تصاعد الاحتجاجات في الأردن ضد استيراد الغاز من الاحتلال

27 مارس 2019
الشارع يرفض استيراد الغاز من إسرائيل (صلاح ملكاوي/ الأناضول)
+ الخط -
عادت الاحتجاجات بقوة إلى الشارع الأردني، رفضاً لاتفاقية الغاز الموقعة بين الحكومة، ممثلة بشركة الكهرباء الوطنية، والاحتلال الإسرائيلي، والتي سيورد بموجبها الكيان الصهيوني الغاز للأردن لمدة 15 عاماً وبقيمة مقدرة بنحو 15 مليار دولار.
وتزامنت مناقشات مجلس النواب (البرلمان) للاتفاقية أمس، مع وقفة احتجاجية نفذتها حشود من المواطنين أمام المجلس، للمطالبة بالضغط على الحكومة للتراجع عن الاتفاقية ووقف الأعمال التنفيذية الخاصة بالمشروع.

واعتبر المشاركون بالوقفة الاحتجاجية الاتفاقية دعماً للكيان المحتل، وأن الشارع الأردني يرفض أي تعاملات معه.
واحتدم الجدل بين الحكومة والنواب حول دستورية اتفاقية الغاز، فبينما يرى النواب أنه يجب أخذ موافقتهم على الاتفاقية، عملاً بأحكام الدستور، ترى الحكومة أن الاتفاق تم بين شركتي الكهرباء الحكومية ونوبل انيرجي صاحبة امتياز الغاز في إسرائيل ولا يجب التدخل فيه.

وقال رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة إن مناقشة اتفاقية الغاز هي أخطر ملف يبحثه النواب في دورتهم الحالية، إذ جددوا مطالباتهم للحكومة بإلغاء الاتفاقية التي تعتبر من وجهة نظرهم أكبر مشروع تطبيعي مع الكيان الصهيوني وتساهم بدعم إمكاناته الاقتصادية.
ونظرا لحساسية المناقشات فقد منع البرلمان المواطنين على غير العادة من حضور الجلسة الخاصة بمناقشة الاتفاقية، إذ يوجد عادة مكان خاص في البرلمان يتيح للمواطنين حضور الجلسات العادية.

وقد تحدث في جلسة مناقشة الاتفاقية التي استمرت على جلستين صباحية ومسائية عدد كبير من النواب الذين أجمعوا على خطورة شراء الغاز من الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة أن الحكومة تمتلك العديد من الخيارات لتعزيز أمن الطاقة في البلاد بعيدا عن التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.
وارتفعت وتيرة الانتقادات البرلمانية برفض النواب لاقتراح رئيس اللجنة القانونية في المجلس عبد المنعم العودات، بالاحتكام إلى المحكمة الدستورية، عبر طلب تفسير مادة رقم 33 من الدستور ليتمكن المجلس من اتخاذ قراره حول اتفاقية الغاز وهو ما أيده رئيس الوزراء ورفضه النواب.

وتنص الفقرة الثانية من المادة 33 من الدستور على أن "المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس بحقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية".
وقال مقرر لجنة الطاقة في مجلس النواب، موسى أبو هنطش، لـ"العربي الجديد"، إن مناقشة النواب للاتفاقية تمت بطريقة غير مسبوقة، تعكس درجة الرفض الشعبي للتعاون مع الكيان الصهيوني وشراء الغاز منه.

وأوضح أن الحكومة عليها الالتزام بقرار مجلس النواب الذي صوت سابقا على رفض الاتفاقية وجدد رفضه لها في مناقشات أمس، مشيرا إلى أن الخيار المتاح أمام النواب في حال تجاهلت الحكومة مطالبها العمل على إسقاطها وحجب الثقة عنها بحسب القنوات الدستورية.
وأضاف أنه من المستغرب تمسك الحكومة بهذه الاتفاقية رغم وجود البدائل الأخرى للتزود بالطاقة، وبخاصة استيراد الغاز من مصر ومشاريع الطاقة المتجددة المختلفة والعمل على مد أنبوب للنفط مع العراق.

وقال عضو لجنة الطاقة النائب جمال قموه لـ"العربي الجديد" إن مجلس النواب عبّر عن نبض الشارع الأردني الذي يرفض شراء الغاز من إسرائيل.
وأضاف أن الحكومة كانت أمام محاكمة سياسية من قبل مجلس النواب، وفي حال تجاهل الحكومة لمطالبهم فإن ذلك سيؤزم العلاقة بين الجانبين خلال الفترة المقبلة.

رئيس لجنة مقاومة التطبيع السابق مناف مجلي أكد لـ"العربي الجديد" أن القوى الشعبية المناهضة للاتفاقية ستواصل جهودها للضغط على الحكومة للتراجع عنها حتى وإن تم البدء بمد الأنبوب داخل الأراضي شمالاً.
وأضاف أن شراء الغاز من الاحتلال غير مبرر، ولم تعد هناك حجة أمام الحكومة للاستمرار بهذا المشروع التطبيعي، وأن أفضل رد على ممارسات الاحتلال والقوى الدولية الداعمة له حالياً يتمثل بإعلان إلغاء الاتفاقية.

وطالب النائب طارق خوري الحكومة أن تحذو حذو الملك عبد الله الثاني وتتخذ قراراً متقدماً بإلغاء اتفاقية الغاز.
ورأى النائب مصطفى العساف أن هذه الاتفاقية تقيد للوطن وتكبله، قائلاً: "أرفض من حيث المبدأ اتفاقية الغاز مع العدو الصهيوني جملة وتفصيلاً".

ودعا النواب إلى رفض الاتفاقية وإلزام الحكومة بإلغائها حفاظاً على الوطن، مضيفاً أن المباشرة من الحكومة بتنفيذ هذه الاتفاقية مخالف للدستور والقانون. وقال النائب صالح العرموطي إن هذه الاتفاقية لا تخدم الأردن وتحقق أهداف العدو الصهيوني.
وأكد العرموطي خلال جلسة النواب أمس، لمناقشة اتفاقية الغاز، أن هذه الحكومة لا تخدم الأردن ولا المواطن.

ومن جانبه، أوضح الخبير القانوني محمود قطيشات لـ"العربي الجديد" أن النص الدستوري بشأن مناقشة الاتفاقيات التي تعقد بين حكومتين يصبح من حق مجلس النواب المصادقة عليها أو رفضها، ولكن اتفاقية الغاز مع اسرائيل تمت بين شركات، وإن كانت شركة الكهرباء الوطنية مملوكة للحكومة. وأضاف أن إلغاء الاتفاقية ستترتب عليه أعباء كبيرة على الأردن لوجود شروط جزائية فيها.



المساهمون