أبدى مسؤولون وخبراء في سوق العمل الأردني مخاوفهم، من استغلال المستثمرين في الأردن اتفاقاً بين عمّان والاتحاد الأوروبي يسمح بتشغيل نسبة من اللاجئين السوريين مقابل زيادة فرص تصدير السلع الأردنية للسوق الأوروبية، والقيام بتسريح عدد من العمالة الأردنية وتشغيل سوريين محلهم للاستفادة من الاتفاق، دون إضافة طاقات إنتاجية أو ضخ استثمارات جديدة لزيادة فرص التشغيل.
إلا أن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في الأردن أكدت أن الاتفاق سيعمل على تخفيف الأعباء عن كاهل اللاجئين وتوفير فرص عمل تعينهم على مواجهة الظروف الصعبة.
وأعلن الأردن والاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء الماضي عن تعديل بروتوكول قواعد المنشأ وتبسيطها أمام الصادرات الأردنية وعن حزمة مساعدات بقيمة 747 مليون يورو (823 مليون دولار) للعامين 2016 و2017.
وتشمل التسهيلات بحسب وزير التخطيط الأردني، عماد الفاخوري، تخفيض القيمة المضافة المحلية في المنتجات الأردنية إلى 30% بدلاً مما يصل إلى 65%.
وبإمكان المصانع القائمة التصدير وفق هذا التعديل شريطة توظيف حوالى 15% من إجمالي القوى العاملة في المصنع من السوريين خلال العامين الأولين من الاتفاق، لترتفع إلى 25% خلال السنة الثالثة، بينما يستحوذ الأردنيون على 75% من الوظائف.
ووصفت الحكومة الأردنية الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي بأنه "إنجاز كبير"، إلا أن خبراء أبدوا مخاوفهم من ارتفاع معدل البطالة بين الأردنيين، معتبرين أن الكثير من المصانع القائمة لديها حاجتها من الأيدي العاملة، وستكون مضطرة للاستغناء عن بعض العاملين لتشغيل سوريين مكانهم حتى تستطيع التصدير إلى الأسواق الأوروبية بموجب الاتفاق.
وكانت دائرة الإحصاءات العامة الأردنية، قد أعلنت أن معدل البطالة في الأردن ارتفع إلى 14.6%، فيما تقدرها جهات غير رسمية بأعلى من ذلك.
واعتبر عوض، أن "الاتفاق قد يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة بين الأردنيين في ظل مزاحمة اللاجئين السوريين لهم في سوق العمل سواء المنظم وغير المنظم ولابد من الانتباه إلى كيفية تطبيق القرار من قبل المنشآت الاقتصادية القائمة للحيلولة دون تسريح العمال الأردنيين".
وأشار إلى أنه يمكن أن تشترط الحكومة على المصانع القائمة، أن يتم تشغيل اللاجئين السوريين من خلال استحداث فرص عمل جديدة بناء على توسيع قواعد الإنتاج لغايات التصدير إلى الأسواق الأوروبية.
ولم يستبعد رئيس المرصد العمالي، أن تتأثر العمالة الوافدة أيضاً وخاصة المصرية بهذا الاتفاق، الذي قد يُربك سوق العمل، خاصة في بعض القطاعات.
ويرتبط الأردن والاتحاد الأوروبي باتفاقية شراكة منذ العام 2002، لكنها لم تسهم في زيادة الصادرات الأردنية إلى أوروبا ولا تتجاوز 280 مليون دولار سنوياً، يقابلها وارادت من السلع الأوروبية بأكثر من 5 مليارات دولار.
وقال رئيس الوزراء الأردني، هاني الملقي، في تصريحات صحافية قبل يومين، إن ما تم التوصل إليه مع الاتحاد الأوروبي بخصوص تبسيط قواعد المنشأ يعد خطوة في غاية الأهمية، حيث ينطوي الاتفاق على العديد من المزايا والخصائص، التي من المؤمل أن تساهم بشكل كبير في زيادة حجم الاستثمارات والصادرات.
لكن حسام عايش، الخبير الاقتصادي، قال إن الاتفاق محفوف بمخاطر على سوق العمل ووظائف الأردنيين في القطاع الصناعي، الذي يشغل غالبية الأيدي العاملة في الوقت الذي تراجعت فيه قدرة الحكومة على توفير فرص العمل في القطاع العام، ما يعني أن البطالة مرشحة للارتفاع خلال الفترة المقبلة.
وأضاف عايش في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن إقامة استثمارت جديدة في الأردن بموجب الاتفاق يحتاج إلى وقت وبالتالي فإن المصانع القائمة هي التي ستستفيد من تسهيل صادراتها للأسواق الأوروبية.
وأشار إلى أن ما يعزز المخاوف من ارتفاع معدل البطالة، هو تسريح دول خليجية أعداداً من الأردنيين العاملين لديها، بسبب أزمة تراجع أسعار النفط التي دفعت أغلب الدول إلى ترشيد الإنفاق على المشروعات وبالتالي تراجع معدلات التوظيف.
وأكد أهمية أن تأخذ اللجنة الوطنية للتشغيل، التي شكلتها الحكومة الحالية، بعين الاعتبار المحافظة على وظائف الأردنيين في القطاع الخاص وضمان عدم الاستغناء عنهم بحجة تنفيذ بنود الاتفاق مع الأوروبيين.
وأبدى عدنان أبو الراغب، رئيس غرفة صناعة الأردن ارتياحه لتبسيط قواعد تصدير السلع للسوق الأوروبية، مشيراً إلى أنها ستؤدي إلى زيادة حجم الصادرات.
لكن أبو الراغب رأى أنه لابد أن تكون هناك مرونة فيما يخص نسبة تشغيل اللاجئين، خاصة في حال عدم توفر المهارات والخبرات المطلوبة من قبل بعض المصانع.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن حوالى 1.3 مليون لاجىء. وتعهدت الحكومة الأردنية بتشغيل نحو 200 ألف لاجئ سوري على مدى ثلاث سنوات، مقابل إقامة مناطق تنموية بدعم دولي ومساعدات مباشرة وغير مباشرة.
وجاء اتفاق تشغيل السوريين تنفيذاً لمخرجات مؤتمر لندن للمانحين الذي انعقد في فبراير/شباط الماضي في العاصمة البريطانية لندن لدعم الدول المستضيفة للاجئين السوريين ومنها الأردن.
وكانت الحكومة الأردنية، أعلنت أن الدعم الذي حصل عليه الأردن من المؤتمر الرابع للمانحين لدعم اللاجئين السوريين ودول المنطقة الذي أقيم في العاصمة البريطانية لندن بلغ 3.5 مليارات دولار، إضافة إلى تسهيلات ائتمانية بقيمة 5.7 مليارات دولار.
كما أعلن الأردن يوم الخميس الماضي، عن توفير مجموعة البنك الدولي لتمويل بقيمة 1.4 مليار دولار للبرامج والمشاريع الاستثمارية الإقراضية وبعض المنح للأعوام 2017 ـ 2022. وتوقع البنك أن ينمو الاقتصاد الأردني بنسبة 3.3% خلال العام المقبل.
وقال علي بيبي، المتحدث الرسمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، لـ"العربي الجديد"، إن الاتفاق بين الأردن والاتحاد الأوروبي على تشغيل اللاجئين السوريين، سيعمل على تخفيف الأعباء عن كاهل اللاجئين وتوفير فرص عمل لهم تعينهم على مواجهة الظروف الصعبة التي يعانون منها.
وأضاف أن نجاج الاتفاق يتطلب وفاء المجتمع الدولي بتعهداته، التي أعلن عنها خلال مؤتمر لندن للمانحين في لندن قبل نحو 5 أشهر.