تضامن حركات تحرّر فلسطينيّة وأميركيّة

06 نوفمبر 2016
"رأينا ما يحدث على أرض الواقع" (العربي الجديد)
+ الخط -
 
ضروريّ هو تضامن الفلسطينيين في الولايات المتحدة مع نضال الأقليات، من دون أن يحمل ذلك أيّ نوع من المقايضة. التضامن هو مع أناس لحق بهم ظلم تاريخيّ، لا بدّ من تصحيحه

طويل هو تاريخ التعاون والدعم المتبادل بين حركات التحرر الفلسطينية من قبيل منظمة التحرير الفلسطينية، وبين حركات التحرر غير الفلسطينية من قبيل حركات تحرر السود من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا أو حركات تحرر الأميركيين من أصول أفريقية في الولايات المتحدة الأميركية كالفهود السود وغيرها. وقد شهدت سبعينيات القرن الماضي لغاية أواسط التسعينيات تعاوناً على مستويات عدة.

هذا التعاون الذي تراجع في يوم ما، عاد ليتجدّد في السنوات الأخيرة على مستويات مختلفة. المحامي الفلسطيني، أحمد أبو زنيد، من الناشطين الفاعلين في هذا المجال. هو من مؤسسي منظمة "دريم ديفنديرز" (المدافعون عن الأحلام) في فلوريدا، بعد مقتل الشاب الأعزل الأميركي من أصول أفريقية، تريفون مارتين، في مدينة ميامي في عام 2012. وأسس أبو زنيد المنظمة مع آخرين من أجل توفير الدعم والحماية للأقليات في الولايات المتحدة وعلى رأسها السود. وتعمل المنظمة على تأهيل الشباب وتمكينهم كما الدفاع عن حقوقهم المدنية والاجتماعية، وخاصة في ظل استمرار استهداف قوات الشرطة الأميركية لهم.

على هامش فعاليات مؤتمر الحملة الأميركية لدعم حقوق الفلسطينيين في واشنطن، يقول أبو زنيد لـ "العربي الجديد" إنّ "هذه القضية تظهر العنصرية والتفرقة الطبقية التي ترتبط ببعضها بعضاً في كثير من الأحيان في الولايات المتحدة". يضيف: "ولدت في القدس في فلسطين وكبرت في الولايات المتحدة. ما عشته تحت الاحتلال وكذلك خلال زياراتي الدائمة إلى فلسطين، ساعدني على فهم أفضل لما يحدث في الولايات المتحدة من تفرقة وتمييز ضد الأقليات، خصوصاً السود والشباب من أصول لاتينية. لاحظت ذلك في معاملتهم وشعرت بالتشابه (على الرغم من خصوصية كل وضع) بين أوضاعنا وأسلوب تعامل الاحتلال معنا كفلسطينيين وبين أوضاع السود واللاتينو والسكان الأصليين في الولايات المتحدة".

قبل فترة من الزمن، بدأ أبو زنيد وزملاؤه في "دريم ديفندرز" بتنظيم زيارات لفلسطين، يشارك فيها قادة وناشطون في حركات الدفاع عن حقوق السود والأقليات في الولايات المتحدة. وذلك بهدف الاطلاع على الأوضاع بأنفسهم. ويوضح أنّ "الزيارات ليست من أجل الاطلاع على أوضاع الفلسطينيين تحت الاحتلال فحسب، بل من أجل ربط النضالين ببعضهما بعضاً على مستويات عدّة". ويتابع إنّ "ما نلاحظه في الحالتَين هو التشابه في عنف الدولة. في فلسطين نعيش تحت حكم احتلال عسكري تختلف أنواعه، ومن جهتهم يشعر كثر من الأميركيين من أصول أفريقية في فيرغسون وبالتيمور أنّهم يعيشون تحت احتلال عسكري". بالنسبة إليه، "عندما ننظر إلى عنف الدولة ودور الجيش وقوات الشرطة الأميركية ولباسها وأسلحتها المستخدمة، كلها تشبه تلك المستخدمة من قبل جيش الاحتلال. ولا ننسى التعاون الفعلي والتدريب الذي يتلقاه عناصر في قوات الشرطة الأميركية في فيرغسون وسانت لويس حيث يكثر العنف ضدّ السود، على يد عناصر في قوات شرطة الاحتلال الإسرائيلي ووحدات مكافحة الإرهاب". بالتالي، هي مرتبطة وإن اختلفت سياقاتها التاريخية وجغرافيتها".




وعن التعاون والهدف من إرسال وتمويل بعثات إلى فلسطين، يقول أبو زنيد: "ثمّة طرق عدة لتوعية الناس حول ما يحدث في فلسطين كتنظيم ورش عمل واقتراح قراءة كتب أو مقالات معيّنة، لكنّ لا شيئ يضاهي أن يشاهد الناس بأنفسهم ما يحدث. عندما يفعلون، فإنّ ردّ فعل وكذلك التفاعل يكونان مختلفَين تماماً". ويلفت إلى أنّهم نجحوا، حتى الآن، في تأمين تمويل لأفراد بعثتَين، بمن فيهم قادة من حركة "حياة السود مهمة". هكذا، يتبادل الناشطون من الطرفَين التجارب وتبنى العلاقات الشخصية.

وبدا تأثير تلك الزيارات واضحاً في البرنامج السياسي والاجتماعي المفصل لحركة "حياة السود مهمة"، الذي صدر أخيراً. فقد نصّ على دعم رسمي لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على دولة الاحتلال. ووصف البرنامج إسرائيل بأنّها "دولة التفرقة العنصرية التي ارتكبت تطهيراً عرقياً ضد الفلسطينيين". يُذكر أنّ هذا الدعم الذي أعلنت عنه المنظمة للمرّة الأولى منذ تأسيسها في عام 2013، أثار سخطاً واسعاً ليس فقط بين الصهاينة اليمينيين والليبراليين بل في أوساط يهود أميركيين محسوبين على اليسار الأميركي. تجدر الإشارة إلى أنّ الحركة تحظى باحترام بين الأقليات في الولايات المتحدة، وتعدّ مظلّة لأكثر من 50 تنظيماً سياسياً واجتماعياً للأميركيين من أصول أفريقية، تكافح من أجل نيلهم حقوقهم الاجتماعية والسياسية ووقف استهداف من قبل الشرطة.

آشلي هيندرسون ناشطة في منظمة "برودجيكت ساوث" من بين الذين زاروا فلسطين. تقول لـ "العربي الجديد" إنّ الزيارة "أثّرت بي كثيراً عندما رأيت ما يحدث على أرض الواقع. ولا يستطيع أحد أن يكذّب ما رأته عيناي. فبناء العلاقات على صعيد شخصي أمر مهمّ للغاية، كذلك تبادل الخبرات والتعلم من حركة المقاطعة والأساليب التي تستخدمها". تضيف أنّه "كانت مؤثرة رؤية لافتات هناك كتب عليها: من فلسطين إلى فيرغسون. من المؤثّر أن تشاهد الناس هناك والناشطين على الأرض وهم ينشرون الوعي حول قضيتنا كذلك، وقد خصّصوا الوقت للتركيز على نضالات غيرهم".

المساهمون