استمع إلى الملخص
- طرق التهريب وتكاليفها: يشرف أفراد من الأجهزة الأمنية على طرق التهريب مقابل 100 دولار للشخص، وتمر أشهر الطرق عبر وادي خالد والزبداني، وتتطلب الرحلة حوالي أربع ساعات.
- تمييز النظام السوري على المعابر الحدودية: يميز النظام السوري على أساس الجنسية، مما يزيد الأعباء على السوريين ويعرضهم لخطر الاعتقال والتحقيق عند العودة.
يسلك السوريون العائدون من لبنان طرق التهريب لأسباب عدة، أبرزها المخاوف الأمنية والملاحقة، مع حديث عن لجوء النظام إلى تخفيف الإجراءات الأمنية عن اللاجئين السوريين الراغبين في العودة، لكنه لا يؤمن جانبه، خاصة مع المطلوبين أمنياً أو للتجنيد.
ينحدر الشاب عبد السلام من ريف محافظة حمص، وعاد مؤخراً عبر طرق التهريب إلى بلدته. ويقول لـ"العربي الجديد": "كنت أدرس بالجامعة قبل مغادرتي إلى لبنان قبل نحو 10 سنوات، وأنا مطلوب للخدمة الإلزامية. لم أتجرأ على العودة من المعبر الحدودي بشكل نظامي، فالأمر يحتاج إلى ورقة زيارة كي لا يوقفني الأمن، وهذه الورقة يصعب في الوقت الحالي استخراجها".
يتابع: "قررت الرجوع مع زوجتي وابنتي بعد أن سمعت أن النظام بدأ يخفف من القيود، ومن بينها الإجراءات الخاصة بمراجعة شعبة التجنيد، لكني لا أريد المغامرة، وبكل الأحوال سأبقى متوارياً عن الأنظار داخل البلدة كي أضمن عدم ملاحقتي من قبل الأمن".
بدوره، يقول مسعود أبو فاضل (42 سنة) لـ"العربي الجديد"، إن لديه ملف إعادة توطين لدى الأمم المتحدة، وهو يتخوف من خسارة ملفه في حال عاد بشكل نظامي من معبر حدودي رسمي بين سورية ولبنان. يضيف: "في كافة الأحوال، وحتى إن لم أتعرض للملاحقة الأمنية حال عدت من معبر رسمي، لم أكن لأذهب عبره. في حال عدت إلى سورية بشكل رسمي فسأخسر ملفي لدى الأمم المتحدة، لذلك كان خياري هو العودة عبر الطرق غير الرسمية هو الحل. المطلوبون، وحتى بعض الأشخاص الذين يمتلكون سجلاً أمنياً نظيفاً لدى النظام، والأشخاص الذين لديهم ملفات لدى الأمم المتحدة، يفضلون سلوك طرق التهريب كونها أسلم من خلال التجارب التي عشناها سابقاً على المعابر الحدودية".
يسلك سوريون طرق تهريب يشرف عليها أفراد في الأجهزة الأمنية
ويقول مراد اليوسف، وهو أحد سائقي سيارات الأجرة التي تنقل الركاب من سورية إلى لبنان عبر المنافذ الرسمية، لـ"العربي الجديد": "يسلك السوريون العائدون طرق تهريب يشرف عليها أفراد في الأجهزة الأمنية يتعاونون مع المهربين لقاء مبالغ مالية تبلغ نحو 100 دولار عن الشخص الواحد، وأشهر طرق التهريب تمر عبر منطقة وادي خالد في ريف حمص، ويكلف الشخص ما بين 100 إلى 110 دولارات، ولتجنب الاختطاف أو الوقوع في مشاكل، على الشخص عدم النقاش، ودفع المال على الفور".
يتابع اليوسف: "الطريق الثاني يمر من الزبداني في ريف دمشق حول جديدة يابوس، وهذا الطريق ذهاب وعودة، وهو أيضاً يكلف نحو 100 دولار، ويتطلب السير لمدة تصل إلى أربع ساعات للوصول إلى ريف دمشق. هناك أشخاص لا توجد عليهم مشاكل أو غير مطلوبين، يستخدمون طرق التهريب خوفاً من دخول المعابر الحدودية والتعرض للمشاكل، فأغلب السوريين يخافون الملاحقة والاعتقال".
ويتعمد النظام السوري التمييز عبر المعابر الحدودية الرسمية على أساس الجنسية، ويندد سوريون بسهولة دخول جميع الجنسيات بينما يضطر السوري إلى تصريف 100 دولار بالليرة على الحدود للسماح له بالدخول، وهو القرار الذي أعلنت حكومة النظام، الأحد، وقف العمل به لمدة أسبوع. وحسب قرار نشرته رئاسة مجلس الوزراء، فإن ذلك "يأتي تماشياً مع الظروف الطارئة المصاحبة للعدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، وما يصاحب ذلك من حركة وفود على المعابر الحدودية".
وصدر القرار في عام 2020، وبررته حكومة النظام حينها بأنه "يأتي في سياق خدمة المواطن، ويزيد من واردات مصرف سورية المركزي، ويدعم الليرة السورية، ويسعى إلى الحد من نشاط السوق السوداء خارج الحدود".
يقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، لـ"العربي الجديد": "يميز النظام على أساس الجنسية، إذ يسمح للبنانيين بالدخول من دون شروط، ويطلب من السوريين تصريف 100 دولار، وهذا غير مسبوق في العالم؛ فكافة الدول تعطي الأولوية لمواطنيها، ما يظهر مدى انحطاط النظام، ونهب أموال المواطنين، بينما هذا الشرط يزيد الضغوط والأعباء على العوائل، خاصة إذا كانت العائلة مكونة من عدة أفراد، ونعتقد أن هذه أوامر إيرانية. يحق للبنانيين اللجوء إلى سورية إذا لم يكن لديهم مناطق آمنة يذهبون إليها، لكني أتوقع وجود هذه المناطق في لبنان. إذا كان النظام لديه هذه التبعية لإيران، فيجب عليه أن يعامل الناس بالمثل".
ويلفت عبد الغني إلى وجود مخاطر على اللاجئين السوريين العائدين من لبنان، مبيناً أنهم "معرضون لخطر الاعتقال والتحقيق، ومطلوبون للمراجعة لدى الأفرع الأمنية، وهذه أمور معروفة عن النظام السوري. لدينا تخوف من عمليات ملاحقة ضد العائدين، وقد يتعرضون للاعتقال أو التعذيب، ولا توجد آليات لحمايتهم بالطبع، فالنظام ليس لديه آليات قضائية، وهو أكبر منتهك للقانون السوري، ووسيلة الحماية الوحيدة تكمن في عدم العودة إلى سورية حيث لا أحد يضمن سلامتهم".