تقرير: استمرار مسلسل استهداف الصحافيين والناشطين في العالم العربي

03 مايو 2017
تنتشر حالات تعذيب الصحافيين في السجون (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
أصدرت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" تقريرها السنوي عن أوضاع حرية الفكر والتعبير في الدول العربية عن عام 2016، وأكدت فيه "استمرار استهداف الناشطين والصحافيين"، ووثّقت الانتهاكات التي تطاول الصحافيين والناشطين على خلفية تأدية مهامهم أو إدلائهم بآرائهم.

وعرضت الشبكة في تقريرها الصادر بالتعاون مع "مركز الخليج لحقوق الإنسان" و"مؤسسة مهارات"، بمناسبة "اليوم العالمي لحرية الصحافة"، واقع حرية الرأي والتعبير في 14 دولة عربية.

وتطرق التقرير إلى مسألة استغلال قوانين مكافحة الإرهاب وتشريعات مكافحة الجرائم الإلكترونية، لملاحقة الناشطين والصحافيين، بالإضافة إلى ممارسة الضغوط المتنوعة، وبينها التضييق القضائي على المنظمات المستقلة والرصينة المعنية بحقوق الإنسان، وانتشار حالات التعذيب وسوء معاملة الناشطين في السجون.

 

تونس

أكد التقرير أن تونس لا تزال في مكانها من حيث احترام حرية التعبير، وصادق البرلمان التونسي على نسخة معدلة لمشروع قانون تداول المعلومات يحدّ من الاستثناءات والمصطلحات المطاطة والعمومية التي أعاقت الوصول إلى المعلومات في القانون السابق.

ولا يزال الصحافيون في تونس يتعرضون لضغوط كثيرة، إذ في بداية 2016، جرى التحقيق مع عدد من الصحافيين التونسيين أمام الفرق الأمنية المختصة في مكافحة الإرهاب، إثر نشرهم مواد إعلامية، ومحاكمة ثلاثة صحافيين آخرين من قبل المحاكم العسكرية.

كما اقتُحم منزل نقيب الصحافيين من قبل مسلحين في واقعة يبدو أنها لم تكن بغرض السرقة.

 

الجزائر

أفاد التقرير بأن "حرية الإعلام في الجزائر تشهد تراجعاً حاداً، وتؤكد تصريحات المسؤولين مدى العداء تجاه حرية الصحافة في العام 2016".

إذ دعا وزير الإعلام الجزائري، حميد قرين، بشكل صريح إلى الامتناع عن التعامل مع الصحف التي "تبث الفتنة وتقدم صورة مزيفة عن الجزائر"، وفقاً له. كما صرح رئيس الوزراء الجزائري، عبدالمالك سلال، بأنه كلّف وزير الإعلام حميد قرين، بما سماه "تنظيم وتطهير" الأوضاع في قطاع الإعلام الفضائي، وإغلاق مكاتب أكثر من 50 فضائية خاصة، لإنهاء ما أطلق عليه "الفوضى" في هذا القطاع.

كما أن وسائل الإعلام تتعرض لضغط كبير وانتهاكات صريحة ومنهجية، ولا يزال العديد من المواضيع لا يُسمح بمناقشتها بما في ذلك الفساد وصحة الرئيس. وقد صدرت أحكام بسجن أربعة مدونين ومهنيين إعلامين بتهم جنائية في عام 2016.

 

السودان

أشار التقرير إلى أن "جهاز المخابرات والأمن الوطني الذي عززت صلاحياته يقوم بمضايقة الصحافيين ومراقبتهم وضبط وسائل الإعلام المطبوعة من خلال الرقابة عليها ومصادرة أعدادها".

ولم تسلم حرية الصحافة من جملة الانتهاكات، ولعل جريدة "الجريدة" التي صودرت أعدادها في عام 2016 نحو 5 مرات خير دليل، بالإضافة إلى مصادرة أعداد جريدة "السوداني" المقربة من النظام، وجريدة "التغيير". ونفذ الأمن السوداني 16 مصادرة لست صحف خلال خمسة أيام بين 28/11/2016 و2/12/2016، وشملت صحف "الوطن"، "الصيحة"، "الجريدة"، و"الأيام".

 

مصر

استمر التدهور الحاد الذي يشهده وضع حرية الفكر والتعبير خلال عام 2016، ولم تسلم حرية الصحافة من تراجع وضع حرية التعبير، ففي حالات عديدة يتم التذرع بمكافحة الإرهاب والأمن القومي لقمع الناشطين والصحافيين والعاملين في منظمات المجتمع المدني، ويقبع عشرات الصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي في السجون بسبب عملهم، وفقاً للتقرير.

وبموجب قانون مكافحة الإرهاب الذي اعتمد في آب/أغسطس 2015، فإن الصحافيين ملزمون لأسباب تتعلق بالأمن القومي بأن يبلغوا فقط عن الرواية الرسمية للهجمات "الإرهابية". ومن المتوقع أن يؤدي قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام الذي صدر في ديسمبر/كانون الأول 2016 إلى زيادة سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام.

كما فرضت السلطات قيوداً على التظاهر السلمي، وإضرابات العمال، ومنظمات المجتمع المدني والعاملين فيها، بما في ذلك منظمات تهدف إلى تطوير التعليم والصحة.

ولا تزال السلطات تضيّق على المدافعين عن حقوق الإنسان، وتستخدم القضية رقم 173 لعام 2011، التي تم فتحها في أعقاب ثورة يناير، والتي لم تنته التحقيقات فيها حتى كتابة هذا التقرير، سيفاً مسلطاً على رقاب العاملين في منظمات المجتمع المدني عموماً، وبموجبها مُنع عدد كبير من الناشطين البارزين من السفر، والتحفظ على أموال وممتلكات شخصيات ومنظمات تعمل في الدفاع عن حقوق الإنسان.

 

موريتانيا

شهدت موريتانيا في عام 2016 انتهاكات عديدة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، لا سيما حركة "إيرا" المعنية بالنضال ضد الرق.

كما تعاملت قوات الأمن بعنف شديد في فض تظاهرات سلمية، واعتقلت العديد من الناشطين من دون داعٍ، وشهدت موريتانيا أسرع محاكمة مدنية لصحيفتين إلكترونيتين بدعوى التشهير بنجل رئيس الجمهورية.

 


لبنان

أفاد التقرير بأن أزمة الصحف الورقية في لبنان استفحلت في العام 2016، نجم عنها إقفال جريدة "السفير" اللبنانية العريقة نسختيها الورقية والإلكترونية وتسريح حوالي 130 صحافياً وموظفاً في الجريدة.

كما تعرض عشرات الصحافيين في صحف أخرى للصرف وعدم تسديد أجورهم المستحقة، أبرزها صحيفتا "النهار" و"المستقبل"، مقابل تدخل خجول للدولة عبر وزارة الإعلام التي تقدمت ببعض المقترحات والأفكار للتخفيف من حدة الأزمة وانعكاساتها على مستقبل المؤسسات الصحافية.

 

الأردن

لا تزال حرية الرأي والتعبير في الأردن مقلقة، حيث يخضع الصحافيون في الأردن لمراقبة وثيقة من قبل أجهزة الاستخبارات، ويجب أن يتبعوا لنقابة الصحافة الأردنية التي تسيطر عليها الدولة.

وعززت السلطات سيطرتها، وخاصة عبر الإنترنت، منذ عام 2012، عندما عُدل قانون المطبوعات والنشر. وحظرت مئات المواقع الإلكترونية منذ عام 2013، لعدم حيازتها تراخيص كمواقع إخبارية إلكترونية.

وغالباً ما تستخدم الأسباب الأمنية لمقاضاة الصحافيين وأحيانًا سجنهم بموجب قانون الإرهاب ونصوصه الفضفاضة. وتحد أوامر حظر النشر الصادرة عن هيئة الإعلام الأردنية من النقاش العام، كما تحد من وصول الصحافيين إلى المعلومات المتعلقة بالقضايا الحساسة.



سورية

أفاد التقرير بأن "تدهور وضع حقوق الإنسان في سورية يستمر مع استمرار الصراع. حرية التعبير مقيدة بشدة، والصحافيون والناشطون على الإنترنت مستهدفون نتيجة لعملهم".

شهد عام 2016 وقوع 183 انتهاكاً طاول الصحافيين والمواطنين الصحافيين والمراكز الإعلامية في سورية، منها توثيق مقتل 52 ناشطاً إعلامياً وفقا للتقرير السنوي الصادر عن "المركز السوري للحريات الصحافية" في رابطة الصحفيين السوريين المعارضين للنظام.

وباتت سورية الدولة الأكثر دموية في العالم بالنسبة للصحافيين مع مقتل 19 صحافياً فيها عام 2016 مقابل 9 عام 2015، وفقاً لمنظمة "مراسلون بلا حدود".

 

البحرين

ذكر التقرير: "زادت السلطات البحرينية من القيود على وسائل الإعلام الإلكترونية عبر إصدار وزير الإعلام في 16 يوليو/تموز 2016، قراراً لا يسمح بموجبه للصُحف المرخصة باستخدام وسائل الإعلام الإلكترونية، إلا بعد الحصول على ترخيص من إدارة وسائل الإعلام وذلك لمدة سنة قابلة للتجديد. وذلك من دون وضع أي معايير محددة لمنح الموافقة على طلب الترخيص، أو النص على طرق الطعن في قرارات الرفض".

 

المملكة العربية السعودية

أشار التقرير إلى أن "حالة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية بقيت حرجة طوال السنين الماضية وحتى وقتنا الحاضر. وتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان بشكل متزايد للاعتقال والمحاكمات والأحكام الطويلة والمضايقات نتيجة أنشطتهم السلمية ومشاركتهم مع المنظمات غير الحكومية".

وأضاف "لا يزال الكثيرون في الاعتقال، حيث يتعرضون لسوء المعاملة بشكل مستمر. ولا تزال حقوق النساء والفتيات عرضة للانتهاك، ويُستهدف الناشطون على الإنترنت بسبب تعبيرهم عن حقهم في حرية الرأي والتعبير. وما برح المدافعون عن حقوق الإنسان يمثلون أمام المحكمة الجزائية المتخصصة في التعامل مع القضايا المتعلقة بالإرهاب".

 

عُمان

"لا تزال قضية حرية الرأي والتعبير رئيسية في عمان. إن عمان بلد صغير مع مستويات عالية من الرقابة التي فرضت قوانين وقيوداً صارمة على أنشطة حقوق الإنسان، حيث تعمل الأجهزة الحكومية في عُمان على حصار المؤسسات الصحافية والإعلامية في مربع الدعاية للحكومة وإنجازاتها وتعمد إلى تجريم أي نقد يسلط الضوء على أخطاء السلطة التنفيذية وممارساتها أو كشْف الحقائق حول قضايا الفساد في الجهاز الإداري"، وفقاً للتقرير.

 

الكويت

اعتبر التقرير أن "الأحكام المكتوبة بشكل غامض من قانون الجرائم السيبرانية الذي بدأ العمل به في كانون الثاني/ يناير 2016 تشكل تهديداً للمدونين والصحافيين على الإنترنت الذين ينشرون أي محتوى بالغ الأهمية. وهناك قانون إعلام إلكتروني جديد اعتمد في نفس الشهر يجبرهم على التقدم بطلب إلى الحكومة للحصول على ترخيص.

وأعرب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالفعل عن قلقه في عام 2015 بشأن "القيود المفرطة على حرية التعبير الواردة في قانون الصحافة والنشر والتشريعات ذات الصلة".


 

الإمارات العربية المتحدة

أكد التقرير أن دولة الإمارات العربية المتحدة تراقب بانتظام الصحافيين والناشطين عبر الإنترنت، وغالباً يقعون ضحية قانون الجرائم الإلكترونية لعام 2012، ويُتهمون بالتشهير وإهانة الدولة أو نشر معلومات كاذبة بهدف الإضرار بسمعة البلاد، ويتعرضون لخطر السجن الطويل ولسوء المعاملة فيه.

 

توصيات المنظمات الثلاثة

أصدرت المنظمات الثلاثة عدة توصيات، أهمها ضمان الحق في حرية التعبير وحرية الرأي، من خلال اتخاذ جميع التدابير الممكنة بما في ذلك حماية الصحافيين والإعلاميين والناشطين على الإنترنت من أي انتقام أو من المضايقة القضائية، والتأكد من أن التشريعات، بما في ذلك تشريعات مكافحة الجرائم الإلكترونية وتشريعات مكافحة الإرهاب، ﻻ يتم استخدامها كأداة لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان بسبب عملهم السلمي في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك تعديل هذه التشريعات عند الضرورة.

كما أوصى التقرير بضمان احترام وحماية الحق في حرية التجمع السلمي، بما يسمح للناس بالاحتجاج سلمياً من دون خوف من العنف الجسدي أو التهديد أو أي شكلٍ من أشكال الانتقام، وضمان احترام وحماية الحق في حرية تكوين الجمعيات السلمية، كي تتمكن المنظمات غير الحكومية المستقلة لحقوق الإنسان أن تعمل بشكل آمن وخالٍ من التضييق القضائي والاعتقال والاعتداء.