تظاهرات عراقية اليوم لتغيير مفوضية الانتخابات: انطلاقة مبكرة للتنافس

11 فبراير 2017
من تظاهرات الأربعاء في بغداد (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -
بدأ السباق الانتخابي باكراً هذه المرة في العراق، بعد شهر واحد من تحديد الحكومة منتصف شهر سبتمبر/ أيلول المقبل موعداً لإجراء انتخابات اختيار حكومات المحافظات المحلية، وذلك من خلال المطالبة بتغيير مفوضية الانتخابات المتهمة بالتزوير والولاء لأحزاب دون غيرها، وإشراك الأمم المتحدة ومنظمات دولية في عملية الإشراف على هذه الانتخابات، ثم الانتخابات النيابية المقررة مطلع العام المقبل.

في هذا السياق، يقود التيار الصدري والتيار المدني وقيادات في الحزب الشيوعي ومنظمات وجمعيات ناشطة مختلفة في بغداد، تحالفاً واسعاً من خلال الدعوة والتحشيد لتظاهرات، من المقرر أن تنطلق اليوم السبت في بغداد وعدد من محافظات البلاد، حسبما ذكر بيان صادر عن اللجنة المنظمة للتظاهرات، التي يتولى الإشراف عليها ناشطون مدنيون وأعضاء في التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر. وستكون التظاهرات في ساحة التحرير في العاصمة على مقربة من المنطقة الخضراء، فضلاً عن مناطق أخرى في محافظات جنوب العراق، في ضغط جديد يواجه رئيس الحكومة حيدر العبادي، الذي سبق أن وعد بإجراء تغييرات في المفوضية، التي شُكّلت إبّان سيطرة القوات الأميركية على البلاد. وطالبت اللجنة المشرفة على الاحتجاجات الشعبية، بـ"تغيير مفوضية الانتخابات بشخصياتها وقانونها بشكل كامل".

في هذا الصدد، اعتبر المتحدث الرسمي باسم اللجنة، مدير مكتب الصدر في بغداد، إبراهيم الجابري، أنّ "مفوضية الانتخابات متحزبة وتمثّل الأطراف والكتل السياسية". ودعا أهالي بغداد إلى "التظاهر ضدّ الفساد والمحاصصة، وسيتم تنظيم تظاهرة مليونية حاشدة للمحافظات في بغداد اليوم الساعة العاشرة صباحاً". وتتهم جهات سياسية عدة التيار الصدري بتحشيد الشارع في كل أزمة سياسية، وتنظيم تظاهرات قد تكون لها نتائج سلبية وفقاً لها، إلا أن مشاركة التيار المدني والناشطين ومنظمات اجتماعية عدة في تلك التظاهرات، قد تمنحها بعداً شعبياً آخر، خصوصاً أن المفوضية تواجه منذ سنوات تهماً بالتزوير والتحيز لطرف سياسي دون آخر، وتشوب سيرتها عمليات فساد طالبت لجنة النزاهة العراقية مسبقاً بالتحقيق فيها.

بدورها، أكدت مصادر سياسية مقرّبة من التيار الصدري لـ"العربي الجديد"، وجود "تجاوب من كتل أخرى، مثل تحالف القوى والتحالف الكردستاني لتأييد تلك التظاهرات". ولفتت إلى أن "التظاهرات ستكون سلمية، والمشاركون فيها لن يقتربوا من أسوار المنطقة الخضراء".


من جهتها، ذكرت النائبة عن "ائتلاف الوطنية"، محاسن حمدون، أن "التظاهرات بمثابة محاولة لتأجيج الشارع العراقي ضدّ مفوضية الانتخابات". وقلّلت من "أهمية استبدال المفوضية، ففي حال تم تغيير طاقمها، فإنّ جميع الكتل السياسية ستتمسك بحصصها في المفوضية الجديدة، ولن تقدّم أي تنازل عنها. الأمر الذي سيدفع باتجاه مفوضية جديدة بوجوه جديدة، لكنّها لن تخرج عن مبدأ المحاصصة الحزبية".

ووفقاً لمصادر أمنية، فإن "حالة استنفار واسعة في صفوف قوات الأمن بدأت، مساء أمس الجمعة، في مناطق وسط بغداد، ومن المتوقع أن يتم إغلاق عدد من الطرق الرئيسة المحيطة بالمنطقة الخضراء بما فيها الجسور على نهر دجلة". وقال ضباط في قيادة عمليات بغداد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قيادة العمليات اتخذت إجراءات أمنية مكثفة خلال تظاهرات يوم الأربعاء، ولم تسجّل أي خرق فيها"، مبيناً أنّ "القيادة وضعت خطة جديدة لتأمين المنطقة الخضراء خلال تظاهرة اليوم السبت".

وأشار إلى أنّ "تظاهرة اليوم قد تكون خطيرة، خصوصاً أن الصدر يسعى لتظاهرة كبيرة حاشدة"، مبيّناً أنّ "قيادة العمليات أنهت خطة خاصة، تتضمن قطع الطرق والجسور المؤدية إلى المنطقة الخضراء ضمن الخطة الجديدة. كما ستوزع قطعاتها على مسافة من المنطقة الخضراء، وتنشر قوات مكافحة الشغب للسيطرة على المتظاهرين". وأشار إلى أنّ "مداخل المنطقة الخضراء ستُغلق بالكامل، تحديداً البوابة القريبة من مبنى البرلمان، كما تمت الاستعانة بمروحيات تنتشر في سماء المنطقة لرصد أي تحرك مريب".

بدوره، أفاد القيادي في لجنة التظاهرات، عامر المسعودي، بأنّ "التظاهرات المليونية قد تتحول إلى اعتصام مفتوح، في حال لم تنفّذ مطالبنا بتغيير مفوضية الانتخابات". وأكد المسعودي، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "صوت الشعب يجب أن يحدث تغييراً، وأنّ الحديث الحكومي عن إجراءات مشددة وما إلى ذلك هو محاولة لتشويه سمعة التظاهرات السلمية"، مبيّناً أنّ "تظاهراتنا هي حركة احتجاج شعبي سلمي وسيبقى سلمياً، حتى تحقيق أهدافه".

وأضاف أنّ "الصدر هو الأمل الوحيد للشعب العراقي، وهو الذي يستطيع تحشيد الشارع ويأخذ له حقوقه من الحكومة، وهو الوحيد الذي يطالب بالإصلاح من بين القادة العراقيين المؤثرين". وشدّد على أن "التظاهرة المليونية ستكون صوتاً مدوياً لأخذ الحقوق إلى أهلها، وإصلاح المؤسسات العراقية".

أما الخبير صالح الكرخي، فاعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التظاهرات في حال انطلاقها وتوسعها بعدد من المدن وتحقيقها الحشد الكافي، ستكون بمثابة نزع شرعية المفوضية وطعن في نزاهتها". وبيّن أن "عملية الإطاحة بالمفوضية حالياً صعبة بسبب قصر المدة، لأنه لم يتبقّ سوى سبعة أشهر للانتخابات، لكن الضغط الحالي قد يدفع إلى طلب مساعدة أممية بالإشراف عليها".

مع العلم أن مفوضية الانتخابات هي هيئة مستقلة شُكّلت عام 2004 بإشراف القوات الأميركية، وتضم مجلس أمناء مكون من تسعة أشخاص. كما تضم هيئة تعرف باسم إدارة المفوضية، وغالبية أعضائها من أحزاب سياسية مشاركة في السلطة حالياً. ويقول زعماء كتل وأحزاب عراقية إن "غالبية ولاء الأعضاء محسوم للكتل الكبيرة، خصوصاً حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، ومتورطة بعمليات تزوير وانحياز لصالح هذا الحزب، ولصالح أحزاب أخرى. ما يجعل العملية السياسية حكراً عليهم دون غيرهم".