تراجع قيمة الدينار تثير ريبة الجزائريين

19 اغسطس 2015
تراجع قيمة الدينار يضعف القدرة الشرائية للجزائريين(فرانس برس)
+ الخط -
تفاجأ المواطن الجزائري في الأسبوع الأخير من يوليو/ تموز الماضي بتراجع قيمة الدينار أمام الدولار الاميركي بنسبة فاقت 30%، ليصل سعر صرف الدولار ولأول مرة في تاريخ الجزائرإلى 100.30 دينار جزائري للدولار الواحد في السوق الرسمية، فيما يصل في السوق الموازية إلى 14300 دينار، ويأتي هذا التراجع بعد سلسلة تراجعات معتبرة، كان أخرها عندما سجلته العملة الجزائرية مطلع السنة الحالية حيث تراجع بنسبة 12% مقارنة بنهاية سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، حين كان يساوي الدولار82 ديناراً، ليقفز إلى 94 ديناراً في السوق الرسمية.

هذا التراجع المفاجئ في قيمة الدينار أمام الدولار الأميركي، ألقى بظلاله على الشارع الجزائري الذي توجس خيفة من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، أو فرض الحكومة لضرائب جديدة على المواطنين، خاصة في الوضع الاقتصادي الحالي الحرج الذي تمر به البلاد نتيجة انهيار أسعار النفط، واتباع الحكومة لسياسة التقشف، حتى وإن سمت ذلك سياسة ترشيد النفقات درءاً منها لأي احتجاجات شعبية محتملة.

وتبعاً لحالة الإرتباك والريبة التي عاشها الشارع الجزائري مؤخراً، جراء هذا التراجع في قيمة صرف الدينار، خاصة وأن اقتصاد الجزائر يعتمد بنسبة 98% على قطاع المحروقات، تدخل الوزير الأول عبد المالك سلال لتوضيح مجريات الأمور، مشيراً إلى أن هذا التراجع في قيمة الصرف للدينار الجزائري أمام الدولار الأميركي مرده إلى الارتفاع الذي سجلته قيمة الدولار أمام باقي العملات العالمية خلال هذه الفترة، قائلاً الحكومة قد اتخذت قبل أسبوعين جملة من الاجراءات واصفاً إياها بالهامة والتاريخية، مطمئنا، أنها لن تمس الجانب الاجتماعي للمواطنين ولاتتضمن سياسة التقشف المؤدية إلى اضعاف الجبهة الداخلية.

وبحسب الامين العام للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين صالح صويلح، فان زيادة الفارق في سعر الصرف بين الدينار والدولار له تاثير سلبي على قيمة السلع والمنتوجات المستوردة، حيث سيضطر حينها المستورد إلى دفع هذا الفرق في القيمة عند كل عملية استيراد، الامر الذي يجعله بالتالي يرفع من القيمة المالية لوارداته في السوق الوطنية، مشيراً إلى أن المواطن البسيط آخر حلقة وألأكثر ضعفاً في العملية التجارية، حيث سيجد نفسه من جديد أمام ارتفاع اخر للسلع والمنتجات المستوردة، ما سيرهق كاهله بمزيد من الأعباء المالية.

ضعف الاقتصاد
بدوره رأى الخبير الاقتصادي والمحلل المالي عبد الرحمن مبتول أن زيادة الفارق في سعر الصرف بين الدينار الجزائري والدولار الأميركي، جاء نتيجة ضعف الاقتصاد الوطني المعتمد أساساً على المحروقات، وكذا الاعتماد بنسبة 70% على الخارج فيما يخص استيراد السلع والمنتوجات المختلفة، حيث بلغت فاتورة الإستيراد نحو 56 مليار دولار، خلال السنة الحالية، في وقت تشهد فيه مداخيل النفط تراجعاً كبيراً قدر بأكثر من 34 مليار دولار.

ولفت مبتول أنه من مصلحة المصرف المركزي خفض قيمة الدينار، كون السوق الموازية في البلاد تتحكم في أكثر من 50% من النقد الاجمالي و65% من النشاطات الاقتصادية الاخرى، نافياً أن يكون الوزير الاول قد قصد سبب تراجع قيمة الصرف للدينار الجزائري امام الدولار الاميركي إلى ارتفاع قيمة هذا الاخير.

من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي أن قضية ارتفاع الفارق في قيمة الصرف بين العملتين راجع إلى أمرين، الاول ارتفاع قيمة الدولار وانتعاشه مؤخراً أمام العملات العالمية الاخرى، والأمر الثاني تخفيض قيمة الدينار من طرف المصرف المركزي الذي يسعى إلى أن يصبح الدينار مساوياً إلى قيمته الحقيقية، مشيراً إلى أنه و بعدما كان المصرف المركزي يتابع في السابق قيمة الدينار ويتخذ مواقف ايجابية لصالح للدينار، أصبح حالياً يسعى إلى اتخاذ مواقف اقتصادية بحتة. ولفت سراي إلى أن الحكومة وفي ظل ارتفاع فاتورة الاستيراد، تعمل على خفض الواردات غير الاساسية، وبالمقابل تشجيع الانتاج المحلي، حفاظا على رصيدها من العملة الصعبة التي استنزفت بشكل كبير، من قبل مافيا تهريب العملة، عبر صفقات استيراد وهمية.

واعتبر سراي أن هذه الرؤية هي رؤية اقتصادية ومالية جديدة تتبعها الحكومة، متوقعا أن تشهد قيمة الدينار مستقبلا تراجعا ولو جزئيا، إلى أن يقارب قيمته الحقيقية بعد ما ظلت لسنوات قيمة مزورة إداريا وبعيدة عن الواقع، مشيراً لى أن العملية فرصة أيضا للقضاء على السوق الموازية للعملة الصعبة وإرجاع أموالها إلى المصارف، واصفاً هذه الخطوة بالشجاعة، على الرغم من تخوف المواطنين منها، لافتا إلى أنها جاءت بالتزامن مع الشروع في تطبيق قرار الغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل وما صحابها من زيادات في اجور الموظفين ضعيفي الدخل.
المساهمون