أعلن البيت الأبيض اليوم الثلاثاء، أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سيرشّح حاكم ولاية يوتا السابق والدبلوماسي المخضرم جون هانتسمان، سفيراً لدى موسكو. ويحتاج قرار الترشيح إلى تصديق مجلس الشيوخ ليصبح سارياً.
ويأتي ترشيح هانتسمان لتولي رئاسة البعثة الدبلوماسية الأميركية في موسكو في غمرة التحقيقات الجارية في الولايات المتحدة، بشأن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية، واحتمال تورط أفراد من حملة ترامب في هذا التدخل.
هانتسمان الجمهوري، 56 عاماً، خدم مرتين سفيراً لبلاده، إذ كان سفيراً في الصين، تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بين عامي 2009 و2011، وسفيراً لدى سنغافورة، تحت إدارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش.
وكان هانتسمان من بين المرشحين لمنصب وزير الخارجية، في إدارة ترامب.
في عام 2012، خاض هانتسمان حملة مختصرة مرشحاً من الحزب الجمهوري للرئاسة. وقراره بقبول المنصب في موسكو، يعني أنّ منصب حاكم يوتا، والذي يتولاه الجمهوريون، سيواجه على الأغلب، تنافساً حاداً بين زميله الجمهوري السيناتور أورين هاتش (82 عاماً)، وميت رومني الذي فاز أمام هانتسمان كمرشح للحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2012.
هانتسمان، هو ابن ملياردير صناعي، وتمتلك شركة والده "هانتسمان الدولية" حالياً، عدداً قليلاً من الشركات في روسيا.
في عام 2011، كان لدى هانتسمان أصول بقيمة 15.9 مليون دولار، إلى 71.3 مليون دولار، وفقاً لملف الإفصاح المالي الذي قدمه كجزء من حملته. ويأتي الجزء الأكبر من ثروته من شركة "هانتسمان الدولية"، الشركة الكيميائية التي أسسها والده في عام 1970.
الشركة، ومقرها في سولت لايك سيتي، لديها مقر للعمليات بالقرب من هيوستن، تدير عمليات تصنيع في روسيا، بما فيها زرع نباتات لإنتاج الأصباغ.
وبحسب صحيفة "سولت لايك تريبيون"، فإنّ هانتسمان الابن لعب دوراً في معاملات عائلته التجارية المبكرة في روسيا، بعد فترة وجيزة من سقوط الاتحاد السوفييتي.
وقد شغل هانتسمان عدة مناصب في الشركة على مر السنين، فقد تم تعيينه مستشاراً، في أغسطس/ آب 2015، للمساعدة في تعزيز أعمال الشركة في آسيا.
وبحسب وثيقة لهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، وهي وكالة تابعة للحكومة الاتحادية، والمسؤولة عن تنفيذ القوانين الفيدرالية للأوراق المالية، فإنّ مهام هانتسمان تضمنت "تطوير ومواصلة صيانة العلاقات الحكومية والتجارية في تنمية وتطوير المناطق الاقتصادية، خاصة في ما يتعلق بالأسواق والفرص في الهند والصين وجنوب شرق آسيا".
وقالت الشركة إنّها ستدفع لهانتسمان 50 ألف دولار شهرياً، و200 ألف دولار تعويضاً إضافياً "على أساس تحقيق النتائج المطلوبة على النحو الذي يحدده مجلس الإدارة".
وكان عرض العمل على هانتسمان كاستشاري، سينتهي في 31 أغسطس/ آب 2016، على الرغم من إمكانية تمديده لمدة سنة واحدة.
وزادت شركة هانتسمان العمالة الأميركية، من حوالي ألفي موظف في عام 2010، إلى 3 آلاف في عام 2016.
غير أنّ هانتسمان، ترك المناصب في شركات عائلته عندما قبل تعيينه سفيراً ديبلوماسياً، تجنباً لتضارب المصالح.
كحاكم لولاية يوتاه، انضم هانتسمان، في يونيو/ حزيران 2007، إلى حكام آخرين في حث مجلس الشيوخ على اجتياز إصلاح شامل لقوانين الهجرة. وبصفته حاكماً، حذّر هانتسمان من استخدام الفيتو ضد إجراء يلغي الرسوم الجامعية للمهاجرين غير الشرعيين.
ومع أنّه صرّح بدعم فكرة إقامة سياج حدودي، قائلاً "كأميركي، فكرة السور إلى حد ما تزعجني ... ولكن في ظل هذا الوضع لا أعتقد أن لدينا خياراً"، إلا أنّ هانتسمان أكد أنّ الولايات المتحدة بحاجة إلى مزيد من الهجرة القانونية، معتبراً أنّ من شأن ذلك إعادة إحياء سوق الإسكان في أميركا.
كما أنّه أعلن مراراً تأييده "قانون دريم" الذي يقترح تقديم المواطنة للشباب الذين جلبهم آباؤهم إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.
وهانتسمان، ينتمي لأقلية "مورمون" المسيحية، ويشكل المورمون نحو 61% من سكان يوتا، و1.7% من سكان الولايات المتحدة.
لدى هانتسمان 8 إخوة وأخوات، وهو متزوج من ماري كاي، لديهما سبعة أولاد من بينهم ابنة تبناها من الصين، وابنة تبناها من الهند.
العلاقة مع ترامب
خلال حملة ترامب للرئاسة، العام الماضي، شهدت علاقة هانتسمان بالمرشح الرئاسي تأرجحات عديدة. لم يعلن هانتسمان بداية عن تأييده أياً من مرشحي الحزب الجمهوري، على الرغم من أنه عاد لاحقاً ليؤيد ترامب بمجرد أن أصبح المرشح المفترض.
غير أنّ هانتسمان دعا بعد ذلك ترامب، إلى إعلان الانسحاب من الحملة الرئاسية، بعد الكشف عن فيديو أثار الجدل، كان قد تم تصويره عام 2005، ويظهر فيه ترامب وهو يلقي تعليقات صاخبة حول النساء.
وقال هانتسمان حينها، إنّ "دائرة الحملة لم تكن سوى سباق نحو القاع"، داعياً زميل ترامب، حاكم إنديانا آنذاك مايك بنس (نائب ترامب حالياً)، إلى تولّي ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة.
بدوره، استهدف ترامب هانتسمان، خلال فترة تولي الأخير منصب السفير الأميركي في بكين، ففي سلسلة تغريدات في عامي 2011 و2012، وصف ترامب هانتسمان بأنّه "خفيف الوزن" و"ضعيف"، معتبراً أنّ الصين تمكّنت من "تسجيل عدد كبير من النقاط علينا" خلال فترة تولّيه منصب السفير.
غير أنّ هانتسمان وترامب، دفنا خلافاتهما، منذ دخول الأخير البيت الأبيض، في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وخلال الإعلان عن ترشيحه سفيراً لدى موسكو، أخطأ البيت الأبيض في لفظ اسم هانتسمان الأول، في بيانه الصحافي الذي أعلن فيه ترشيحه من قبل ترامب، وسمّاه "الحاكم جون John هانتسمان الابن من يوتاه" بدلاً من Jon.
وجاء إعلان البيت الأبيض هذا، بعد وقت قصير من تأكيده أنّ ترامب أجرى محادثة لم يكشف عنها مسبقاً، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مأدبة عشاء في قمة مجموعة العشرين في هامبورغ بألمانيا، في وقت سابق من هذا الشهر.
كما يتزامن مع استمرار ظهور تفاصيل عن اجتماع عقد، العام الماضي، بين ابن ترامب ومسؤولين كبار آخرين في حملته الرئاسية، مع مجموعة من المحامين الروس ومجموعات ضغط، وعدت بتقديم معلومات "ضارة" عن المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون خلال الانتخابات.
ووسط هذه الأجواء، سيقود هانتسمان في حال توليه رسمياً المنصب، سفينة بلاده، في محيط من العلاقة الشائكة بين الولايات المتحدة وروسيا.
ويبدو أنّ التحقيقات في التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأميركية، ستخلق للسفير الجديد، صداعاً دبلوماسياً إضافياً في الشهور القادمة، حيث تتعامل موسكو وواشنطن أيضاً، مع قضايا شائكة أخرى، بما فيها سورية وكوريا الشمالية.