تراجع المخاوف بعد استقرار اليوان وعودة التوازن لبورصة الصين

14 مارس 2016
أحد مراكز التسوق في بكين (Getty)
+ الخط -
في أعقاب خسائر سوق الأسهم الصينية نحو 5 ترليونات دولار خلال الثمانية أشهر الماضية والاضطراب الكبير في سعر صرف اليوان، عادت العملة الصينية للارتفاع في سوق الصرف الأجنبي، كما عادت الأسهم الصينية للاستقرار، ولكن هل يستمر هذا التحسن الذي تعول عليه أسواق المال العالمية والاقتصاد العالمي؟ هذا السؤال يشغل بال كبار المستثمرين وأصحاب السلع الرئيسية في العالم، خاصة سلع النفط والمعادن وشركات الشحن، لأن الصين ظلت طوال سنوات ما بعد أزمة المال العالمية هي المحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي وتجارة السلع. وتعول الصين في زيادة حجم تجارتها في المستقبل على إحياء طريق الحرير.
وترى القيادة الصينية أن طريق الحرير سيرفع حجم تجارتها في العام 2025 إلى 2.5 ترليون دولار. وهو مشروع يشبه إلى حد كبير مشروع مارشال الذي نفذته أميركا في أعقاب الحرب العالمية الثانية في أوروبا الغربية، وكان له دور كبير في إنعاش الاقتصاد الأميركي عبر زيادة حجم الصادرات الأميركية وإنعاش التجارة والوظائف.
ومن المؤشرات الإيجابية عودة الثقة في اليوان بين كبار المستثمرين في أسواق الصرف، حيث ظهرت إشارات على استقرار اليوان منذ شهر فبراير/فبراير الماضي، وحسب بيانات بنك الشعب الصيني "البنك المركزي"، ارتفع السعر المرجعي الرسمي لليوان بمقدار 222 نقطة أساسية ليصل إلى 6.4905 مقابل الدولار في تعاملات ختام الاسبوع أول من أمس.
ويتوقع خبراء غربيون أن يتواصل استقرار سعر صرف اليوان، مع إحساس المستثمرين أن الاصلاحات التي تعكف على تنفيذها الحكومة تعمل وأنها في الاتجاه الصحيح.
وفي بكين يقول تشو شياو تشوان محافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) إن بالإمكان تحقيق أهداف النمو التي حددتها الصين لهذه السنة ولفترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016-2020)، من خلال تحسين الطلب المحلي والاستهلاك والإبداع ، دون تحفيز كبير.
وأضاف تشو خلال مؤتمر صحافي على هامش أعمال الدورة السنوية الرابعة للمجلس الوطني الثاني عشر لنواب الشعب الصيني: "إن الصين ستتمسك بسياسة نقدية حصيفة"، حيث ستكون مرنة في الأحداث المتعلقة بالاضطرابات المالية المحلية والدولية. وحددت الصين هدف النمو للعام 2016 بحدود 6.5 إلى 7%، مقابل 6.5% للسنوات المقبلة حتى العام 2020.
وقال تشو : إن هناك "أهدافاً استباقية" تم تحديدها على أساس مسار النمو الصيني في الماضي، وعلى إمكانية النمو في المستقبل، لافتاً إلى سعي البلاد ليكون النمو معتمداً على المزيد من الطلب المحلي، ولا سيما بعد أن فقد محرك النمو القائم على الصادرات لزخمه، ولم يعد قادراً على المساهمة في النمو الاقتصادي بالطريقة التي كان عليها سابقاً، كما أكد أن لا نية للصين للتلاعب بقيمة عملتها لتحفيز الصادرات. مشيراً إلى أنه من خلال تحسين الطلب المحلي والاستهلاك والإبداع ، فإن أهداف النمو ستكون قابلة للتحقيق من دون حاجة للتحفيز.

أما الخبيرغاري كوهين كبير الاقتصاديين بمصرف "غولدمان ساكس" فيرى أن الصين تمر حالياً بمرحلة تحول اقتصادي كبير من اقتصاد كان قائماً في دفع عجلة النمو على التصدير وبناء البنية التحتية من مدن وطرق وجسور، وبالتالي تمكنت من تحقيق نمو كبير فوق 10% خلال الأعوام التي تلت أزمة المال". وأضاف أن "الحكومة تمكنت خلال هذه الفترة من التحكم في النمو لأنها كانت هي التي تنفق على هذه المشاريع الضخمة، أما حالياً فما يحدث أن النمو يعتمد إلى حد كبير على الاستهلاك المحلي، أي استهلاك المواطنيين الذين نقلتهم من الريف إلى المدن. ومن غير الممكن أن تتمكن الحكومة من تحديد مستويات إنفاقهم وبالتالي انخفض معدل النمو إلى حوالى 6.5%". وأشار كوهين إلى أنه لا شك أن مرحلة التحول الاقتصادي ستكون صعبة ولكن الصين ستتمكن من تجاوزها على المدى الطويل.
من جانبه، قال يي غانغ نائب محافظ بنك الشعب الصيني إن محرك الإصلاح والانفتاح الصيني سيطلق العنان لمزيد من زخم النمو. كما قال تشو أيضاً إن السياسة النقدية الصينية ستكون مرنة للتعامل مع الاضطرابات المالية محلياً أو دولياً.
وكانت إحصاءات رسمية صدرت يوم السبت في بكين أظهرت ارتفاع حجم الاستثمارات في قطاع العقارات بنسبة 3.0%على أساس سنوي خلال الشهرين الأولين من العام الجاري. وكان النمو أدنى من نسبة 10.4% المسجلة في الفترة المماثلة من العام الماضي، ولكنه أعلى من نسبة واحد بالمائة المسجلة في عام 2015 بشكل كامل. ويعد قطاع العقارات من النشاطات الاقتصادية الضخمة التي يعتمد عليها معدل النمو الصيني.
وحول مخاطر هروب الاستثمارات من الصين على النمو الاقتصادي في البلاد وتهديده لسعر صرف اليوان، نسبت وكالة شينخوا إلى مسؤولين من بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) قولهم يوم السبت إن خروج رأس المال الأخير كان ضمن إطار التوقعات وإنه غير مستغرب.
وفي هذا الصدد قال تشو شياو تشوان، محافظ البنك: "إنه يجب ملاحظة أن لدينا كمية كبيرة من تدفقات رأس المال خلال السنوات الأخيرة، وان ارتفاع خروجه في فترة ما ليس غريبا على الإطلاق". وأضاف تشو إن السوق المالي في الصين عاد إلى مساره بعد التذبذبات التي شهدها، واستشهد بتوقعات النمو بمعدل يتراوح بين 6.5 و7% خلال العام الجاري.
وقال تشو: "لا أستطيع القول ما إذا كانت الصين تواجه بعض الطوارئ، ولكن من المتوقع أن تصبح تدفقات رأس مالنا هادئة وعادية بشكل سريع".
أما يي غانغ نائب محافظ البنك فيرى أن معظم تدفقات رأس المال في عام 2013 تعد فائضاً تجارياً عادياً في الحساب الجاري، وأنها اشتملت أيضا على بعض الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وأضاف يي أنه وعلى وجه العموم يعتبر التذبذب بين التدفق والخروج أمراً عادياً وفي حدود التوقع، مشيراً إلى أن معظم تدفقات رأس المال إلى الخارج التي حدثت مؤخراً توجهت إلى شركات وهيئات مالية وحسابات المواطنين، ولفت إلى ارتفاع ودائع الدولار في حسابات المواطنين والشركات في الصين بواقع عشرات المليارات خلال العام الماضي. وأضاف أن أسبابا أخرى تقف وراء خروج رأس المال، وتتمثل في زيادة حيازة الدولار من قبل هيئات مالية للتعامل مع العوامل المالية عدم اليقين في النمو الاقتصادي الصيني.
وفي أول مؤشر على نجاح خطة التحول من النمو الاقتصادي القائم على التصدير إلى النمو الاقتصادي القائم على الاستهلاك المحلي، ذكرت بيانات صينية، أن حجم المبيعات بالتجزئة في الصين ارتفعت بنسبة 10.5% على أساس سنوي خلال الشهرين الأولين من العام الجاري. وأظهرت البيانات أن إجمالي قيمة مبيعات البضائع بالتجزئة قد وصلت إلى 5.29 تريليونات يوان (نحو 815.2 مليار دولار ) خلال الشهرين الأولين من هذا العام.
ومن ضمن الإجمالي، احتلت المبيعات بالتجزئة في المناطق الحضرية حوالي 86 بالمائة، بينما ساهمت المناطق الريفية بالجزء الباقي، أي 14 بالمائة. بيد أن المبيعات بالتجزئة في المناطق الريفية توسعت بنسبة 10.9 بالمائة لتتجاوز المبيعات بالتجزئة في المناطق الحضرية والتي بلغت نسبتها 10.1%.



اقرأ أيضا: تناقضات ترامب: منتجاته مصنعة بالصين وبنغلاديش ويهاجم أبل وفورد
المساهمون