفع الاقتصاد المصري للخروج من حالة الركود التي يعانيها.

وأضاف التقرير أن برنامج الحكومة الانتقالية للتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية تضمن ثلاثة محاور: أولها اتخاذ عدد من الإجراءات العاجلة التي تهدف إلى تخفيف عبء المعيشة عن المواطنين، ثانياً تنفيذ خطط مختلفة لتحفيز الاقتصاد المصري وتنشيطه من خلال زيادة الإنفاق الاستثماري العام لتمويل مشروعات في المجالات ذات الأولوية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي مع زيادة الإنفاق الجاري، بهدف تحفيز الطلب والتشغيل والإنتاج، ثالثاً إصدار مجموعة من الإصلاحات التشريعية والمؤسسية التي تهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والوقاية من الفساد.

تدهور اقتصادي

لكن التقرير أورد عدداً من البيانات توضح تدهور الوضع الاقتصادي خلال الأعوام الثلاثة الماضية؛ حيث انخفضت معدلات النمو الاقتصادي لمصر تدريجياً منذ عام 2011 من 6.50% إلى %4، وفي 2012 من 4% إلى 2.8%، فيما 2013، وحالياً، وصلت إلى 1.8%، وزادت معدلات التضخم في الأسعار، فيما تعتبر الأجور غير مناسبة في الوقت الحالي للأسعار، حيث يظهر التضخم بشكل واضح في أسعار السلع والمنتجات، مما لا يفي معه بمتطلبات الحياة اليومية.

وتحدث التقرير عن  قطاع السياحة في مصر الذي تراجعت إيراداته بسبب حالة الانفلات الأمني الملحوظ. فبعد أن شهد القطاع في عام 2009 أكبر معدل للسياحة بوجود 13 مليون سائح، وفي 2010 بلغ 11.5 مليون سائح، انخفض إلى 1.5 مليون سائح فقط في 2011، ثم 3 ملايين سائح في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، حيث انخفضت إيرادات السياحة إلى ما بين 3 ـ 4 مليارات دولار سنوياً.

وعلق وزير التضامن الاجتماعي، أحمد البرعي، على سياسات الحكومة لتجاوز الأزمة الاقتصادية قائلاً: "الوضع الحالي ليس مسؤولية الحكومة وحدها، ويجب أن يتفهّم الشعب المصري المشاكل الاقتصادية ويعاون الحكومة على حلها.

وأضاف البرعي، في تصريح خاص لـ"لجديد"، أن ظاهرة ارتفاع الأسعار ترجع إلى العرض والطلب، ولكن الحكومة نجحت في وضع سياسات وإجراءات لإحكام السيطرة على السوق ومنع المزايدات من التجار المحليين على بعض السلع.

ضعف أداء الحكومة

وانتقد خبراء اقتصاديون الإجراءات التي قامت بها الحكومة من إصلاحات ضريبية، والتي قد تتسبب في الركود الاقتصادي، مؤكدين أنه لا يمكن الحكم على قوة الاقتصاد وقدرته على التعافي عبر مؤشرات البورصة التي ترتفع وتنخفض وفق الحالة السياسية والحالة الأمنية اليومية والتي لا تزال تشهد المزيد من التوتر وعدم الاستقرار بسبب الهجمات الإرهابية المتكررة.

ولا يزال الاقتصاد المصري يعاني من ارتفاع معدلات البطالة بعد هروب عدد من المستثمرين من مصر لسوء المناخ السياسي في الفترة الأخيرة وزيادة حالات الانفلات الأمني، ما أدى إلى إغلاق عدد كبير من المصانع والشركات، وساعد على زيادة النسبة بشكل كبير خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة.

وكان عدد العاطلين في مصر عام 2011 يقدّر بحوالى 7 ملايين عاطل، وارتفعت هذه النسبة حتى وصلت عام 2012 إلى 8.5 مليون عاطل، وفي عام 2013 بلغت حوالى 11 مليون عاطل.

وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، فخري الفقي: إن حكومة حازم الببلاوي لم تنجح في وضع خريطة اقتصادية واضحة المعالم بتواريخ محددة المدة، كما أنها أخطأت بعدم لجوئها لصندوق النقد الدولي.

وأضاف أن تعجّل الحكومة في إصدار قرار رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه مصري وضعها في ورطة لعدم وجود مخصصات مالية كافية لتغطية الصرف على هذه النفقات الإضافية التي ستحمّل الموازنة العامة للدولة عبئاً إضافياً.

وقال الخبير الاقتصادي، هاني توفيق، تعليقًا على ضعف أداء الحكومة: إن المؤشرات التي تتحدث عنها الحكومة لتؤكد نجاحها في السيطرة على الوضع الاقتصادي، هي مجرد استثمارات الدولة العادية، وكان من الأهمية ضخ الاستثمارات في الصناعات كثيفة العمالة من المشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة رأس المال في السوق وتحقيق التنمية المنشودة.

ولا تزال آمال الحكومة معلّقة على نجاح خارطة الطريق لتحسين الوضع الاقتصادي والخروج من المأزق الحالي، حيث الانتهاء من الاستحقاقات السياسية المتبقية المتمثلة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وحكومة وفق الدستور الجديد، وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني، واتّباع سياسات اقتصادية سليمة مع تحسين مناخ الاستثمار لتكون أكثر جاذبية للمستثمرين.