تعايش في ميلاد الأردن

25 ديسمبر 2018
أطفال في زيّ بابا نويل (عوض عوض/ فرانس برس)
+ الخط -


زُيّنت بعض مدن الأردن بأشجار عيد الميلاد الذي يحلّ اليوم. وانتشرت عشيّة هذه المناسبة الكبرى، قبّعات بابا نويل ولحاه البيضاء الاصطناعية وأغراض للزينة والتحف الملوّنة في الأسواق. تقول سحر مشارقة لـ"العربي الجديد": "يأتي الميلاد المجيد حاملاً معه رسالة سلام ومحبّة من سيّدنا المسيح. وكالعادة، تصير بيوتنا أكثر دفئاً وبهجة، وتزيّن ساحاتنا". تضيف أنّ "أصوات التراتيل والأجراس تمتزج بضحكات الأطفال في هذا العيد". وتخبر مشارقة أنّ "أفراد العائلة جميعهم شاركوا في تزيين شجرة الميلاد، في انتظار كل مسافر سوف يأتي لقضاء العيد معنا، فنجتمع حول مائدته"، مشيرة إلى أنّ عائلتها اليوم، شأنها شأن العائلات المسيحية كلها، تتبادل التهاني والزيارات، بعد الانتهاء من صلاة العيد.

روان خوري تحتفل كذلك وعائلتها بعيد الميلاد. تقول لـ"العربي الجديد" إنّه "العيد الذي أنتظره بفارغ الصبر في كل عام، منذ طفولتي. بحلوله، يعمّ الفرح. هو عيد المحبة والسلام". تضيف أنّها تستمتع بـ"رؤية عيون الأطفال البريئة المتلهفة لاستلام هداياهم والمشاركة في تزيين شجرة العيد". وتتابع خوري أنّها لطالما استمتعت بـ"مراقبة والدتي في أثناء تحضيرها عشاء العيد وهي تردد التراتيل، في انتظار وصول أخي المسافر لقضاء العيد معنا". وأمس كما في كل عام، تلا والدها الصلاة على المائدة، بينما أمسك بعضهم أيدي بعضهم الآخر".

في سياق أجواء العيد، أصدر رئيس الوزراء عمر الرزاز قراراً رسمياً يقضي باعتبار يوم غد الأربعاء، في 26 ديسمبر/ كانون الأول، يوم عطلة رسمية للموظفين والطلاب المسيحيين في كل الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات والهيئات العامة. وفي قرار سابق، قرر جعل اليوم الثلاثاء 25 ديسمبر/ كانون الأول يوم عطلة عامة في الوزارات والدوائر الرسمية والمؤسسات والهيئات العامة، كذلك الأمر بالنسبة إلى الثلاثاء الواقع في الأول من يناير/ كانون الثاني 2019 وذلك احتفالاً برأس السنة الميلادية.

شجرة الميلاد وقد أضيئت (عوض عوض/ فرانس برس) 


مارك سفيان، بائع تحف وهدايا في أحد المحال في مدينة الفحيص بمحافظة البلقاء، إلى شمال غربي العاصمة عمّان، يتحدّث لـ"العربي الجديد" عن "الإقبال الجيّد على الهدايا المختلفة، لا سيّما من قبل العائلات التي تضم أطفالاً والمتزوّجين الجدد". من جهتها، تقول ديانا أبو جودة، وهي صاحبة مكتبة في الفحيص، لـ "العربي الجديد"، إنّها تركّز في عملها على بيع المصنوعات اليدوية بالإضافة إلى مجسّمات المغاور وحاملات النبيذ. وتوضح أنّ "الناس بعضها قريب من بعضها الآخر في الفحيص، حتى لو لم يحتفل الجميع بالعيد. على سبيل المثل، فإنّ العائلات التي فقدت عزيزاً لا تحتفل بالأعياد، كذلك فإنّ الحركة التجارية ليست نشطة هذا العام". وتلفت إلى أنّ زبائنها يأتون من كل المحافظات الأردنية، حتى من أقصى الشمال مثل الحصن ومحافظة إربد".

في الأردن، يمكن القول إنّ إضاءة شجرة الميلاد تختزل التعايش بين المسيحيين والمسلمين بينما تجمعهم دعوات السلام، في وقت يحظى الاحتفال بالأعياد برعاية رسمية. وهذا العام، رعى الملك الأردني عبد الله الثاني، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس وولي العهد الحسين بن عبدالله الثاني، احتفال الكنائس بمناسبة عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية الذي ينظمه مجلس رؤساء الكنائس في الأردن، بحضور رؤساء كنائس القدس والأردن والهيئات المقدسية وعدد كبير من الشخصيات المسيحية الرسمية والشعبية من مختلف المحافظات. كذلك شاركت الملكة رانيا العبد الله أهالي الفحيص في مسرح القناطر في البلدة القديمة، بإضاءة شجرة عيد الميلاد في حفل تضمّن ترانيم ميلادية وعزفا موسيقيا قدّمه عدد من أطفال مدينة الفحيص. من جهته، أضاء رئيس الوزراء عمر الرزاز شجرة عيد الميلاد وسط مدينة مادبا، وسط حضور رسمي وشعبي كبير. وقدّم التهاني، مؤكداً أنّ مادبا تمثّل نسيجاً مجتمعياً من المسلمين والمسيحيين، وتعيش حالة من التسامح والتآخي جعلها تحتل مكانة فريدة على امتداد ساحة الوطن.



والمسيحيون الأردنيون هم بمعظمهم من الطائفة الأرثوذكسية، وهم من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم. ويتحدّر كثيرون منهم من القبائل العربية التي أدارت شؤون هذه المناطق في ظل السلطات المتعاقبة، مثل الغساسنة ولخم وقضاعة وبني سليح وكلب، وقد حافظوا على وجودها بعد زوال الإمبراطورية الرومانية. وتجدر الإشارة إلى أنّ المسيحيّين في الأردن حاضرون في مختلف المحافظات، ويتمركزون خصوصاً في مدن مادبا وعجلون والسلط والفحيص والكرك وإربد والزرقاء والعاصمة عمان، وهم ممثلون في البرلمان بتسعة مقاعد من أصل 110، كذلك هم ممثلون بالحكومة ومختلف أجهزة الدولة.