من جديد، يقفز الكيمياوي السوري إلى الواجهة، ومن جديد تهرع واشنطن إلى المراوغة. استخدام هذا السلاح في بلدة خان شيخون السورية، وسقوط عشرات الضحايا ومئات الجرحى، أحرج إدارة ترامب واضطرها إلى الإدلاء بردود تراوحت بين الضبابية والمتناقضة.
وكأن الحادثة المفجعة فرضت عليها. خاصة أن سيرتها زاحمت مواضيع الساعة المحلية الملتهبة في واشنطن، ورفعت من وتيرة المطالبات "بعمل شيء ما"، ليس بالضرورة عسكرياً أو أميركياً منفرداً؛ لكن على الأقل أن تكون فيه المبادرة لواشنطن؛ كأن تدعو إلى موقف دولي عاجل يتصدى عمليًّا لخطر استعمال السلاح الكيمياوي المحظور، لئلا يعود العالم إلى زمن الحرب العالمية الأولى وفواجعها الكيمياوية المعروفة.
لكن البيت الأبيض أعفى نفسه من مشقة التصدي بعد أن وجد المذنب. فبعد 15 ساعة من الانتظار، وعلى أثر تعالي الضجة في الإعلام والكونغرس حول الوضع، طلع ببيان يحمّل فيه مسؤولية الضربة للرئيس السابق باراك أوباما، "لأن ما جرى هو نتيجة للضعف الذي أبدته إدارته بتراجعها عام 2013 عن تهديده بالرد على استخدام الكيمياوي". مع أنه يتهم "النظام السوري بأنه هو الذي قام به".
ولأن العملية "لا يمكن تجاهلها من جانب العالم المتحضر"، أوعز البيت الأبيض للسفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، بطلب انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن، للتشاور وطرح مشروع قرار أميركي بريطاني فرنسي بإدانة العملية والتحقيق فيها. وفي بيانها أمام المجلس اليوم، دعت السفيرة إلى تبني قرار "يحظر" الكيمياوي، لكنها لم تطالب بالعقوبة. والمعروف أن هذا السلاح محظور بمعاهدات دولية.
اقــرأ أيضاً
لقد تبدّى عدم الجدّية في تضارب الردود التي صدرت عن مسؤولي الإدارة، فوزير الخارجية، ريكس تيلرسون، تحدث بلهجة أخف من تلك التي اعتمدها البيت الأبيض، والسفيرة هايلي، واكتفى بمناشدة موسكو وإيران "لممارسة تأثيرهما على النظام السوري، بما يكفل عدم تكرار مثل هذه الحادثة".
في الوقت ذاته، يقول مسؤول في وزارته إن "النظام السوري يواصل ارتكاب جرائم حرب"، وأنحى باللائمة على روسيا وإيران "لعجزهما عن ضبط وقف إطلاق النار باعتبارهما الضامنين له".
الجهة نفسها تتحدث بلغتين: المناشدة والاتهام باقتراف "جرائم الحرب". وربما ما أحرج الإدارة أكثر، أنها قبل يومين كانت قد نفضت يدها، بلسان الوزير تيلرسون، والمتحدث في البيت الأبيض، كما السفيرة هايلي، من الأزمة السورية؛ من باب أنها متروكة للشعب السوري ليقرر بشأن مصير الرئيس الأسد.
الرئيس ترامب يواجه الآن أزمة سلفه نفسها قبل أكثر من ثلاث سنوات، وعليه اتخاذ قرار وموقف. أوباما قرّر ثم تراجع، أما ترامب فقد حرص على إبقاء موقفه في الدائرة الضبابية. صعّد خطابه بموازاة تصاعد الحملة على الكيمياوي. بقي حتى اليوم ليقول في مؤتمره الصحافي المشترك مع العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، في البيت الأبيض، بأن "الضربة تركت تأثيرها الكبير علي.. وموقفي قد تغير جداً تجاه الرئيس الأسد"، وهو ما أوحى بأن كل الأوراق على الطاولة.
لقد سبق للرئيس أوباما أن قال، عندما برز خيار الكيمياوي عام 2013، بأن استخدام هذا السلاح "من شأنه أن يغيّر حساباتي". تحذيره كان واضحاً، ليتبعه انكفاء أوضح. النهج ذاته يكرره ترامب اليوم، بصيغة أخرى. وهو اضطر للتحدث بهذه اللغة تحت ضغط السؤال المطروح الآن عليه في واشنطن: إذا كان مأخذك على الرئيس أوباما أنه لم يتحرك في الوقت المناسب، فما الذي تنوي عمله الآن كرئيس إزاء حالة مشابهة؟ وجوابه: "لا أريد أن أُفصح الآن عما أنوي عمله عسكرياً".
وكأن الحادثة المفجعة فرضت عليها. خاصة أن سيرتها زاحمت مواضيع الساعة المحلية الملتهبة في واشنطن، ورفعت من وتيرة المطالبات "بعمل شيء ما"، ليس بالضرورة عسكرياً أو أميركياً منفرداً؛ لكن على الأقل أن تكون فيه المبادرة لواشنطن؛ كأن تدعو إلى موقف دولي عاجل يتصدى عمليًّا لخطر استعمال السلاح الكيمياوي المحظور، لئلا يعود العالم إلى زمن الحرب العالمية الأولى وفواجعها الكيمياوية المعروفة.
لكن البيت الأبيض أعفى نفسه من مشقة التصدي بعد أن وجد المذنب. فبعد 15 ساعة من الانتظار، وعلى أثر تعالي الضجة في الإعلام والكونغرس حول الوضع، طلع ببيان يحمّل فيه مسؤولية الضربة للرئيس السابق باراك أوباما، "لأن ما جرى هو نتيجة للضعف الذي أبدته إدارته بتراجعها عام 2013 عن تهديده بالرد على استخدام الكيمياوي". مع أنه يتهم "النظام السوري بأنه هو الذي قام به".
ولأن العملية "لا يمكن تجاهلها من جانب العالم المتحضر"، أوعز البيت الأبيض للسفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، بطلب انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن، للتشاور وطرح مشروع قرار أميركي بريطاني فرنسي بإدانة العملية والتحقيق فيها. وفي بيانها أمام المجلس اليوم، دعت السفيرة إلى تبني قرار "يحظر" الكيمياوي، لكنها لم تطالب بالعقوبة. والمعروف أن هذا السلاح محظور بمعاهدات دولية.
لقد تبدّى عدم الجدّية في تضارب الردود التي صدرت عن مسؤولي الإدارة، فوزير الخارجية، ريكس تيلرسون، تحدث بلهجة أخف من تلك التي اعتمدها البيت الأبيض، والسفيرة هايلي، واكتفى بمناشدة موسكو وإيران "لممارسة تأثيرهما على النظام السوري، بما يكفل عدم تكرار مثل هذه الحادثة".
في الوقت ذاته، يقول مسؤول في وزارته إن "النظام السوري يواصل ارتكاب جرائم حرب"، وأنحى باللائمة على روسيا وإيران "لعجزهما عن ضبط وقف إطلاق النار باعتبارهما الضامنين له".
الجهة نفسها تتحدث بلغتين: المناشدة والاتهام باقتراف "جرائم الحرب". وربما ما أحرج الإدارة أكثر، أنها قبل يومين كانت قد نفضت يدها، بلسان الوزير تيلرسون، والمتحدث في البيت الأبيض، كما السفيرة هايلي، من الأزمة السورية؛ من باب أنها متروكة للشعب السوري ليقرر بشأن مصير الرئيس الأسد.
الرئيس ترامب يواجه الآن أزمة سلفه نفسها قبل أكثر من ثلاث سنوات، وعليه اتخاذ قرار وموقف. أوباما قرّر ثم تراجع، أما ترامب فقد حرص على إبقاء موقفه في الدائرة الضبابية. صعّد خطابه بموازاة تصاعد الحملة على الكيمياوي. بقي حتى اليوم ليقول في مؤتمره الصحافي المشترك مع العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، في البيت الأبيض، بأن "الضربة تركت تأثيرها الكبير علي.. وموقفي قد تغير جداً تجاه الرئيس الأسد"، وهو ما أوحى بأن كل الأوراق على الطاولة.
لقد سبق للرئيس أوباما أن قال، عندما برز خيار الكيمياوي عام 2013، بأن استخدام هذا السلاح "من شأنه أن يغيّر حساباتي". تحذيره كان واضحاً، ليتبعه انكفاء أوضح. النهج ذاته يكرره ترامب اليوم، بصيغة أخرى. وهو اضطر للتحدث بهذه اللغة تحت ضغط السؤال المطروح الآن عليه في واشنطن: إذا كان مأخذك على الرئيس أوباما أنه لم يتحرك في الوقت المناسب، فما الذي تنوي عمله الآن كرئيس إزاء حالة مشابهة؟ وجوابه: "لا أريد أن أُفصح الآن عما أنوي عمله عسكرياً".