تقدُّم كويرس... النظام السوري يحتاج المطار لقصف الشمال والشرق

12 نوفمبر 2015
قوات النظام قبل دخولها مطار كويرس (جورج أورفاليان/فرانس برس)
+ الخط -
نجحت قوات النظام السوري في فكّ الحصار عن مطار كويرس العسكري، الواقع على بعد 40 كيلومتراً، شرقي مدينة حلب، بعد ثلاث سنوات تناوبت فيها قوات المعارضة، ومن ثم تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على فرض حصار مطبق وكلّي على نحو 600 عسكري من النظام، كانوا داخل المطار والكلية الفنية الجوية الملاصقة له، قبل أن ينخفض عددهم إلى النصف تقريباً بعد ثلاث سنوات من الهجمات الفاشلة التي لم تتكلل بالسيطرة على المطار.

يكشف الناشط الإعلامي حسن الحلبي لـ"العربي الجديد" عن "تمكن قوات النظام من فتح طريق يصل مناطق سيطرتها بريف حلب الشرقي بمطار كويرس العسكري، المحاصر من داعش، بعد يومين من سيطرة قوات النظام على قرية الشيخ أحمد، الواقعة جنوب غرب المطار بريف حلب الشرقي، لتتمكن قوات النظام، مساء الثلاثاء، من السيطرة على أجزاء واسعة من قرية كويرس شرقي، الواقعة جنوبي غربي المطار". ويضيف الحلبي أن "ذلك سمح لقوات النظام بفتح طريق يصل مطار كويرس العسكري بمناطق سيطرتها في مدينة سفيرة، بريف حلب الشرقي، لتفكّ فعلياً الحصار الذي أُطبق على مطار كويرس لثلاث سنوات".

وذكرت الصفحة الخاصة بـ"قوات النمر" على موقع "فيسبوك"، وهي أكبر مليشيا محلية تابعة للنظام، تقاتل في المنطقة، "تمكن مجموعة تابعة للمليشيا، تُعرف باسم مجموعة الحمزة، من دخول المطار، بعد فتح أول طريق يصل مناطق سيطرة النظام والمطار بريف حلب الشرقي".

وتكشف الصفحة أن "وسائل الإعلام الموالية للنظام بثت صوراً تُظهر جثث مسلّحي داعش الذين قُتلوا أثناء المعارك المستمرة في محيط قريتي كويرس شرقي والشيخ أحمد خلال اليومين الأخيرين، قبل أن تتمكن قوات النظام من السيطرة على المنطقة".

اقرأ أيضاً: النظام السوري يقصف مخيماً للنازحين قرب الحدود التركية

واعتمدت قوات النظام في تقدمها نحو المطار بريف حلب الشرقي خارطة تحرك مكّنتها من الاستفادة من وجود سبخة الجدول الممتلئة بالمياه، والتي تقع جنوب غرب المطار. الأمر الذي منع "داعش" من ضرب الخطوط الخلفية لقوات النظام أثناء هذا التقدم. كما ساهم تمركز قوات النظام على تلال استراتيجية مهمة، مطلة على منطقة محطة حلب الحرارية، والتي يسيطر عليها التنظيم، كتل النعام وتل الريمان وتل بلاط، في منع تحرّك التنظيم. وتُشرف تلك التلال على مساحات واسعة في ريف حلب الشرقي، الأمر الذي استغلّته قوات النظام من خلال نصب مضادات الدروع عليها، بالتالي استهداف أي آليات تابعة لـ"داعش"، تحاول الاقتراب من خطوط النظام الخلفية، أثناء تقدمها نحو مطار كويرس.

ويقع المطار شرقي مدينة حلب، ويبعد عنها 40 كيلومتراً، وتحاذيه من الغرب بلدة كويرس شرقي، ومن الشرق قرية رسم عبود، ومن الشمال قرية عربيد، ومن الجنوب قرية حوسة. وهي جميعها ما تزال بيد "داعش"، عدا قرية كويرس شرقي التي شقّت منها قوات النظام طريقاً إلى المطار لتفك الحصار عنه.

وتبلغ مساحة المطار 400 هكتار، ويضمّ مدرجاً يزيد طوله على كيلومترين، ونحو عشر حظائر إسمنتية. ويتبع المطار للكلية الفنية الجوية، التابعة لوزارة الدفاع السورية. وكان يحوي قبل انطلاق الثورة في سورية (2011)، نحو 150 طائرة تدريبية من طراز "لام 39" بالإضافة إلى عدد من المروحيات. وتتواجد في المطار قطع دفاع جوي تابعة لـ"الفوج 111 دفاع جوي" في قوات النظام.

وسعت قوات النظام إلى التقدم نحو مطار كويرس، وفك الحصار عنه، بهدف التوغّل في مناطق سيطرة "داعش" بريف حلب الشرقي، وبالتالي تثبيت وجودها هناك، وربما التفكير مستقبلاً في التقدم شمالاً نحو مناطق سيطرة التنظيم، شمال شرق حلب، والتي اقترحت الحكومة التركية منذ ثلاثة أشهر تحويلها إلى منطقة "آمنة وخالية من مسلحي داعش والتنظيمات المتطرفة وممنوع على طيران قوات النظام القيام بقصفها".

وغاب مشروع "المنطقة الآمنة التركية عن المشهد السوري مع الأزمة السياسية التركية الداخلية، والتي انتهت بفوز حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بأغلبية برلمانية تسمح له بتشكيل الحكومة منفرداً مطلع الشهر الحالي، الأمر الذي يدفع باحتمال تجديد تركيا مساعيها لإقامة "منطقة آمنة" شمال شرق حلب. وهو ما أفاد به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، مشيراً إلى أن "الحلفاء يقتربون من فكرة إقامة منطقة آمنة، شمال سورية".

ويبدو أن النظام قد تنبّه لذلك منذ وقت طويل، فبدأ منذ نحو 78 يوماً عملية عسكرية كبيرة، في محاولة لفكّ الحصار عن مطار كويرس، والذي يبعد 55 كيلومتراً فقط عن الحدود السورية التركية، وعشرة كيلومترات عن حدود المنطقة التي اقترحت الحكومة التركية لإنشاء "منطقة آمنة" بها.

واستفادت قوات النظام في تقدّمها داخل مناطق سيطرة التنظيم بريف حلب الشرقي، من الغطاء الجوي الروسي، والذي شنّ خلال الأسابيع الأخيرة عشرات الغارات الجوية، على نقاط تمركز "داعش"، في المنطقة المحيطة بمطار كويرس. كذلك استفادت قوات النظام من وجود مقاتلي المليشيات العراقية والإيرانية الذيت يشكلون مع المليشيات المحلية الموالية للنظام رأس حربة قوات النظام، والتي تقدّمت باتجاه فك الحصار عن مطار كويرس العسكري.

وبدأت آثار سيطرة قوات النظام على طريق يصل مطار كويرس بمناطق سيطرتها بريف حلب الشرقي بالظهور، بعد تدفق عشرات آلاف النازحين من المناطق المحيطة بالمطار، والتي يسيطر عليها "داعش" بريف حلب الشرقي، نحو مناطق سيطرة التنظيم، في ريف حلب الشمالي الشرقي، البعيد عن مطار كويرس، خوفاً من تقدم قوات النظام شمالاً.

ويبقى احتمال تفعيل قوات النظام لمطار كويرس العسكري بعد فك الحصار عنه قائماً، فبالإضافة إلى مساعي قوات النظام إلى توسيع رقعة سيطرتها في محيط مطار كويرس، فقد تعمد هذه القوات إلى السيطرة على القرى المحيطة بالمطار لتؤمن محيطه بشكل كامل، ومن ثم تقوم بتشغيله وملئه بالطائرات الحربية، والتي سيُناط بها بلا شك قصف مناطق سيطرة المعارضة السورية وداعش في شمال وشرق سورية. وهي مناطق تقصفها طائرات النظام حالياً، انطلاقاً من المطارات العسكرية المتواجدة في الساحل السوري وأرياف حمص ودمشق.

اقرأ أيضاً: تقدم المعارضة بمورك ومقتل قيادي لحزب الله بحلب

المساهمون