تركيا تدخل سباق التنقيب عن النفط في البحر المتوسّط

31 أكتوبر 2018
صراع متزايد حول ثروات الطاقة بالبحر المتوسط (فرانس برس)
+ الخط -

أبحرت سفينة "الفاتح" التركية، أمس، في أول عملية تنقيب لها في المياه العميقة للبحر المتوسط وسط مراسم رسمية وتهديدات بالرد على أي تعرّض لها.

وفي هذا السياق، قال رئيس المجلس الأعلى لرجال أعمال الشرق الأوسط في إسطنبول، أحمد داوودي، لـ"العربي الجديد" إن الحكومة أصدرت التعليمات بشأن البحث والاستكشاف والتنقيب عن النفط، بالأراضي والمياه الإقليمية التركية، إذ لا يمنع من ذلك، وهو حق تركي مشروع.

لكن، يلفت داوودي أن التنقيب عن النفط والغاز يختلف عن الاستخراج، لأن تركيا تلتزم بالاتفاقات الدولية الموقعة، ولن تبدأ باستخراج وتصنيع النفط، قبل عام 2023 وفق ما تنص عليه اتفاقية لوزان.

وتؤكد مصادر تركية خاصة، رفضت ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد" أن عمليات التنقيب عن النفط سيتم تكثيفها الفترة المقبلة وستصل إلى عمق 2600 متر، لتبدأ، مرحلة جديدة في تاريخ الطاقة في البلاد.

ويرى مراقبون أن تركيا "صارمة" في ما يتعلق بحقوقها في التنقيب والاستكشاف وسط التحديات الأمنية والصراعات على الغاز والنفط في البحر المتوسط.

وأكد وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز، في مراسم الافتتاح أن القوات البحرية ستقوم بما يلزم في حال تعرض سفينة فاتح الوطنية للتنقيب لأي تحرش، وقال دونماز: "نشرع في التنقيب في المتوسط بسفينتنا محلية الصنع التي تعد أكبر خطوة في حملة تتريك لقطاع الطاقة". 


وأشار إلى إمكانية البدء بأعمال التنقيب في المياه الضحلة في البحر المتوسط قبالة ولاية مرسين اعتبارا من الشهر المقبل. وشدد الوزير التركي على عدم وجود أية مخاطر أمنية حتى الآن حيال سفينة "فاتح"، مستدركًا بالقول: "لكن قواتنا البحرية ستقوم بما يلزم في حال حدوث تحرش".

ولفت إلى أن سفينة "خير الدين بربروس" أنهت عمليات تنقيب سابقًا في المتوسط، مبينًا أن الخبراء حللوا تلك العمليات. وأردف: "تم اتخاذ القرار بناءً على تلك التحليلات وسنبدأ بحفر البئر "ألانيا- 1"، وأتمنى أن يزيد هذا من أمننا في مجال الطاقة".

وشدد أن هدفهم يتمثل في توفير احتياطيات النفط والغاز لتركيا، وزيادة استخدام الموارد الطبيعية المحلية، مؤكدًا أنهم بفضل تقنية سفن التنقيب التركية "خير الدين بربروس"، و"أوروج رئيس"، و"فاتح" تمكنوا من تقليل الاعتماد على تكنولوجيا الخارج في مجال أنشطة البحث والتنقيب البحرية.

وأكد أن تركيا لم تفكر أبدًا في العمل من جانب واحد أو تجاهل الدول المحيطة فيما يتعلق بمجال الطاقة، وقال بهذا الصدد: "المصالح المتبادلة، واحترام الحقوق والقوانين المتبادلة".

وكان وزير الطاقة التركي قد بين أن تركيا تلعب دورا مهما في أمن الطاقة بالمنطقة، من خلال مشروعي خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول "تاناب" (لنقل الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا)، والسيل التركي المخطط الانتهاء من إنجازه في 2019.


ويتكون مشروع السيل التركي من خطي أنابيب سعة كل منهما 15.75 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، يمتدان من روسيا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا عبر البحر الأسود، على أن يغذي الأنبوب الأول تركيا، والثاني دول جنوب شرقي وجنوبي أوروبا.

وفي هذا السياق، يقول المحلل التركي سمير صالحة، لـ"العربي الجديد": كما هو معروف أزمة شرق البحر المتوسط لجهة استخراج الطاقة الغازية، تحولت إلى أزمة سياسية وتسببت بعمليات اصطفاف إقليمي واسعة.

وحسب صالحة، هناك شعور لدى أنقرة، أن بعضهم، مثل إسرائيل واليونان وقبرص اليونانية ومصر، يريدون محاصرتها وفرض حالة من الأمر الواقع عليها لذا وجدنا هذا التحرك التركي الأخير.

ويضيف صالحة أن تركيا لن تفرط بحقوقها وحقوق حليفها وشريكها القبرصي التركي وأنها جاهزة للرد على أي عملية تحرش واستفزاز وتجاوز لمصالحها.

وأشار إلى أن تركيا في المرحلة المقبلة، وضعت كما يبدو موضوع التنقيب عن الطاقة، في مقدمة أولوياتها الاستراتيجية بدليل أنها جهزت هذه القطعة البحرية (الفاتح) بتكنولوجية عالية للإسراع في الكشف على مناطق وجود الخام واستكشافه.
المساهمون