واصلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، اليوم الجمعة، نشر تفاصيل جديدة عن مدى اهتمام المخابرات السوفييتية والتي كانت تعرف بـ"كي جي بي"، باختراق دولة إسرائيل منذ عام 1948، وبذل جهود لتجنيد عملاء ووكلاء لها في العقدين الأولين، لحين اندلاع حرب يونيو/حزيران عام 1967 وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ونشرت "يديعوت أحرونوت"، أول من أمس، الأربعاء، أول جزء من هذه التفاصيل التي اعتمدت على التقارير السرية التي كان عميل المخابرات السوفييتية، فاسيل متروكين، قد تمكن على مدار سنوات من نسخها. وقام بنقلها وتسليمها للحكومة البريطانية أواسط التسعينيات، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، مقابل حصوله وعائلته على الجنسية البريطانية.
وتبين في التفاصيل، التي نشرتها الصحيفة، اليوم، أن المخابرات السوفييتية تمكنت من تجنيد ثلاث شخصيات بارزة في اليسار الإسرائيلي الماركسي، تبوأوا مناصب رفيعة المستوى في السياسة الإسرائيلية، وهم؛ موشيه سنيه، الذي كان قبل احتلال فلسطين عام 1948 وأثناءها عضواً في القيادة القطرية لعصابات الهاغاناه. وتبوأ منصباً يوازي في أهميته منصب وزير الأمن حالياً. وأصبح لاحقاً عضواً في الكنيست عن حزب "العمال الموحد" (مبام)، في المرحلة الأولى، ولاحقا عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي.
ومن بين الشخصيات، رفيق موشيه سنيه في الحزب الذي أصبح عضواً في الكنيست عن حزب "مبام"، وهو العزار غرانوت، الذي وصل في السبعينيات إلى منصب السكرتير العام للحزب. وكان عضواً في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست. ويضاف إليهما عضو الكنيست الثالث عن الحزب نفسه، يعقوب ريفتيتن، الذي يتضح من الوثائق المذكورة، أنه كان ينقل للجانب السوفييتي بشكل ثابت وثائق سرية للغاية.
وتشير الوثائق السوفييتية المذكورة إلى أنه إلى جانب هؤلاء السياسيين الثلاثة، تمكنت المخابرات السوفييتية من تجنيد جنرال واحد على الأقل كان عضواً في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، لم ينشر اسمه، وأحد قادة جهاز "الشاباك" الإسرائيلي، المسؤول عن وحدة التجسس المضاد لمواجهة النشاط السوفييتي في إسرائيل في السنوات الأولى من إقامتها على أنقاض النكبة.
وشكلت إسرائيل في تلك الفترة، أي خلال السنوات الأولى من إقامتها بعد النكبة، مركز اهتمام وساحة تنافس شديدة بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة. وعلق الاتحاد السوفييتي في السنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية آمالاً كبيرة، (بفعل تصويت مندوبه في مجلس الأمن إلى جانب قرار التقسيم، والإيعاز للدول الشرقية أيضاً بالتصويت إلى جانب القرار المذكور) على انضمام إسرائيل للمنظومة الشرقية، خصوصاً أن قيادتها في تلك الفترة، لا سيما رئيسها دافيد بن غوريون، كانوا يرفعون راية الاشتراكية، وحافظوا على علاقات ممتازة مع الكتلة الشرقية.
وكان مفترضاً، ولو نظرياً، أن يؤدي هذا النشر إلى هزة في إسرائيل، إلا أن حقيقة الحديث عن الفترة التي سادت قبل حرب يونيو، أولاً، وكون الأشخاص والرموز السياسية موضع الحديث، محسوبة على اليسار الصهيوني، المشارك في الحكم، ولكن دون تأثير كبير على مجريات السياسة الخارجية لإسرائيل، قد ساهمت بنوع من اللامبالاة، حالياً. واكتفت إلى حد ما بمحاولات تفسير علاقات اثنين على الأقل من الرموز السياسية، وهما نجل موشيه سنيه، الجنرال افرايم سنيه، الذي قال إن ما جاء في هذه الوثائق هو "سخافات ووالده لم يقم بنقل معلومات هامة للاتحاد السوفييتي".
في المقابل، رد نجل العزار غرانوت، داني غرانوت، بأنه يتذكر لقاءات والده مع ممثل المخابرات في السفارة السوفييتية، يوري كوتوف، بمنزلهم في كيبوتس شوفال في النقب، لكنه أشار إلى أن والده لم تكن له في ذلك الوقت القدرة على الوصول إلى مواد ذات قيمة مهمة.
كما يفتح النشر من جديد أسئلة في إسرائيل، في ظل مفاخرة كل من رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، من جهة، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حول وجود مليون روسي في إسرائيل، عن احتمالات تمكن أي من الطرفين استغلال هذه الحقيقة لتجنيد عملاء وجواسيس جدد من بين هؤلاء.
وكانت إسرائيل تشدد مع بدء تدفق المهاجرين الروس، وتشكك في ولائهم، خوفاً من أن تكون المخابرات الروسية قد تمكنت من زرع عملاء لها بينهم، أو زودت عملاءها بشهادات تثبت يهوديتهم تمهيداً لزرعهم في الجهاز الإسرائيلي.