تفاهم ملف أحداث السفارة: أسف إسرائيلي للأردن بنكهة إهانة

21 يناير 2018
معلومات عن ترقية السفيرة الإسرائيلية في عمّان (فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من أن إسرائيل تجاهر بأن توصّلها لتفاهم مع الأردن لإنهاء ملف أحداث السفارة الإسرائيلية في عمان، جاء لإيجاد بيئة تسمح بتواصل الشراكة في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة، ونزولاً عند رغبة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإنه بخلاف ما صدر عن الحكومة في عمان، فإن تل أبيب لم تقدّم اعتذاراً عن قيام حارس السفارة بقتل المواطنين الأردنيين، بل عبّرت عن أسفها فقط، على اعتبار أن تقديم الاعتذار ينطوي عليه تبعات قانونية لا يبدو أن إسرائيل مستعدة لتحمّلها.

ويتضّح من البيانات الصادرة عن ديوان نتنياهو ومن التصريحات الصادرة عن وزرائه الذين شاركوا في الاتصالات التي أفضت إلى إنهاء الملف، أنّ التسوية بين الجانبين شملت تقديم تعويضات للأردن كدولة وليس للضحايا، وذلك لتكريس الموقف الإسرائيلي الرسمي الذي دافع عمّا أقدم عليه الحارس.

إلى جانب ذلك، تبيّن أنّ عمان تنازلت عن المطالبة بتقديم الحارس للمحاكمة، إذ إنه سيتم نقله للعمل في إحدى سفارات إسرائيل في الخارج، ناهيك عن ورود معلومات عن ترقية السفيرة الإسرائيلية في عمان عينات شلاين إلى منصب مدير "مركز الأبحاث السياسية" في الخارجية الإسرائيلية، الذي يعدّ مركز تقدير استخباري مهم تعتمد عليه تل أبيب في تحديد سياساتها الإقليمية.

ويتضح أن هناك فروقا كبيرة وجوهرية بين التفاهم الذي توصّلت إليه إسرائيل مع الأردن والاتفاق الذي تمّ التوصل إليه مع تركيا لإنهاء ملف أحداث سفينة مرمرة، التي قتل فيها 9 من نشطاء السلام الأتراك. فوفق الاتفاق مع أنقرة، قدّم نتنياهو شخصياً اعتذاراً رسمياً للرئيس التركي طيب رجب أردوغان، على الرغم من تحذير الكثير من الدوائر الرسمية من التبعات القانونية لهذه الخطوة، إلى جانب تقديم تعويضات كبيرة لعوائل الضحايا الأتراك أنفسهم.

وتبدو المفارقة، أن الجيش الإسرائيلي قدّم في حينه ما اعتبرها "أدّلة بصرية موثّقة" تدلّ على أن عدداً من النشطاء الأتراك الذين قتلوا، كادوا يفتكون بعناصر الكوماندو البحري الذين داهموا سفينة مرمرة، وأن إطلاق النار عليهم جاء في إطار "الدفاع عن النفس"، في حين أنّ معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية شكّكت في رواية حارس السفارة الإسرائيلية في عمّان الذي ادعى أنه تعرّض لاعتداء من فتى أردني بواسطة مفك. ويتّضح من تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أن الحرص على توفير بيئة تسمح بتواصل الشراكة الاستراتيجية في مواجهة التحديات المشتركة هي التي دفعت إسرائيل والأردن لإغلاق الملف.


إلى ذلك، قال الوزير الليكودي تساحي هنغبي، في مقابلة أجرتها معه قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، إن "لملك الأردن وإسرائيل مصلحة في إغلاق الملف بسبب الحاجة لمواجهة التحديات الناجمة عن العواصف الإقليمية". وأقرّ هنغبي، الذي شارك في الاتصالات التي أدت إلى إنهاء الملف، بأن "إقدام نتنياهو على استقبال الحارس القاتل استقبال الأبطال قد أحرج الملك عبد الله الثاني وأفضى إلى تأخير التوصّل للتفاهم"، مشيراً إلى أنّ "رئيس الموساد يوسي كوهين هو الذي نجح في إقناع الأردن بإغلاق الملف من خلال تواصله مع الملك ومدير الاستخبارات الأردنية".

من جانبه، رأى أمير أورن، معلّق الشؤون الأمنية في موقع "وللا"، أنّ هناك علاقة وثيقة بين التوصّل لاتفاق بشأن إنهاء ملف أحداث السفارة الإسرائيلية في عمان، وقرب وصول نائب الرئيس الأميركي مايكل بنس إلى المنطقة، وزيارته لكل من إسرائيل والأردن ومصر. وفي مقال نشره الموقع، أمس السبت، أشار أورن إلى أنّ "مواصلة التوتّر الأردني الإسرائيلي، يمسّ بقدرة واشنطن على صياغة بيئة إقليمية تضمن تحقيق المصالح الأميركية".

وأشار أورن إلى أن إسرائيل ترى أن لها مصلحة في ضمان أمن واستقرار نظام الحكم الحالي في عمان بدرجة لا تقل عن أمنها القومي، على اعتبار أنّ المس بهذا النظام يعني إفساح المجال أمام تولي نظام حكم آخر قد يسمح بولادة الجبهة الشرقية من جديد، موضحاً أنّ الملك عبدالله الثاني يواصل "الخط الذي سلكته العائلة المالكة والقائم على تكريس تحالف مع إسرائيل يقوم على تحقيق الأمن والسلام".

ولفت أورن إلى أنه "عند تفجّر هبة الأقصى الأخيرة، فإن الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية لم تقلق من تأثير هذه الهبة على توجهات الفلسطينيين في الضفة والقدس بقدر ما قلقت على مدى تأثير هبة على استقرار نظام الحكم في عمان"، موضحاً أنّ "هناك عاملا آخر يدفع تل أبيب للحفاظ على نظام الحكم في عمّان ويتمثل في أنه لا يوجد لدى إسرائيل مصلحة في أن يحلّ نظام حكم ديمقراطي هناك يهدد قدرة إسرائيل على مواصلة الزعم بأنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة".