ومنح رئيس حكومة تونس يوسف الشاهد بمقتضى التعديل الذي أعلن عنه مساء الاثنين وزارة السياحة لأحد المنتمين للقطاع المقيمين بفرنسا، أي الطرابلسي، ما أثار ردود فعل مختلفة بين رافض ومؤيد لهذا التعيين.
واعتبر سياسيون وبرلمانيون أن تعيين صاحب وكالة سفر على رأس وزارة السياحة يقوّض مجهودات الحكومة من أجل مكافحة الفساد نظرا لتضارب المصالح بين وظيفته الوزارية ومجال نشاط شركات الوزير الجديد الذي يدير وكالة "رويال فرست ترافل".
ودعا عضو البرلمان ياسين العياري إلى عدم التصديق على تعيين الطرابلسي على رأس وزارة السياحة والصناعات التقليدية ملوّحا باللجوء إلى القضاء لوجود تضارب مصالح في هذا التعيين.
وقال العياري على صفحته الخاصة "سأطعن في ترشح روني الطرابلسي أمام المحاكم، لتضارب المصالح لأن وزير السياحة المقترح، يملك وكالات سفر".
وأضاف العياري أن الفصل 17 من القانون عدد 46 لسنة 2018 يمنع الوزراء من العمل بأي مهنة حرة أو أي عمل تجاري.
وبحسب المادة الرابعة من هذا القانون "يعد تضارب المصالح كل وضعية يكون فيها للشخص الخاضع لأحكام هذا القانون مصلحة خاصة ومباشرة أو غير مباشرة يستخلصها لنفسه أو لمن تربطه بهم صلة تؤثر أو من شأنها أن تؤثّر على أدائه الموضوعي والنزيه والمحايد لواجباته المهنية."
يخضع لأحكام هذا القانون كل شخص طبيعي، سواء كان معيّنا أو منتخبا بصفة دائمة أو مؤقّتة، تعهد إليه صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى الدولة أو جماعة محليّة أو لدى مؤسسة أو هيئة أو منشأة عمومية سواء كان ذلك بمقابل أو دون مقابل.
ومقابل رفض سياسيين ومهنيين في القطاع السياحي لتعيين الطرابلسي على رأس الوزارة، رأى شق آخر أن يوسف الشاهد أصاب في هذا الاختيار متوقعين أن يساهم الوزير الجديد من مزيد تحريك صناعة السياحة وتطويرها مستغلا قدرته على استقدام أسواق جديدة والترويج للوجهة التونسية استنادا إلى الخبرة التي اكتسبها من إدارة وكالته الخاصة في فرنسا.
ولفت كاتب عام جامعة وكالات السفر ظافر لطيف إلى أن روني الطرابلسي اكتسب خبرة طويلة من خلال إدارته لوكالة في الخارج تشتغل أساسا على الوجهة التونسية، مؤكدا أن المسؤول القادم للوزارة قادر على توجيه جزء من نشاط متعهدي الرحلات التونسيين الناشطين في أوروبا نحو تونس.
وأضاف لطيف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الدول التي نجحت في إدارة القطاع السياحي عوّلت إلى حدّ ما على متعهدي الرحلات في خارج حدودها، مؤكداً على أن هؤلاء يمثلون صمام أمان للسياحة في فترة الأزمات.
وأوضح كاتب عام جامعة وكالات السفر أن متعهدي الرحلات التونسيين في دول المهجر يعانون من مشاكل عدة، متوقعا أن يساهم الطرابلسي في حل هذه الإشكاليات واستغلال قدراتهم على مزيد جلب السياح إلى تونس وإنعاش القطاع الذي بدأ يشق طريقه نحو التعافي، بحسب قوله.
ولفت لطيف إلى أن مدّة اشراف الطرابلسي على وزارة السياحة لن تتجاوز أشهرا عديدة، بسبب اقتراب تونس من الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستجرى نهاية العام المقبل، مشيرا إلى أن التكهن بنجاحه في إدارة القطاع من عدمه يبقى نسبيا وسابق لأوانه.
وبحسب بيانات صادرة عن وزارة السياحة في وقت سابق من أكتوبر/تشرين الأول، زار تونس خلال الأشهر التسعة الأولى من 2018 نحو 6.27 ملايين سائح، وهو ما يتجاوز عدد السياح لمجمل عام 2014 الذي بلغ 6.07 ملايين، ما يشير إلى تخطي تداعيات العمليات الإرهابية التي استهدفت متحف باردو في العاصمة في مارس/آذار 2015 ومنتجع سوسة في يونيو/حزيران من العام نفسه.
وبلغت الإيرادات حتى 20 سبتمبر/أيلول نحو مليار يورو (1.15 مليار دولار) مسجلة زيادة بنسبة 28% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وشكل السياح الأوروبيون والروس القسم الأكبر من الوافدين بنسبة 44.9%، كما ارتفع عدد المغاربة الذين يشكلون نحو نصف الزائرين بما يعادل 3 ملايين بنسبة 16.9%. وتعد جزيرة جربة (جنوب) الوجهة السياحية الأكثر استفادة من الانتعاش المسجل خلال الأشهر الماضية.