تسع ثوانٍ "يوتيوبية" تغير مفهوم الجمال

26 مارس 2015
تسع ثوانٍ على "يوتيوب" غيرت مسار حياة فيلاسكويز (Getty)
+ الخط -

تسع ثوان هي مدة شريط مصور على موقع "يوتيوب" بعنوان "المرأة الأكثر قبحاً في العالم" حولت حياة الشابة الأميركية ليزي فيلاسكويز وتجربتها المضنية مع القبح إلى ملحمة من ملاحم "الجمال الحقيقي".

وقد أثار ذلك الفيديو فضول ملايين المشاهدين عبر العالم الذين علّق المئات منهم تعليقات قاسية وساخرة، حتى أن بعضهم طلب من ليزي التي كانت في السابعة عشرة من عمرها آنذاك أن تقتل نفسها كي تخلص العالم من بشاعتها، لكنها قررت أن تدير اللعبة بطريقة مختلفة متحولة بذلك إلى "أيقونة جمالية"، فالفتاة التي تبلغ الآن من العمر 27 سنة، والتي تعرضت خلالها سنوات طفولتها ومراهقتها إلى مضايقة زملائها وسخريتهم اللاذعة وممارستهم البلطجة عليها قررت تغيير قواعد اللعبة وذهبت إلى المواجهة المباشرة.

وكانت خطة فيلاسكويز تتمثل بالحديث العلني عن تجربتها مع القبح عبر محاضرات تحفيزية ملهمة، وهي نوع من الأنشطة الرائجة في الولايات المتحدة، لتحقق نجاحا منقطع النظير في هذا المجال، استطاعت من خلالها تغيير الصورة التي قدمها الشريط المصور الشامت والساخر قبل عدة أعوام. واليوم تحظى بعض المقاطع المصورة من محاضراتها التحفيزية والمنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي باستقطاب ملايين المشاهدين مع آلاف التعليقات الإيجابية الممتلئة بآيات الإعجاب والاحترام والتقدير.

ولدت ليزي فيلاسكويز في مدينة أوستن بولاية تكساس عام 1989 قبل أربعة أسابيع من موعد ولادتها وبوزن 1.2 كغ، ولم تزن طيلة فترة حياتها أكثر من 29 كغ وذلك من جراء إصابتها بحالة مرضية نادرة جدا، تدعى متلازمة "بروجي رويد" يعاني منها ثلاثة أشخاص فقط في العالم. وتتمثل هذه الحالة المرضية بعدم احتواء الجسم على أية نسبة من الدهون وبالتالي فقدان القدرة على اكتساب الوزن.

ويحتم عليها هذا المرض أن تتناول وجبات خفيفة وبشكل متكرر على مدار اليوم وهي تستهلك يوميا 5000 كيلوكالوري من الطاقة مقارنة باحتياج الشخص الأميركي المتوسط الذي يقدر بـ 3.770 كيلوكالوري. كما أن جهازالمناعة لديها ضعيف فضلا عن فقدانها البصر في عينها اليمنى منذ كانت في الرابعة من عمرها.

درست ليزي الاتصالات في "جامعة ولاية تكساس" وتخرجت في عام 2012 وقامت في عام 2010 بنشر كتاب حول سيرتها الذاتية بعنوان "الجميلة ليزي" باللغتين الإنكليزية والإسبانية تحدثت فيها عن نقطة الانعطاف الكبيرة في حياتها حين قررت الحديث عن تجربتها مع القبح أمام الجمهور والأسباب التي دفعتها إلى ذلك.

وفي عام 2012 نشرت كتابها الثاني بعنوان "كن جميلا.. كن أنت" وفيه تحاول فيلاسكويز أن تستكشف الأسباب التي "تجعلنا جميلين حقا" مشاركة بذلك القراء "تجربتها المليئة بالإيمان" وتستخدم التمارين والحكايات لتعليم القراء "كيفية الاعتراف بمواهبهم الفريدة والتحدث إلى الله بالكلمات الخاصة بهم، وكيفية التعامل مع خيبات الأمل، والحفاظ على الصداقات الشخصية، ووضع الأهداف الواقعية".

وقد وجدت المؤسسة التي نشرت كتاب ليزي الثاني رسالة ذات مغزى حول الجمال وقوة منعشة للأشخاص الذين يساء فهمهم في "عالم مليء بصور المشاهير يشهد انتشارا كبيرا لجراحة التجميل".

وتشعر ليزي اليوم بالامتنان لجميع الذين سخروا منها، أو مارسوا عليها البلطجة في طفولتها ومراهقتها، وقد عبرت مؤخرا عن شكرها لذلك الشخص الذي نشر فيديو "المرأة الأكثر قبحا في العالم" وقالت: إذا قابلت ذلك الشخص في أي وقت فسوف أقفز إليه وأعطيه احتضانة كبيرة وسوف أشكره لكونه السبب في إعطائي أجمل شيء حدث لي خلال حياتي. ذلك الفيديو غيّر كل شيء، وأعطاني المنصة لكي أكون اليوم صوت جميع أولئك الذين تعرضوا للبلطجة في حياتهم، وليس فقط صوتي.


(لبنان)

المساهمون