تدفق اللاجئين المرحلين قسراً إلى الشمال السوري وسط إجراءات تركية صارمة

11 يوليو 2024
خلال ترحيل لاجئين من تركيا إلى الشمال السوري، 10 يوليو 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تزايد عمليات الترحيل القسري للاجئين السوريين من تركيا**: شهدت الأيام الأخيرة تصاعدًا في وتيرة ترحيل اللاجئين السوريين من تركيا إلى الشمال السوري عبر معابر حدودية متعددة، حيث أكد اللاجئون تعرضهم للإكراه والضرب.

- **تصاعد الحملات العنصرية ضد اللاجئين السوريين**: تفاقمت الحملات العنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا، حيث تعرضوا لاعتداءات في ولايات متعددة، ويُحتجز بعضهم في سجون الشرطة العسكرية التابعة للمعارضة السورية.

- **إحصائيات الترحيل وأوضاع المرحلين**: في عام 2023، تم ترحيل 20,319 سورياً، وفي النصف الأول من 2024 ارتفع العدد إلى 24,334 سورياً، مع إجبار العديد منهم على توقيع وثيقة "العودة الطوعية" تحت الإكراه.

يتواصل تدفّق اللاجئين السوريين المُرحّلين قسرا من تركيا عبر المعابر الحدودية المختلفة إلى الشمال السوري، بل زادت وتيرته خلال الأيام القليلة الماضية، مع استمرار الإجراءات الحكومية التركية المشددة لملاحقتهم في عدة ولايات بهدف ترحيل أكبر عدد منهم إلى بلادهم بذرائع مختلفة.

وتجمّعت أعداد كبيرة من المُرحّلين في معبر باب الهوى الحدودي بين محافظة إدلب شمالي سورية، وولاية هاتاي جنوبي تركيا، فيما رُصدت حالات مشابهة في معابر الحدودية مع محافظة حلب، لا سيما معابر باب السلامة والراعي وجرابلس، وكذلك في المعبر الحدودي بين تل أبيض السورية في ريف الرقة وولاية شانلي أورفة جنوبي تركيا.

وأجمع اللاجئون المرحلون على أنّ السلطات التركية أجبرتهم على المغادرة قسرا، وأن ادعاء العودة الطوعية باطل ولا أساس له من الصحة. وأفاد أحدهم بأنه ترك زوجته وبناته الثلاث في مدينة إسطنبول التركية من دون معيل، بعد أن أجبرته السلطات على توقيع وثيقة العودة تحت الإكراه. فيما كشف آخر عن بطنه مشيرا إلى أن رُحّل إلى سورية في الوقت الذي لم يشف فيه من عملية جراحية أجراها في تركيا، وأنه لا يزال يخضع للعلاج. وجاء على لسان آخر أنهم تعرضوا للضرب والضغط والإكراه لإجبارهم على العودة، وأن أحدهم قال لهم إنهم سيعودن "تحت الحذاء"، وإن تركيا لم تعد ترغب بوجود السوريين فيها.

حملات عنصرية ضد اللاجئين

وتفاقمت الحملات العنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا على المستويين الشعبي والرسمي، وأظهرت أحداث ولاية قيصري في وقت سابق من الشهر الحالي غضباً من الوجود السوري في تركيا، إذ تعرض اللاجئون وممتلكاتهم لاعتداءات كبيرة، تمددت إلى ولايات أخرى لا سيما غازي عنتاب، وكلس، وأضنة، وهاتاي، ومرسين، وحتى ولاية أنطاليا السياحية، التي شهدت مقتل طفل سوري على يد عنصريين أتراك.

 في معبر تل أبيض الحدودي الواقع شمالي محافظة الرقة، لا يزال الشاب أحمد خبية المنحدر من ريف دمشق، والذي كان لاجئا في ولاية غازي عنتاب ثلاثة أعوام، يقبع في سجن يتبع للشرطة العسكرية التابعة للمعارضة السورية تحت النفوذ التركي، وذلك بعد أن رُحّل من الولاية وسُلّم للمعبر، لكن المسؤولين العسكريين في المعبر يرفضون إطلاق سراحه قبل دفع غرامة قدرها 3000 ليرة تركية (الدولار يساوي 32 ليرة)، بذريعة عدم وجود نسخة من بطاقة الحماية المؤقتة التركية معه، والتي كان قد نسيها في منزله عند القبض عليه وترحيله قسرا، بحسب ما أفاد أحد أقارب خبية لـ"العربي الجديد".

وقال مصدر أمني في مدينة تل أبيض لـ"العربي الجديد" إن الفصائل المتحكمة في المعبر تدين بولائها للجانب التركي، وهي تنفذ تعليماته من دون مراعاة للحالة الإنسانية للمرحلين أو العابرين من المعبر.

قبل نحو شهر، رُحّل الناشط الإعلامي خالد الحمصي من ولاية شانلي أورفة إلى سورية بالإكراه، بعد أن وُضع في مركز احتجاز يفتقر إلى أدنى الخدمات اللائقة للحياة البشرية، ليجد نفسه مجبرا على التوقيع على وثيقة "العودة الطوعية".

وقال الحمصي، لـ "العربي الجديد"، إن الحجة التي رُحّل بها واهية وهي ذريعة كعشرات الذرائع التي تستخدمها السلطات التركية لترحيل أكبر عدد من اللاجئين السوريين من أراضيها، موضحاً: "رُحّلت لكوني غير مثبت عنوان السكن في قيودي، علماً أني حجزت للقيام بهذا الإجراء، لكن النظام "السيستم" أعطاني بعد خمسة أشهر من التسجيل، وهذا ليس ذنبي، وعندما أوقفني أحد الحواجز في ولاية شانلي أورفة كانت الذريعة أني مخالف بسبب عدم تثبيت عنوان السكن". وأشار الحمصي إلى أنه في اليوم نفسه الذي أُقف فيه، مر على ثلاثة حواجز للسلطات التركية، وجميعها فحصت بطاقته ولم توجه له أي ملاحظة، لكن الحاجز الرابع استخدم هذه الذريعة، وقال: "كل شيء يحصل في تركيا من ناحية التعامل مع اللاجئين يكون بحسب مزاج الموظف أو الشرطي أو عنصر الأمن، وهذا ما حدث معي".

 "جرت مساومتي في مركز الاحتجاز سيئ الإقامة، على أن أبقى رهن الاحتجاز مدة عام، أو أن أخضع لما يصفونه بالعودة الطوعية، والخياران أحلاهما مر، فاخترت الثاني على السجن"، وأضاف: "نحن نرفض الترحيل ليس لعدم رغبتنا بالعودة إلى سورية، لكن أنا ابن محافظة حمص (وسط سورية) ليس لدي أي شيء في الشمال، فمعظم المرحلين، لا سيما من المحافظات الجنوبية والوسطى، لا يمكنهم العودة إلى محافظاتهم بسبب المخاوف الأمنية، بعد أن سيطر النظام على مناطقهم مع نفوذ إيراني وروسي، إضافة إلى ذلك، فالشمال السوري يفتقر إلى مقومات الحياة الطبيعية من فرص عمل ومشاريع ولا يوجد إلا الفقر والبطالة، وعمليات الترحيل ستزيد من هذه المعاناة".

وفي بيانات حصل عليها "العربي الجديد" من معبر باب الهوى الحدودي، أوضحت الأرقام أنه في العام 2023، بلغ عدد المرحلين من باب الهوى 20 ألفاً و319 سورياً، موزعين على 11 ألفاً و97 عودة طوعية و9 آلاف و222 ترحيلاً قسرياً. أما في النصف الأول من العام الحالي 2024، فقد بلغ عدد المرحلين من باب الهوى 24 ألفاً و334 سورياً، موزعين على 11 ألفاً و973 عودة طوعية و12 ألفاً و361 ترحيلاً قسرياً.

في شهر يونيو/ حزيران الماضي، بلغ عدد المرحلين من باب الهوى 3 آلاف و164، موزعين على 1287 عودة طوعية، و1877 ترحيلاً قسرياً. ومن بداية يوليو/تموز الحالي وحتى التاسع منه، بلغ عدد المرحلين من باب الهوى 1144 موزعين على 606 عودات طوعية و538 ترحيلاً قسرياً. فيما بلغ عدد اللاجئين الذين دخلوا إلى تركيا تحت بند "العودة الطوعية" من معبر جرابلس بريف حلب 6 آلاف و510، من دون توضيح أسباب عودتهم. لكن المعلومات تشير إلى أن أغلب المرحلين يُجبَرون ويُكرَهون على توقيع وثيقة "العودة الطوعية".

المساهمون