تعليمات بتبريد أزمتي الوراق ونزلة السمان لتمرير دستور السيسي

03 مارس 2019
تستمرّ الاعتداءات في الوراق منذ سنتين (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -


تشهد جزيرة الوراق المصرية حالة من الغليان بين سكانها بسبب الخطط الحكومية الرامية لتهجيرهم وإقامة مشاريع استثمارية عليها، في وقت يخشى فيه النظام من تحولات تلك الأزمة على ضوء أزمات إقليمية ودولية، في مقدمتها تظاهرات السودان، وتظاهرات "السترات الصفراء" في فرنسا. يخشى النظام المصري من تحول تلك الأزمة لشرارة تفجّر تظاهرات غضب واسعة تصعب السيطرة عليها بسبب محاولات تمرير التعديلات الدستورية، التي تتيح زيادة بقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الحكم، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.

في هذا الصدد، كشفت مصادر مصرية مقرّبة من دوائر صناعة القرار عن تعليمات رفيعة المستوى للأجهزة الأمنية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة المشرفة على عمليات إخلاء الجزيرة وإقامة محور روض الفرج الذي يمر على أراضي الجزيرة ويبتلع مساحات كبيرة من الأراضي والعقارات المملوكة للأهالي، بتأجيل كافة الإجراءات التي من شأنها إحداث صدام أو إثارة قلاقل في الفترة الراهنة ولحين إجراء الاستفتاء على التعديلات الدستورية قبل شهر رمضان (مايو/ أيار) المقبل.

وأوضحت المصادر أنه "في مقدمة الإجراءات التي تم تأجيلها هو قرار رئيس الوزراء الخاص بنزع ملكية 100 متر يمين ويسار محور روض الفرج كحرم للطريق، وهي الخطوة التي من شأنها إخلاء وتهجير عدد كبير من ملاك الأراضي والعقارات التي تقع في تلك المنطقة". وكشفت أن "الإجراءات الخاصة بتبريد أزمة جزيرة الوراق لحين إجراء التعديلات الدستورية وتمريرها، شملت تعليمات لعدد من الوزراء، في مقدمتهم وزيري الصحة والتنمية المحلية، بتوجيه حملات خدمية للمنطقة. وشهدت الجزيرة قوافل طبية فور البدء في الخطة لتوقيع الكشف على الأهالي ضمن حملة (100 مليون صحة) للكشف عن فيروس سي والأمراض غير السارية مثل السكر والضغط. كما شملت إعادة تشغيل خدمات متعلقة بالنظافة والصرف الصحي والمخابز، التي كانت قد توقفت بشكل جزئي خلال الفترة الماضية في ضوء الضغط الحكومي على الأهالي لإجبارهم على الإخلاء والحصول على التعويضات التي يراها الأهالي غير متوافقة تماماً مع قيمة ممتلكاتهم".



ولفتت المصادر أيضاً إلى أن "الأمر لن يقف عند تأجيل الخطط الخاصة بالوراق فقط، بل سيمتد لتأجيل القرارات التي كان مقرراً الشروع فيها بشأن منطقة نزلة السمان المتاخمة لأهرامات الجيزة". وأشارت إلى أن "الفترة المقبلة كان مقرراً لها أن تشهد المزيد من عمليات الهدم للمباني المتاخمة والمجاورة بشدة لمنطقة الأهرامات، وتنفيذ أكبر قدر ممكن من عمليات الإزالة لإخلاء منطقة كبيرة وإدخالها ضمن مشروع تطوير المنطقة بالكامل وتحويلها لمنطقة سياحة عالمية".

وأشارت إلى أنه "سيتم وقف عمليات الإزالة حتى إشعار آخر، على أن يواكب ذلك مزيد من الأخبار في وسائل الإعلام المختلفة بشأن الكشف عن عمليات تنقيب غير شرعي عن الآثار من جانب الأهالي هناك وسرقة الآثار، لإفقادهم التعاطف الشعبي قبل الشروع في خطة التطوير عقب انتهاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية".

مع العلم أن مطلع شهر فبراير/ شباط الماضي شهد أجواء محتقنة في جزيرة الوراق، وسط عمليات حشد من جانب أهالي الجزيرة، تحسباً لاقتحام قوات من الشرطة والجيش للجزيرة مجدداً لتنفيذ عمليات إزالة لعدد من المباني وتجريف مساحات زراعية مملوكة للسكان، بعد اجتماع لرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة مع عدد من الملاك وهدد فيها باقتحام الجزيرة لتنفيذ عمليات الإزالة.

وكانت الجزيرة قد شهدت اشتباكات عنيفة مع قوات الشرطة المدعومة بعناصر من القوات المسلحة في يوليو/ تموز 2017، عندما اقتحمت القوات المصرية المنطقة في محاولة لإزالة مجموعة من المباني، واستخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع والطلقات النارية، ما أسفر عن مقتل أحد الأهالي وإصابة العشرات، قبل أن تنتهي تلك المواجهة بانسحاب الشرطة، واعتقال نحو 22 من السكان. كما شهدت منطقة نزلة السمان المتاخمة لأهرامات الجيزة أخيراً مواجهات بين سكان عدد من المنازل وقوات الشرطة التي حضرت للمنطقة لتنفيذ عمليات الإزالة، نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي، وسط اتهامات من جانب السكان بمساعٍ حكومية لإخلاء المنطقة منهم قسرياً.



المساهمون