أثار كشف صحيفة دنماركية محلية عن وجود "اختراق صيني لمؤسسات التعليم الدنماركية بمبالغ طائلة"، رفضاً لدى المعارضين للتقارب مع بكين، على خلفية حقوقية.
وفي التفاصيل التي كشف عنها النقاب، أمس السبت واليوم الأحد، فإنّ "منظمة حكومية صينية متخصّصة بنشر تعليم اللغة والثقافة الصينيتين، تخترق نحو 10 ثانويات ومؤسسات تعليم عال (معاهد وكليات)".
وتثير عادةً مساعدات بكين حساسية مضاعفة لدى الدنماركيين، بعد تفشي وباء كورونا، مع تحذير خبراء من "محاولة الصين الحصول على نفوذ وتأثير، وتلميع صورة حكمها".
فقد تبيّن أنّ بكين أسّست منذ سنوات، مؤسسة متخصّصة وتابعة للحكومة المركزية بقيادة الحزب الشيوعي، "لنشر الثقافة الصينية وتلميع السجل الحقوقي الصيني"، وفق ما يذكر الخبير في الشؤون الصينية من معهد الدراسات الدولية في كوبنهاغن، لوكا باتي. إذ تحت مسمى "معهد الكونفوشيوسية"، تقدم بكين على إبرام اتفاقيات مع معاهد وجامعات وثانويات في الدنمارك، وغيرها، بدعم بملايين الكرونات الدنماركية، وتوفير أساتذة صينيين يعملون بالمجان. وينظر لوكا باتي إلى الأمر على أنه جهد صيني متواصل، لتلميع صورة الحكم فيها، من خلال "تجنب الخوض في أي نقاش في المؤسسات التعليمية المهتمة بالدراسات الصينية، حول ما جرى في مذبحة ساحة تيانانمن في بكين عام 1989 مثلاً، أو السجل الحقوقي الصيني عموماً".
ووفقاً لصحيفة "يولاندس بوستن"، صرفت الصين خلال السنوات القليلة الماضية نحو 20 مليون كرونه دنماركية لتعزيز التعاون القائم حالياً. ويثير هذا الكشف مخاوف برلمانية عبّر عنها حزب الشعب الدنماركي القومي المتشدّد، على لسان مقرر شؤون التعليم فيه، ينس هنريك ثولسن دال، باعتبارها تدخلاً صينياً في البلد. وذكر دال: "عندما يأتي أشخاص من الخارج ليدفعوا المال، فهم لا يفعلونها لأجل زرقة عيوننا". وطالب هذا البرلماني باسم حزبه أن يجري تحقيق في البلد حول "معهد الكونفوشيوسية" لنشر الثقافة الصينية، وحصر عدد من أرسلتهم الصين لتعليم الدنماركيين. وعبّرت أيضاً المتحدثة باسم حزب "فينسترا" الليبرالي المعارض، أولا تورنيس، عن أنه "رغم أننا بلد صغير، إلّا أنه لا ينبغي أن نكون ساذجين".
ومن ناحية ثانية، عبّر رئيس الجمعية الدنماركية-الصينية المنتقدة لنظام بكين، توماس رودن، عن رغبته في رؤية توقف كل تعاون مع الصين في هذا المجال، "إذ لا يصحّ إطلاقاً السماح لممثلي الدولة الصينية بدخول فصولنا الدراسية".
وقال ناطق باسم حكومة يسار الوسط، بيورن براندنبورغ، إنّ "الحكومة تُجري تحقيقاً والحزب الاجتماعي الديمقراطي (الحاكم) متنبّه لما يجري، وسيراجع حجم التعاون التعليمي مع الصين ومستواه".
واعتبرت السفارة الصينية في كوبنهاغن، وفقاً لـ"يولاندس بوستن"، أنّ كل ما يقال عن "معهد الكونفوشيوسية"، "لا أساس له من الصحة، والتعاون يفيد تعليم اللغة (الصينية) والصداقة والتماسك بين بلدينا".
وينتقد خبير الشأن الصيني، لوكا باتي، التصرفات الصينية وقبول الدنمارك لهذا التعاون. ويذكر في هذا السياق أنّ "في الدنمارك لدينا بالتأكيد حقوق حرية تعبير، ويمكن المعاهد الصينية أن تعبّر عن نفسها، إذا كانت مستقلة وغير حكومية، لكن ليس في الثانويات والجامعات حيث يجب أن يُحترم التفكير الحرّ والمنفتح".
المخاوف الدنماركية من دخول الصين إلى الثانويات والجامعات الدنماركية، تعزّزها تقارير عن وجود مدرّسين صينيين يعملون من دون مقابل، يتجنّبون أن يطرح الطلاب أسئلة نقدية عن تصرّفات الحكومة الصينية مع شعبها.