تغيير خطير

04 فبراير 2017
ستضيع أية مفاوضات مقبلة في جدل المستوطنات(طوماس كوكس/فرانس برس)
+ الخط -


يحمل بيان البيت الأبيض الأخير حول كون البناء في المستوطنات "لا يساعد" في التوصل إلى حل سلمي، مع إقرار أميركي بأن المستوطنات لا تشكّل عائقاً أمام التوصل للحل السلمي، في طياته تطوراً خطيراً لجهة منح ضوء أميركي أخضر لحكومة إسرائيل بمواصلة البناء في المستوطنات القائمة، داخل "الكتل الاستيطانية" وخارجها، وزرع مزيد من الحقائق على الأرض، ومد إسرائيل بأوراق مساومة أمام الطرف الفلسطيني، في حال تم فعلاً خلال عهد ترامب إطلاق تحرك أو مبادرة لمفاوضات فلسطينية-إسرائيلية.
فمن الواضح أن التعبير "لا يساعد في التوصل إلى حل سلمي"، موجّه بالأساس لآذان الدول العربية ومعها السلطة الفلسطينية أيضاً، ومحاولة طمأنتها بأن الإدارة الجديدة لن تتبنى تصريحات وزراء في حكومة إسرائيل أن الفرصة باتت سانحة أمام ضم الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها كلياً.
صحيح أن البيان يسكب الماء البارد على الحماس المعلن في إسرائيل لتكثيف الاستيطان، لكنه في الوقت ذاته وحتى قبل أن يعلن ترامب موقفاً رسمياً من مسألة الاستيطان، يتبنى أهم وأخطر موقف للحكومة الإسرائيلية، بأن المستوطنات ليست هي العائق أمام السلام. ويشي هذا الموقف وتبنّيه، بأن أية مفاوضات مقبلة في حال انطلقت كمفاوضات مباشرة، أو ضمن "مبادرة إقليمية"، وهو ما تروج له إسرائيل تحت قيادة بنيامين نتنياهو، ستكون عقيمة وستخصص كثيراً من جهد ووقت الأطراف المختلفة في مساومات حول كم من المستوطنات ستبقى في مكانها تحت سيادة الاحتلال، لأنه يمكن بحسب هذا الموقف التوصل إلى حل من دون تفكيك المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
يضع هذا التطور الخطير، الطرف الفلسطيني الذي يعاني بفعل الظروف الموضوعية المرتبطة بموازين القوى والوضع الراهن في العالم العربي، وأيضاً بفعل الأسباب الذاتية، أمام تحديات جمة، أهمها أولاً الوصول إلى وحدة فلسطينية داخلية، وطرح تصور فلسطيني واضح لما يريده الشعب الفلسطيني ككل وليس فقط في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، ومحاولة الوصول إلى موقف عربي ودولي واضح وقاطع برفض العائق الأساسي، وهو وجود الاحتلال نفسه، ورفض كل ما نتج عنه وخلّفه، وعلى رأسها المستوطنات.
المساهمون