تعرف إلى "سويفت"... إمبراطورية التحويلات المالية حول العالم وعلاقتها بالعقوبات الإيرانية
هددت الإدارة الأميركية بقطع المؤسسات المالية الإيرانية الخاضعة لعقوبات، والتي ستصدر قائمة بها اليوم الإثنين، عن نظام "سويفت" الدولي للتحويلات المالية، مع استثناء "التحويلات الإنسانية"، كما هددت بمعاقبة سويفت نفسها إذا سمحت بتمرير معاملات مالية تكون إيران طرفا فيها.
وأعلن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في تصريحات في وقت سابق من شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أنّ 700 شخص أو كيان سيضافون إلى اللائحة الأميركية السوداء، أي أكثر بـ300 اسم من تلك التي كانت قد سحبت بعد عام 2015.
ويأتي ذلك في إطار تطبيق الإدارة الأميركية الشريحة الثانية من العقوبات على إيران بعدما أعادت واشنطن فرض الشريحة الأولى من العقوبات في آب/أغسطس الماضي.
وجمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك التي يطلق عليها اختصاراً اسم "سويفت"، هي شبكة مالية تعتمد عليها البنوك والشركات في التحويلات المالية إلكترونياً، ويوجد مقرها في بروكسل.
ورغم أن "سويفت" شركة مستقلة من الناحية النظرية وتقع خارج الولايات المتحدة، إلا أن واشنطن تسيطر عليها عبر نوافذ خلفية تقنية، وعبر هيمنة الدولار على التجارة العالمية.
وترفض الإدارة الأميركية أي عملية استثناء، وتقول إن على "سويفت" وقف جميع التعاملات المالية مع إيران أو مواجهة العقوبات الأميركية، بما في ذلك تجميد موجوداتها في الولايات المتحدة، وبالتالي فإن سويفت ستكون مضطرة للتقيد بالحظر الأميركي حتى تحافظ على عمليات التحويلات والتسوية المالية بالدولار وتفلت من الحظر.
ولا توجد حتى الآن من الناحية العملية، مؤسسة تحويلات عالمية منافسة لشبكة سويفت، كما تفضل المصارف العالمية والمؤسسات الشبكة لأنها تقوم بتقديم خدمة على مستوى عالٍ من الكفاءة وبكلفة رخيصة وآمنة مقارنة بأية وسيلة أخرى، منذ نشأتها في بداية السبعينيات، وتحديداً في عام 1973.
وساهمت سويفت بشكل رئيسي في تسويات التجارة العالمية، ويبلغ عدد الدول المشتركة أكثر من 209 دول، من بينها معظم الدول العربية، ويزيد عدد المؤسسات المالية المشتركة فيها على 9 آلاف مؤسسة. وطبقاً للوائح المنظمة، يجب اشتراك الدولة قبل السماح لمؤسساتها بالاشتراك.
وما يزيد من أهمية "سويفت" أن بورصات العالم وأسواق الصرف تعتمد بشكل رئيسي عليها في مجال ربط وتبادل الرسائل والمعلومات بين جميع أسواق المال العالمية.
وتواجه "سويفت" خيارات مرة بسبب العقوبات الأميركية على إيران، إذ إن عليها أن تختار بين خسارة سمعتها كمؤسسة محايدة أو مواجهة العقوبات الأميركية.
تجربة إيرانية
عانت إيران من فصل بنوكها عن شبكة سويفت، في مارس/آذار 2012، مع تشديد العقوبات الدولية على طهران بسبب برنامجها النووي، قبل أن تعود إليها مرة أخرى بعد سريان قرار رفع العقوبات في يناير/كانون الثاني 2016.
وتسبب فصل إيران عن سويفت في تقويض قدرتها على إجراء المعاملات التجارية الخارجية والتحويلات المالية.
وسعت إيران منذ الاتفاق إلى عدم التقيد بالدولار في صادراتها النفطية، للحفاظ على عوائدها النفطية من حظر أميركي أحادي جديد، وفقا لتصريحات سابقة لمسؤول في وزارة النفط.
وبموجب الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران والقوى العالمية، تم رفع معظم العقوبات المفروضة على طهران.
وتبحث إيران عن بدائل لشبكة سويفت، مثل التعامل بعملات أخرى غير الدولار، مثل اليوان الصيني، أو التبادل التجاري مع الدول الحليفة بالعملات المحلية، أو استخدام نظام المقايضة في العمليات التجارية.
البحث عن بدائل
لم تكن إيران وحدها التي تبحث عن بديل لشبكة سويفت، حيث من المتوقع أن تخسر "سويفت" سمعتها كمؤسسة محايدة في حال استمرار عمليات الحظر الأميركي في عهد ترامب، وسيطرة أميركا على النظام المالي والتجاري العالمي عبر الدولار الذي يأخذ حصة 80% من تسويات التجارة العالمية، وعبر محركات البحث ونظم التشغيل ومنصات التعامل المالي التي يوجد مقرها في أميركا على تعاملات سويفت.
وفي هذا الإطار، فإن البورصة الأوروبية تعمل على شراء النفط الإيراني ومقايضته بالسلع التي تستوردها إيران من دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما يعني أن تسوية واردات النفط الإيراني الأوروبية لن تمر عبر شبكة "سويفت"، كما أن الدولار لن يستخدم في تسوية هذه الصفقات وإنما سيستخدم اليورو.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في أغسطس/آب الماضي، إن أوروبا بحاجة إلى إقامة أنظمة دفع مستقلة عن الولايات المتحدة، إذا أرادت المحافظة على الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى بعدما انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وكتب ماس بصحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية اليومية: "لذلك من الضروري أن نقوي استقلالية أوروبا عن طريق خلق قنوات دفع مستقلة عن الولايات المتحدة، وصندوق نقد أوروبي، ونظام سويفت مستقل".
وأصدرت الصين وبشكل رسمي في مارس/آذار الماضي، أول عقود نفط مستقبلية مقومة بعملتها المحلية اليوان.
وقال مسؤول كبير في شركة يونيبك، اليوم الإثنين، إن الذراع التجارية لسينوبك، أكبر شركة تكرير في آسيا، وقّعت اتفاقا مع شركة نفط غربية كبيرة لشراء خام من الشرق الأوسط بسعر يتحدد على أساس عقود نفط شنغهاي الآجلة الجديدة.
وفتحت الصين ما يزيد على 6 آلاف حساب للتداول، بما في ذلك حسابات لشركاتها النفطية الكبيرة، ونحو 150 شركة وساطة. وتم تسجيل 10 وسطاء أجانب، من بينهم "جيه.بي مورغان" و"باندز فايننشال" و"ستريتس فايننشال سيرفسيز" ووحدات أخرى لوسطاء محليين مقرها هونغ كونغ.
وفي الاتجاه ذاته، أعلنت روسيا عن شبكة بديلة لـ"سويفت" في التسويات المالية العالمية، وأطلق البنك المركزي الروسي على الشبكة الجديدة مسمى "نظام تحويل الرسائل المالية".
وحسب تصريحات مسؤولين في البنك المركزي الروسي، فإن هنالك حوالى 416 شركة روسية انضمت لشبكة التحويلات الروسية الجديدة، بما في ذلك شركتا غازبروم وروسنفت، كما أن النظام الجديد جاهز لاستقبال طلبات الشركاء الدوليين.