كيف نفسّر أصوات الطيور؟ عند حلول فصل الربيع، حين يطول النهار، تنضج الغدد الجنسية عند الطيور مثلما تنضج حبالها الصوتية، فنسمع في الخارج الطيور وهي تقيم حفلات خاصة بها. وقد وصّف أحدهم تأثير طول النهار على الطيور جنسياً، على أنّه "فياغرا الطيور". والواقع هو أنّ طول مدّة النهار يؤثّر من خلال عصب العين على الغدّة النخامية في المخ التي ترسل إشاراتها فتنشّط الغدد الجنسية.
بالعودة إلى موضوعنا، ومع قليل من التركيز والمراقبة، ندرك أنّ تلك الأصوات التي نسمعها هي لأنواع عدّة من الطيور. عند الطيور المغرّدة وأنواع أخرى مثل أبو عمي (ملهي الرعيان) والكوكو والبوم، فإنّ الأصوات تُستخدم لجلب الشريك وحماية منطقة التعشيش. ويقوم الذكور عادة بهذه المهمة في فصل الربيع. لكن ثمّة إناثاً من الطيور تستطيع أن تضاهي الذكور بالغناء مثل أبو الحن والنمنمة وغيرهما كثير (71 في المائة من الطيور). وقد ثبت أنّ غناء الزوجَين معاً يؤدّي إلى إخافة الدخلاء بصورة أكبر. وثمّة أنواع من الطيور تستطيع الغناء في الليل والنهار (0.12 في المائة من الطيور)، مثل العندليب وأبو الحنّ وأبو عمي وغراب الليل، لا بل في خلال جزء كبير من العام وقبل بزوغ الشمس وبعد غروبها كذلك. وهذه هي حال أبو الحنّ وسنّ المنجل الكبير وسن المنجل الأزرق، وربّما يكون ذلك بسبب الإضاءة الاصطناعية التي تتعرّض لها.
على مدار العام، تتواصل الطيور مع بعضها البعض من خلال نداءات تكون عادة مخالفة للغناء، إذ إنّها تأتي بسيطة التركيب وفي معظم الأحيان من مقطع واحد مكتسب غريزياً في العادة. أمّا الغناء، فتتعلمه الفراخ - بمعظمه - من أهلها، لتضيف إليه شيئاً ممّا تسمعه في محيطها. بالنسبة إلى النداء، فهو يتألف من مقاطع مختلفة. يُذكر أنّ لدى الغراب على سبيل المثال 33 نداءً ولكلّ نداء معنى مختلف. والمدهش أنّ هذا التنوع في النداءات يخدم حالات مختلفة. عندما يشاهد طائر مثل سنّ المنجل طائراً جارحاً في السماء، فإنّه يطلق صيحة حادة قصيرة المدى تُنبّه الطيور من جنسه في الجوار، من دون أن يعرف مكانه. أمّا إذا شاهد جارحاً على غصن، فإنّه يطلق صيحة قوية تؤدّي إلى تجمّع الطيور من جنسه، فتعمد إلى إزعاج الطائر الجارح ودفعه إلى مغادرة المكان.
في أثناء تناول الطعام أو الطيران في رفوف أو حتى في أثناء الهجرة الليلية، تقوم الطيور - بمعظمها - بالتواصل مع بعضها البعض عبر أصوات ذات مقاطع قصيرة وسريعة وهادئة. وعندما تبتعد عن بعضها البعض، فإنّها ترفع النبرة للحفاظ على استمرار التواصل. أمّا في خلال المعارك في ما بينها، فإنّ الأصوات تصير كالصراخ والعويل. أما الفراخ في العشّ، فإنّها تنادي أمّها كأنّها تقول بإلحاح: "أطعمينا". ومن الأصوات ما يشبه رنين الهاتف القديم ومنها ما هو طنين.
اقــرأ أيضاً
وبحسب العادة، يكون الصوت الدافئ منخفضاً وملآن ويكون الصوت الرقيق عالياً أو منخفضاً. ونجد الأصوات الجرشة التي تخدش الأذن (الغراب)، والأصوات التي تشبه الجرس (الصلنج) أو صوت الناي (السمنة الزرقاء) أو الصفارة (الخضيري) أو صوت الضرب على المعدن (سنّ المنجل). ومن الأصوات ما هو مميّز، فأبو عمي يصدر صوتاً كمن يضرب على الطبل أو الجذع المجوّف بتكرار سريع النمط، بينما يصدر نقّار الخشب صوتاً يشبه الضرب بالمطرقة أو الشاكوش ضربات متتالية وسريعة كذلك. أمّا البومة الكبيرة فصوتها على مسمّاها، وهي تطلق صوت "بو بو"، إلا أنّ الغريب هو أنّ الهدهد الجميل يصدر تقريباً الصوت نفسه إنّما على هذا الشكل "بو بو بو". أخيراً، ثمّة طيور تجذب شريكها بضرب الجناحَين المميّز، أو أنّها تغطس في الماء محدثة ضجّة خاصة، أو أنّها تطقطق بمنقارها مثلما يحدث مع طائر اللقلاق الأخرس.
*اختصاصي في علم الطيور البرية
بالعودة إلى موضوعنا، ومع قليل من التركيز والمراقبة، ندرك أنّ تلك الأصوات التي نسمعها هي لأنواع عدّة من الطيور. عند الطيور المغرّدة وأنواع أخرى مثل أبو عمي (ملهي الرعيان) والكوكو والبوم، فإنّ الأصوات تُستخدم لجلب الشريك وحماية منطقة التعشيش. ويقوم الذكور عادة بهذه المهمة في فصل الربيع. لكن ثمّة إناثاً من الطيور تستطيع أن تضاهي الذكور بالغناء مثل أبو الحن والنمنمة وغيرهما كثير (71 في المائة من الطيور). وقد ثبت أنّ غناء الزوجَين معاً يؤدّي إلى إخافة الدخلاء بصورة أكبر. وثمّة أنواع من الطيور تستطيع الغناء في الليل والنهار (0.12 في المائة من الطيور)، مثل العندليب وأبو الحنّ وأبو عمي وغراب الليل، لا بل في خلال جزء كبير من العام وقبل بزوغ الشمس وبعد غروبها كذلك. وهذه هي حال أبو الحنّ وسنّ المنجل الكبير وسن المنجل الأزرق، وربّما يكون ذلك بسبب الإضاءة الاصطناعية التي تتعرّض لها.
على مدار العام، تتواصل الطيور مع بعضها البعض من خلال نداءات تكون عادة مخالفة للغناء، إذ إنّها تأتي بسيطة التركيب وفي معظم الأحيان من مقطع واحد مكتسب غريزياً في العادة. أمّا الغناء، فتتعلمه الفراخ - بمعظمه - من أهلها، لتضيف إليه شيئاً ممّا تسمعه في محيطها. بالنسبة إلى النداء، فهو يتألف من مقاطع مختلفة. يُذكر أنّ لدى الغراب على سبيل المثال 33 نداءً ولكلّ نداء معنى مختلف. والمدهش أنّ هذا التنوع في النداءات يخدم حالات مختلفة. عندما يشاهد طائر مثل سنّ المنجل طائراً جارحاً في السماء، فإنّه يطلق صيحة حادة قصيرة المدى تُنبّه الطيور من جنسه في الجوار، من دون أن يعرف مكانه. أمّا إذا شاهد جارحاً على غصن، فإنّه يطلق صيحة قوية تؤدّي إلى تجمّع الطيور من جنسه، فتعمد إلى إزعاج الطائر الجارح ودفعه إلى مغادرة المكان.
في أثناء تناول الطعام أو الطيران في رفوف أو حتى في أثناء الهجرة الليلية، تقوم الطيور - بمعظمها - بالتواصل مع بعضها البعض عبر أصوات ذات مقاطع قصيرة وسريعة وهادئة. وعندما تبتعد عن بعضها البعض، فإنّها ترفع النبرة للحفاظ على استمرار التواصل. أمّا في خلال المعارك في ما بينها، فإنّ الأصوات تصير كالصراخ والعويل. أما الفراخ في العشّ، فإنّها تنادي أمّها كأنّها تقول بإلحاح: "أطعمينا". ومن الأصوات ما يشبه رنين الهاتف القديم ومنها ما هو طنين.
وبحسب العادة، يكون الصوت الدافئ منخفضاً وملآن ويكون الصوت الرقيق عالياً أو منخفضاً. ونجد الأصوات الجرشة التي تخدش الأذن (الغراب)، والأصوات التي تشبه الجرس (الصلنج) أو صوت الناي (السمنة الزرقاء) أو الصفارة (الخضيري) أو صوت الضرب على المعدن (سنّ المنجل). ومن الأصوات ما هو مميّز، فأبو عمي يصدر صوتاً كمن يضرب على الطبل أو الجذع المجوّف بتكرار سريع النمط، بينما يصدر نقّار الخشب صوتاً يشبه الضرب بالمطرقة أو الشاكوش ضربات متتالية وسريعة كذلك. أمّا البومة الكبيرة فصوتها على مسمّاها، وهي تطلق صوت "بو بو"، إلا أنّ الغريب هو أنّ الهدهد الجميل يصدر تقريباً الصوت نفسه إنّما على هذا الشكل "بو بو بو". أخيراً، ثمّة طيور تجذب شريكها بضرب الجناحَين المميّز، أو أنّها تغطس في الماء محدثة ضجّة خاصة، أو أنّها تطقطق بمنقارها مثلما يحدث مع طائر اللقلاق الأخرس.
*اختصاصي في علم الطيور البرية