يقول الناطق الرسمي باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، محمد الحواري، لـ"العربي الجديد" إنّه في بداية أزمة فيروس كورونا الجديد، كانت نسبة الفقر بين اللاجئين في الأردن 79 في المائة بمدخول للأسرة ذات الخمسة أفراد لا يتجاوز 5 دولارات أميركية، وهو ما يعني أنّه دون خط الفقر. ومع جائحة كورونا اختلفت المعايير، إذ إنّ 43 في المائة من اللاجئين العاملين يمارسون أعمالهم في مهن ذات دخل يومي، وقد تضرروا من تدابير الإغلاق وحظر التجول الاحترازي ومحدودية الحركة. يتابع الحواري أنّه بعد إجراء مسح شامل، تبيّن أنّ 90 في المائة من اللاجئين لا يملكون مدخرات تتجاوز 80 دولاراً، معتبراً أنّ هذه النتائج تكشف عن مؤشرات مقلقة بخصوص نسبة الفقر في صفوف اللاجئين، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ الأردنيين أيضاً تضرروا بشكل كبير بسبب كورونا.
حول وضع المفوضية المالي في الأردن، يقول الحواري، إنّ الجائحة أضافت عبئاً جديداً على الاحتياج اللازم، بزيادة 79 مليون دولار، ليصبح إجمالي الاحتياج اللازم للعام 2020 نحو 426 مليون دولار، لم يجرِ توفير غير جزء بسيط منها حتى منتصف يوليو/تموز الماضي، وبنسبة لا تتجاوز 27 في المائة من الاحتياجات الكاملة للمفوضية. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ التمويل لا يشمل مساعدات الفلسطينيين في الأردن، لأنّ الأمم المتحدة حددت المساعدات لهم عبر وكالة "أونروا".
ويعيش في الأردن، الذي يعتبر ثاني أعلى دولة في العالم بعدد اللاجئين، مقارنة بعدد السكان، 747.967 لاجئاً (من غير الفلسطينيين) منهم 657.960 سورياً، و65.845 عراقياً، و14.727 يمنياً، و6.080 سودانياً، و746 صومالياً، و1.609 من جنسيات أخرى، بحسب آخر تحديث للمفوضية في 9 يوليو/تموز الماضي. ويعيش 83 في المائة من اللاجئين السوريين في مناطق حضرية خارج المخيمات، فيما يعيش 16.7 في المائة في مخيمات اللجوء.
يقول الباحث الاقتصادي، والوزير الأردني السابق للشؤون الاقتصادية، الدكتور يوسف منصور، لـ"العربي الجديد" إنّ اللاجئين، خصوصاً النساء، أكثر عرضة لتداعيات جائحة كورونا، ومن تعمل منهن فهي في القطاع غير المنظم، لافتاً إلى أنّ النساء يتأثرن اقتصادياً أكثر من الرجال عندما يعلن أسرهن، فالمرأة عرضة للاضطراب في ظروف مثل تداعيات كورونا أكثر من الرجل، وأجرها في العمل أقلّ من الرجل بنسب تتراوح ما بين 17 إلى 60 في المائة. ويلفت إلى أنّ اللاجئين في فترات الحجر فقدوا الدخل من العمل وهم الأكثر عرضة للبطالة. علماً أنّهم ليست لديهم عقود، ولم يتمكنوا من الوصول إلى العمل، ولم يتمكنوا حتى من الوصول إلى مراكز الإعانة والمنظمات، فكان أثر الجائحة كبيراً على جميع المستضعفين. ويوضح: "بالنسبة للاجئين، وبالرغم من بدء تعافي بعض القطاعات، فإنّ الانقطاع عن العمل سبّب أزمة مالية عميقة، من الصعب تجاوزها، والأثر التراكمي لثلاثة أشهر من التوقف عن العمل كان كبيراً جداً، وتعويض ذلك يحتاج إلى أموال ووقت". ويرى منصور أنّ معاناة اللاجئين كانت أضعاف معاناة الأردنيين، مشيراً إلى أنّ نسبة قليلة جداً من اللاجئين لديها حسابات في المصارف، في وقت تعطلت فيه بعض المنظمات الإنسانية عن العمل. ويتابع أنّ المعونات التي تقدمها المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني، غير كافية، فبينما يعاني الاقتصاد الأردني من ركود منذ 10 سنوات، فإنّ للظروف الحالية تداعياتها الإضافية على اللاجئين. ويقول إنّ تحسين أوضاع اللاجئين مرتبط بعدد من النقاط، من بينها عودة الاقتصاد إلى العمل، والوصول إلى الأشخاص الأكثر تأثراً في هذه الظروف، داعياً إلى ضرورة توفير السيولة لعودة الحياة إلى هؤلاء الناس. ويضيف أنّ الحكومة الأردنية كانت تطالب الدول المانحة، بتحمل واجباتها تجاه اللاجئين، لكنّ هذه الدول لم تتحمل عبء اللاجئين كما يجب، لافتاً إلى أنّ بقاء اللاجئين في الأردن يحتاج إلى خلق فرص عمل، فيما الدولة تحاول خلق فرص لمواطنيها كأولوية.
من جهتها، تقول المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية "أرض"، سمر محارب، إنّ المنظمة تعمل حالياً على دراسة حول اللاجئين والديون، مشيرة إلى دراسة سابقة أجرتها "أرض" العام الماضي، وتبيّن من خلالها أنّ نسبة اللاجئات السوريات، المقيمات في الأردن، ممن عليهن قروض هي 92 في المائة، مقابل 65 في المائة من الأردنيات. وتضيف أنّه "نتيجة كورونا، فالأوضاع المادية تزداد صعوبة بالنسبة للاجئين والمشكلة تتفاقم، وهو ما لمسناه من الاستشارات القانونية التي تستقبلها "أرض"، والتي زادت على سبعة آلاف استشارة قانونية خلال فترة الحظر، أغلبها يتعلق بقضايا مالية ترتبط بالديون والحقوق العمالية".
وتقول محارب إنّ المؤشرات توضح أنّ هناك مشكلة متفاقمة ترتبط بعدم حصول اللاجئين على احتياجاتهم، بسبب الصعوبات المالية. وتلفت إلى أنّ التركيز في العادة يكون منصبّاً على اللاجئين السوريين لأسباب سياسية، فيما اللاجئون من اليمن والسودان والصومال وغيرها من الدول يعانون بشكل أكبر لتوفير الحدّ الأدنى من سبل المعيشة لهم ولعائلاتهم.
وترى أنّ الديون مشكلة كبيرة، خصوصاً أنّ لها تبعات قانونية، وتمتد آثارها إلى الحياة الاجتماعية للاجئين، مذكّرة بحوادث أدت إلى إصابة لاجئين بسبب عدم توفر السكن الجيد، منها سقوط سقف على إحدى العائلات اللاجئة، ووفاة أربعة أطفال في حريق خيمة يسكنها لاجئون سوريون في العاصمة عمّان. وتشير إلى أنّ إغلاق قطاع السياحة زاد كثيراً من معاناة اللاجئين بسبب اعتماد بعضهم على تسويق المنتجات اليدوية للسائحين الأجانب. وتؤكد محارب على خطورة الفقر على اللاجئين، لافتة إلى أنّه حتى في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي تلاقي رعاية أكبر من قبل الحكومة الأردنية، فالمشاكل الاقتصادية تتحول إلى مشاكل اجتماعية ترتبط بالفقر، كالزواج المبكر، والعنف الأسري، والإدمان.