أكد ضباط في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، أن التدخل الروسي في سورية مثّل نقطة تحوّل فارقة أسهمت في توفير البيئة التي سمحت في النهاية باستعادة رفات الجندي زخريا باومل، الذي قتل في معركة "السلطان يعقوب"، خلال حرب لبنان الأولى، ودُفن لاحقا في سورية.
ونقل موقع "واللا" الإسرائيلي، اليوم، عن الضباط قولهم إن تشكيل منظومة التنسيق العسكري بين الجيش الإسرائيلي وقيادة الجيش الروسي في قاعدة "حميميم"، التي هدفت في البداية إلى منع حدوث احتكاكات بين الجيشين، أثناء قيام طائرات سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ عمليات قصف في عمق سورية، تطورت إلى مجالات أخرى.
وحسب ضباط الاستخبارات الإسرائيلية، فإن الحوار المتواصل بين الجيشين، الذي شارك فيه بشكل مكثف ضباط من "أمان"، قاد إلى تطوير مجالات التفاهم والتنسيق مع الروس ليشمل قضايا أخرى، منوهين إلى أن الضباط الإسرائيليين عمدوا إلى توظيف علاقاتهم الوثيقة بنظرائهم في الجيش الروسي والطلب منهم المساعدة في البحث والعثور على الجنود الإسرائيليين المفقودين.
وأشار الضباط إلى أن قادة "أمان" خشوا في البداية من أن يطلب الروس ثمنًا مقابل دورهم في البحث والكشف عن جثث الجنود، إلا أن العقيد "أ"، الذي كان يقود ساحة الشمال في لواء "العمليات" في "أمان" أصر على المحاولة رغم هذه المخاوف.
ونوّه الضباط إلى أن قيادة الجيش الإسرائيلي أعدت، في عام 2017، مخططًا للبحث عن الجنود المفقودين، يعتمد بشكل أساسي على تعاون الجيش الروسي، حيث تم إطلاع وزير الحرب السابق، أفيغدور ليبرمان، على المخطط؛ والذي سارع إلى الاتصال بنظيره الروسي سيرغي شويغو وأطلعه على الأهمية التي تنظر بها إسرائيل إلى إعادة رفات جنودها المفقودين.
ولفت الموقع إلى أنه في أعقاب اتصال ليبرمان به، أصدر شويغو تعليمات واضحة وصارمة لقيادة جيشه في سورية بالاستنفار من أجل مساعدة الجيش الإسرائيلي في البحث عن الجنود الإسرائيليين المفقودين داخل سورية.
ونقل الموقع عن مصدر في "أمان" قوله إن العلاقة الوثيقة بين القيادة السياسية في كل من موسكو وتل أبيب كان لها بالغ الأثر في دفع القوات الروسية إلى العمل بكل قوة من أجل البحث عن الجنود الإسرائيليين المفقودين، والعثور على رفات الجندي باومل وإعادتها إلى إسرائيل، منوهًا إلى أنه لولا العلاقة التي ربطت كلًا من نتنياهو وليبرمان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وشويغو، لما تسنّى استعادة الرفات.
وأشار المصدر إلى أن أحد العوامل الأخرى التي أسهمت في تعزيز دافعية الروسية للبحث والعثور على جثث الجنود المفقودين تمثل في رغبة الروس في التدليل على أنهم بالفعل يمثلون قوة عظمى بإمكانها إنجاز المهام التي تبدو معقدة وغير ممكنة.
ولفت إلى أن الروس كانوا معنيين بأن ندرك أن استنفارهم لصالح البحث عن الجنود الإسرائيليين يمثل تواصلًا لما قام به الجيش الروسي خلال الحرب العالمية الثانية من عمليات لإنقاذ اليهود من المعسكرات النازية.
وأشار المصدر إلى أن بوتين يتعامل مع إسرائيل تحت تأثير موقفه من المعلمة اليهودية التي درّسته في الصغر، والتي هاجرت إلى إسرائيل، لافتا إلى أن كل المستويات التنفيذية في روسيا تدرك طابع هذا التأثير وعملت وفقه خلال سعيها لمساعدة إسرائيل في العثور على جثث الجنود.
ولفت المصدر الأنظار إلى أن علاقة الروس بكل من نظام الأسد وإيران لم تؤثر على دافعيتهم الكبيرة للبحث عن جثث الجنود والعثور على رفاتهم وإعادتها إلى إسرائيل.
وحسب المصدر، فقد شكّل الجيش الروسي وحدة خاصة مهمتها الوحيدة البحث عن جثث الجنود الإسرائيليين المفقودين، بالتعاون مع جيش نظام الأسد، إذ إن هذه الوحدة حصلت على معلومات استخبارية من إسرائيل.
ولفت المصدر إلى أن قادة الجيش الإسرائيلي أبدوا إعجابًا وتأثروا بمدى العزم والتصميم الذي أظهره الجيش الروسي في سعيه للعثور على جثث الجنود، لا سيما وأن بعض المهام التي نفّذها الروس داخل سورية انطوت على مخاطر كبيرة على حياتهم.
وأشار المصدر إلى أن إسرائيل تأمل حاليًا في أن تنجح في إعادة جثمان الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي أُعدم عام 1965 في سورية.
ويذكر أن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، روني ملنيس، كشف النقاب، قبل يومين، عن أن قوات من جيش بشار الأسد تولت عمليًا البحث عن جثث الجنود الإسرائيليين، منوهًا إلى أن جنود الأسد اعتمدوا في عمليات البحث على المعلومات الاستخبارية التي نقلتها الاستخبارات الإسرائيلية لهم عبر الروس.