تزوير شهادة وفاة الطبيبة المصرية... توقف القلب بدلاً من الصعق بالكهرباء

16 أكتوبر 2018
شهادة الوفاة المزورة (فيسبوك)
+ الخط -


صرحت نيابة شرق القاهرة المصرية بدفن جثة الطبيبة سارة أبو بكر (34 عاماً)، والتي عثر عليها متفحمة منذ يومين داخل حمام سكن الطبيبات بمستشفى المطرية التعليمي، شرقي القاهرة. ورفضت والدتها تشريح الجثة، والتوقيع أمام النيابة باستلامها دون تشريح.

وحسب التقرير المبدئي، فإن الوفاة حدثت نتيجة إصابة الطبيبة بفشل في جميع الوظائف الحيوية للجسم، مع اتساع حدقتي العين، ووجود جرح كبير أسود اللون في منطقة الفخذ الأيسر، وبعض الحروق بأنحاء متفرقة بالجسد. في حين قررت النيابة التحفظ على محتويات استراحة الأطباء بالمستشفى، وعدم العبث بها، لحين الانتهاء من التحقيقات، ووضع التقرير النهائي.

وتورطت وزارة الصحة في تزوير سبب وفاة الطبيبة الشابة بشهادة وفاتها الرسمية، والتي صدرت عن مكتب صحة المطرية. وأفادت أن سبب الوفاة هو "توقف القلب" بدلاً من الصعق بالكهرباء، في الوقت الذي اتهم فيه شقيق الضحية، مصطفى أبو بكر، مكتب الصحة برفض استخراج شهادة الوفاة إلا بعد استرجاع الجثمان مرة أخرى، بدعوى وقوع الأسرة في خطأ إجرائي دون قصد.

ولقيت الطبيبة المصرية مصرعها بعد تفحمها وبقائها أربع ساعات كاملة داخل الحمام، وحين شمت زميلات الضحية رائحة "الشياط" في المستشفى، كسرن الباب ووجدن سارة مُلقاة على جنبها الأيمن، وإحدى يديها على وجهها، واليد الثانية تمسك "دش" الاستحمام، مع وجود ازرقاق في أغلب أنحاء جسدها، واحمرار في الفخذ، بما يؤكد تفحمها نتيجة الصعق، وفقاً لشهادتهن أمام النيابة.

في المقابل، قالت وزارة الصحة في بيان رسمي، إن الطبيبة كانت تعمل نائبة أطفال بمستشفى المطرية التعليمي، وأخلت طرفها من العمل بالمستشفى منذ يوليو/تموز عام 2017، وانتقلت للعمل بمستشفى آخر. وفي يوم الوفاة، كانت في زيارة شخصية لزميلاتها بالمستشفى، وقررت المبيت بسكن الطبيبات، زاعمة أن الوفاة "طبيعية"، ولا يوجد أي شبهة في حدوث تماس كهربائي.

وأضافت الوزارة أنه "فور حدوث الوفاة، تم استدعاء المدير المناوب للمستشفى، وفريق من الصيانة، للتأكد من سلامة الأسلاك الكهربائية المؤدية إلى الحمام، والسخان الكهربائي، محل الواقعة"، مشيرة إلى أن "الهيئة العامة للمستشفيات والمعاهد التعليمية شكلت لجنة متخصصة قانونية وهندسية لمعاينة موقع الوفاة، وانتهت إلى أن جميع وصلات الكهرباء سليمة!".





من جهتها، طالبت نقابة الأطباء المصرية، وزيرة الصحة، هالة زايد، بإجراء تحقيق عاجل بحادث وفاة الطبيبة، والإسراع في تنفيذ مشروع تحسين سكن الأطباء، الذي أعلنت عنه عند توليها مهام عملها، حفاظاً على أرواح الأطباء والطبيبات، خصوصاً أن الوزارة أعلنت عن مسابقة تصميم أفضل سكن للأطباء والممرضين في جميع المستشفيات.

وصرحت عضو مجلس نقابة الأطباء، الدكتورة منى مينا، أن الطبيبة الراحلة كانت في فترة الزمالة، والتي تعد فترة تدريب للأطباء، ويذهب خلالها الطبيب إلى أحد المستشفيات المتميزة، لافتة إلى أن بعض المستشفيات تجبر الأطباء على التوقيع بعدم أحقيته بالسكن شرطاً لقبوله بالزمالة، وهو ما حدث مع الضحية، والعديد غيرها من زملائها الأطباء.

وأوضحت مينا أن "الأطباء يسمحون لزملائهم بالسكن معهم في نفس الغرفة، ويوم الواقعة فوجئت زميلات سارة بخروج مياه من الحمام، ما دفعهن للطرق على الباب، وعندما لم يحصلن على استجابة كسرنه، ووجدن سارة مُلقاة على الأرض، ويدها متشبثة بخرطوم الدش، وعلى فخذها علامة سوداء بعرض 3 سنتيمترات، وطولها 10 سنتيمترات، وشخصت طبيبة حروق من زميلاتها أنه حرق كهرباء".

وتقدمت وكيلة لجنة الصحة في البرلمان، النائبة إيناس عبد الحليم، بطلب إحاطة عاجل إلى وزيرة الصحة، ورئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، بشأن وفاة الطبيبة الشابة، مؤكدة أن الحروق تنتشر بجسد الضحية، ما يكشف عن مدى إهمال الصيانة الدورية للمستشفيات، وضرورة إجراءات حماية للمنشآت العامة.

واستطردت عبد الحليم: "الحادث كشف عن عدم وجود أجهزة إنذار للحريق بالمستشفى، ولا متابعة دورية لها من قبل الأمن، أو المسؤولين عن الصيانة بالمستشفى، فضلاً عن عدم جاهزية المستشفيات لتطبيق متطلبات السلامة المهنية والأمنية، وعدم وجود رقابة على تطبيق تعليمات الوقاية لدى العاملين، برغم أنها مسؤولية وزارة الصحة".

وتابعت: "كان من الممكن أن يحترق المستشفى بالكامل نتيجة التماس الكهربائي، كما حدث في كثير من المستشفيات المصرية سابقاً، وتتحول من حادثه فردية إلى كارثة حقيقية، نظراً لما تحويه المستشفيات من مواد قابلة للاشتعال"، مستنكرة الردود الرسمية بشأن عدم وقوع تماس كهربائي، والادعاء بأن "الوفاة كانت طبيعية خلاف المدون في محضر الواقعة!".