تخريب تمثال نصفي لملك بلجيكا الأسبق: أكثر المستعمرين دموية

06 يونيو 2020
تمثال ليوبولد الثاني بعد تخريبه (جوناس روزنس/فرانس برس)
+ الخط -
تعرّض تمثال نصفي لملك بلجيكا الأسبق، ليوبولد الثاني، للتخريب، في ترفورن قرب العاصمة بروكسل، في الوقت الذي تطالب فيه مجموعة اسمها "لنصلح التاريخ" سحب كل تماثيله، نظراً إلى اتهامها إياه بأنّه "أباد" ملايين الكونغوليين.
وجاءت الحادثة التي لم تتبّنها أي جهة، قبل أيام من ذكرى استقلال الكونغو، في 30 حزيران/يونيو 1960، وهي كانت تعدّ ملكية خاصة لليوبولد الثاني. كما أنّه يأتي وسط حملات تعبئة ضدّ العنصرية عقب وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد بعد توقيفه من قبل عناصر شرطة في الولايات المتحدة.
وبحسب وكالة "فرانس برس"، فقد طلي التمثال النصفي للملك الأسبق بالدهان الأحمر، وهو معروض في حديقة المتحف الملكي لأفريقيا الوسطى في ترفورن. وكتب على القاعدة ثلاثة أحرف تختصر شتيمةً.
وقال مدير المتحف، غيدو غريسلز، إنّ أعمال التخريب وقعت "الثلاثاء أو الأربعاء"، مشيراً إلى أنّها ليست المرة الأولى في هذه الحديقة "المفتوحة ليلاً ونهاراً". وسجّلت أعمال تخريب أخرى طاولت منحوتات لليوبولد الثاني في أنحاء البلاد، خاصة في أوستند وأنتويرب (شمال).
ويعدّ ليوبولد الثاني الذي حكم بين 1865 و1909 من الشخصيات التاريخية الأكثر إثارة للجدل في بلجيكا.
وبزعم "المهمة الحضارية" لبلجيكا في الكونغو، أقام ذاك الملك نظاماً استعمارياً يعتبره المؤرخون أحد الأنظمة الأكثر عنفاً في التاريخ.
وتقول مجموعة "لنصلح التاريخ" إنّ هذا الملك "بطل بنظر البعض، ولكنه سفّاح أيضاً (...) قتل 10 ملايين كونغولي". وتطالب هذه المجموعة، في عريضة جمعت نحو 50 ألف توقيع حتى مساء الجمعة، من سلطات مدينة بروكسل سحب كل التماثيل التي تخلّد ذكرى ليوبولد الثاني. وتعهد المجلس البلدي للعاصمة بالنظر في الملف الإثنين.
فما هي أبرز الجرائم التي ارتكبها بحق الكونغوليين؟ 
نعود إلى 17 إبريل/نيسان 1958، يوم افتتحت بلجيكا معرضاً عالمياً استمرّ 200 يوم، خصّص لاستعراض أبرز إنجازات البلاد على صعد مختلفة من الثقافة إلى الأمن والسياسة والاقتصاد. وفي أحد أجنحته البعيدة قدّمت السلطات البلجيكية لزوار المعرض غابات وقرى صمّمت خصيصاً لهذا الحدث. وداخل هذه الغابات والقرى تمّ استعراض المئات من سكان الكونغو الذين استقدموا خصيصاً لتسلية الزوار في آخر حديقة حيوان بشرية عرفها التاريخ.
إذ قبل هذا التاريخ كان شائعاً أن تستقدم دول الاستعمار سكاناً أصليين من الدول الأفريقية أو أميركا اللاتينية وتضعهم في ما يشبه حداق الحيوان لتسلية الزوار. 
عام 2018 قرّرت بلجيكا مراجعة تاريخها الاستعماري، من خلال ترميم المتحف الملكي لأفريقيا الوسطى الذي أعاد بشكل أو بآخر التعامل مع التاريخ الوحشي للبلاد مع الكونغو.
هذه الوحشية وضع أسسها ورسخها الملك ليوبولد الثاني (1835 ــ 1909). تعامل الملك البلجيكي مع الكونغو على اعتبارها ملكية خاصة، رغم أن حجمها كان 76 مرة أكبر من حجم بلجيكا. وداخل الأراضي الكونغولية، ارتكب ليوبولد الثاني ما يصفه مؤرخون أميركيون وبريطانيون بأفظع جرائم الاستعمار و"أول إبادة جماعية في التاريخ الحديث"، وفق مقال لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية عام 1999. كان رجال الملك يطلبون من كل مزارع حصة كبيرة من محصوله، وفي حال فشل في تأمين المحصول يتمّ قطع يده أو يد أحد أفراد عائلته.

ومع وضع بلجيكا يدها على الكونغو عام 1885، كان عدد سكان الكونغو يقدّر بـ20 مليون شخص، بينما أظهر إحصاء عام 1924 أن العدد انخفض إلى 10 ملايين، وهو ما يطرح علامات استفهام حول عمليات إبادة قتلت نصف الشعب، خصوصاً أن الدول المجاورة لم تسجّل أي عمليات نزوح أو لجوء. 


دلالات
المساهمون