تطور الترسانة الصاروخية في اليمن: تساؤلات بلا أجوبة حاسمة

09 نوفمبر 2017
يقول الحوثيون إنهم من طوّروا الصواريخ (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
تعيد الأزمة التي اندلعت على خليفة وصول صاروخ أطلقه الحوثيون إلى الرياض، التساؤلات حول الترسانة الصاروخية الموجودة في اليمن والقدرة على تطويرها في ظل ظروف الحرب التي تغرق فيها البلاد، فضلاً عن الضربات التي وجهها التحالف العربي على مدى أشهر طويلة بهدف تدميرها وتحييد خطرها، تحديداً باتجاه السعودية، التي أعلنت قبل أيام عن إغلاق جميع المنافذ اليمنية البرية والبحرية والجوية اليمنية بشكل مؤقت بسبب ما قال إنه "استمرار وصول الأسلحة والصواريخ الإيرانية المهربة للحوثيين".


وتُعدّ القوة الصاروخية البالستية الواقعة في أيدي الحوثيين، أو أغلبها على الأقل، من مخازن الجيش اليمني التي استولت عليها الجماعة بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، وتتألف في الغالب من صواريخ "سكود" الروسية، والتي يتراوح مداها بين 300 إلى 700 كيلومتر (حسب المراجع العسكرية المنشورة على الإنترنت). وهذه القوة التي كانت في أيدي الجيش اليمني تتراوح التقديرات في عددها بين 150 إلى 300 صاروخ. وقد تعرضت أماكن تخزين الصواريخ، منذ بدء التحالف العربي لعاصفة الحزم في اليمن، لضربات عدة، هدفت لمحاولة تحييد خطر هذه الصواريخ.

ووفقاً لرصد "العربي الجديد"، فقد استخدم الحوثيون وحلفاؤهم من القوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، منذ بدء الصراع، أنواعاً مختلفة من الصواريخ، أبرزها "سكود"، الذي تم الإعلان عنه تحت مسمى "بركان1"، وكذلك صاروخ "توشكا" الروسي قصير المدى، والذي ضرب تجمعاً لقوات التحالف في مأرب في سبتمبر/أيلول 2015 وأوقع عشرات القتلى والجرحى. أما النوع الثالث، فأطلق عليه اسم "قاهر1"، وقيل إنه عبارة عن صاروخ "سام" المضاد للطائرات، جرى تعديله ليصبح أرض-أرض، بدلاً عن أرض-جو.
كما ظهر ضمن الصواريخ التي أعلن عنها الحوثيون، العام الماضي، صاروخ تحت مسمى "زلزال3"، وهو بالستي قصير المدى، قالوا إنه صناعة يمنية. لكن المتحدث باسم التحالف، العقيد تركي المالكي، أعلن في مؤتمر صحافي منذ أيام، أنه صاروخ إيراني الصنع. وقد برزت معلومات على الإنترنت، تشير إلى أن مواصفاته قريبة من صاروخ أُعلن عنه في إيران.
ومنذ بدء الحرب ربط الحوثيون بين إطلاق الصواريخ والرغبة في إيصال رسائل سياسية أولاً وعسكرية في الدرجة الثانية.


ويتجدد السؤال بعد كل عملية إطلاق صاروخ عن الهدف من ذلك، وما إذا كان الحوثيون لا تزال لديهم القدرة على تهريب أسلحة، تحديداً من إيران. تنفي الجماعة ومثلها حليفها علي عبدالله صالح، هذه الاتهامات. ويسيطر التحالف على كامل الأجواء والمياه اليمنية الإقليمية، منذ بدء عملياته في 26 مارس/آذار 2015، وتخضع السفن التجارية التي تصل إلى ميناء الحديدة (الواقع تحت سيطرة الحوثيين)، للتفتيش عبر الأمم المتحدة في ميناء بإريتريا، ومع ذلك يشكك التحالف بالآلية التي تتّبعها الأمم المتحدة للتفتيش، بل إن اتهامات وُجّهت في وسائل إعلامية مقربة من التحالف، للسفن الإغاثية التابعة للأمم المتحدة بالتهريب.

أما الصاروخ الأخير الذي أُطلق نحو الرياض، اقترب من الهدف لأول مرة تقريباً، على الرغم من أن الحوثيين سبق وأطلقوا حوالى 78 صاروخاً بالستياً. ويقول التحالف إن التهريب للأسلحة أو الصواريخ جرى عبر قطع منفصلة، والأيدي الإيرانية، إن وجدت، لا تحضر فقط بالتهريب، بل بوجود خبراء إيرانيين (حسب اتهامات التحالف)، عملوا على تطوير الصواريخ اليمنية التي استولى عليها الحوثيون ونقلوها إلى محافظة صعدة، لتصل إلى مدى أبعد. بينما يقول الحوثيون إن الصواريخ جرى تطويرها بأيدٍ يمنية. لذلك تبقى جميع الاحتمالات قائمة.

يلفت الباحث اليمني في شؤون النزاعات المسلحة، علي الذهب، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه في تقرير لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن لعام 2016، ما يشير إلى طرق تهريب الأسلحة إلى اليمن، ومن ذلك ما سماه "التهريب بطريقة النملة". ويضيف: "يُفهم من ذلك أنها عملية نقل طويلة المدى للأسلحة، كما أثبت التقرير أن عمليات التهريب قائمة على الرغم من الحصار، وهو ما أكدته تقارير دولية أخرى، ذات صلة بأنماط الجريمة المنظمة العابرة للبحار، التي يحصل فيها تخادم بين مختلف الأنماط، ومنها تهريب الأسلحة، ولا سيما في منطقة تعد من أكثر وأقدم مناطق العالم توتراً".

ويتطرق الذهب إلى "مسألة أخرى تتعلق بطبيعة الصراع؛ إذ إن ما يجري ليست حرباً داخلية فحسب، بل ودولية، ولكل طرف داخلي داعموه الدوليون، ولن تعجزهم الحيل في إيصال الأسلحة، بما فيها الصواريخ أو أي متطلبات تقنية ومادية متعلقة بها"، مضيفاً: "ربما تكون الصواريخ التي تُطلق من المخزون الاستراتيجي للجيش اليمني، ولكنها لظروف ما، خرجت عن الجاهزية مؤقتاً، وأعيد تأهيلها بخبرات ومتطلبات مادية مستجلبة من قبل الدول الداعمة للحوثيين وحلفائهم".

المساهمون