تحضيرات "جنيف 4": عين على أستانة وأخرى على الرياض

05 فبراير 2017
المعارضة ترفض تدخل دي ميستورا بتشكيل وفدها(كيريل كودريافستيف/فرانس برس)
+ الخط -
تتسارع وتيرة التحركات السياسية لعدة أطراف فاعلة في الشأن السوري، تحضيراً لمؤتمر "جنيف 4" المقرر في 20 فبراير/شباط الحالي. وبعد اجتماعات أنقرة يوم الجمعة الماضي، بين وفد واسع التمثيل من المعارضة السورية ومسؤولين في وزارة الخارجية التركية، لمناقشة ما أفضت إليه محادثات أستانة في يناير/كانون الثاني الماضي، ولبحث مختلف التفاصيل قبل بدء مفاوضات الحل السياسي المرتقبة، تشهد العاصمة الكازاخستانية أستانة، غداً الإثنين، اجتماعاتٍ ثلاثية تركية-روسية-إيرانية، بمشاركة ممثل عن الأمم المتحدة، لمناقشة آليات الرقابة على وقف إطلاق النار في سورية، وتحضيراً لأوراق "جنيف4". في المقابل، تعقد "الهيئة العليا للمفاوضات" اجتماعاتٍ في الرياض بعد أيام لمناقشة القضايا المتعلقة بالمفاوضات وتشكيل الوفد المفاوض.

ولخّص الأمين العام السابق لـ"الائتلاف الوطني السوري"، نصر الحريري، فحوى اجتماع وفد المعارضة، الذي ضم ممثلين عن "الائتلاف" و"الهيئة العليا" وممثلي فصائل حضروا اجتماعات أستانة وشخصيات أخرى، بمستشار الخارجية التركية، أوميت يالتشين، بأنه يأتي بين مرحلتي "أستانة وجنيف" كـ"عين للوراء وما أفضت إليه اجتماعات أستانة، وعين للأمام وما ينتظره ممثلو الثورة السورية من مؤتمر جنيف"، وفق تعبيره.

وقال الحريري، وهو عضو بالوفد الذي حضر اجتماعات أستانة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن المعارضة لا تزال تنتظر حصول تقدم في ملفات حيوية بالنسبة لها لـ"تحديد جدوى مفاوضات جنيف من عدمها"، لا سيما "موضوع تثبيت وقف إطلاق النار الذي لم يلتزم به النظام السوري في ريف دمشق على وجه الخصوص، وكذلك حل القضايا الإنسانية وعلى رأسها ملف المعتقلين". ولفت إلى أن هذه المسائل هي في صلب "وثيقة قدمتها المعارضة للجانب الروسي وتنتظر جواباً عليها من اجتماعات أستانة"، وإلا "ما الجدوى من هذه المفاوضات إن لم نحصل على جواب واضح من الجانب الروسي حول هذه المسائل؟"، بحسب الحريري. وفي سياق متصل، أكد نصر الحريري أن اجتماعات أنقرة يوم الجمعة مع الخارجية التركية، تطرقت إلى موضوع تشكيل وفد المعارضة. ولفت إلى أن "الائتلاف السوري" و"الهيئة العليا" والفصائل العسكرية هي المعنية بتشكيل الوفد.

واجتماع أستانة غداً الإثنين يهدف "لمناقشة عمل آلية الرقابة على نظام وقف إطلاق النار في سورية"، حسبما صرح المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا. وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الكازاخستانية، أنور جايناكوف، أن "المشاركين في اللقاء يخططون لمناقشة تمسك الأطراف في سورية بوقف إطلاق النار والنظر في اقتراح طرحته المعارضة السورية المسلحة، بشأن تعزيز نظام الهدنة الذي دخل حيّز التنفيذ في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي". وفيما كانت الخارجية الروسية اعتبرت أن اجتماع أستانة الثلاثي غداً، سيركز "على بحث سبل الفصل بين المعارضة السورية المعتدلة وجبهة فتح الشام"، لكن من المتوقع أن يبحث الاجتماع مسائل تفصيلية عديدة تتعلق بالتحضيرات لمؤتمر "جنيف4".


وتعقد "الهيئة العليا للمفاوضات" اجتماعات موسعة في 10 فبراير/شباط الحالي لمناقشة القضايا المتعلقة بالمفاوضات، وتشكيل الوفد المفاوض، والذي رفضت المعارضة السورية أي محاولات لـ"التدخل" في تشكيله، بعدما كان دي ميستورا ألمح إلى إمكانية أن يلعب بنفسه دور تشكيل وفد المعارضة إذا ما تعثرت هي في ذلك، الأمر الذي أثار استياء المعارضة السورية، وفق ما قال المتحدث باسم "الهيئة العليا"، رياض نعسان آغا، في حديث لـ"العربي الجديد".

وفي هذا الإطار، كشف مصدر في "الهيئة العليا للمفاوضات" عن وجود "مساعٍ ومشاوراتٍ لتقريب وجهات النظر بين بعض منصات المعارضة السورية والهيئة العليا، وخاصة منصة القاهرة". وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن "الهيئة تحاول تقريب وجهات النظر مع شخصيات في منصات للمعارضة، ومن الممكن ضم هذه الشخصيات للهيئة، لتكون هيئة التفاوض ممثلة لأوسع طيف ممكن من السوريين".

كذلك، حاولت الدبلوماسية الروسية مراراً إضعاف موقف "الهيئة العليا للمفاوضات"، أو إيجاد بديلٍ عنها، كونها باتت المظلة الأوسع التي تفاوض باسم المعارضة السورية. لكن هذه المحاولات باءت بالفشل. وكان آخرها الاجتماعات التي نظمتها وزارة الخارجية الروسية ودعت إليها شخصيات وتيارات سياسية معارضة، بعضها مُقرب من الموقف الروسي. وحاولت خلالها زرع بذور فكرة تشكيل وفد مفاوض عن المعارضة، وهو ما كان سيضعف موقف "الهيئة العليا للمفاوضات" قبيل مؤتمر جنيف المقبل.

لكن المنسّق العام لـ"هيئة التنسيق الوطنية" المعارضة، حسن عبد العظيم، الذي حضر تلك الاجتماعات في موسكو، أكد في حديث لـ"العربي الجديد" حرصه على وحدة "الهيئة العليا للمفاوضات". وأشار إلى أنه "غير وارد في ذهننا أن نشكل وفداً مع الآخرين بعيداً عن الهيئة العليا"، بل "نحرص على وحدتها وتماسكها، ودورها كقوة أساسية في العملية السياسية التفاوضية، معترف بها دولياً وإقليمياً وعربياً". لكنه قال إنه لا يمانع "من توسيع المشاركة والتمثيل في العملية السياسية التفاوضية من قوى أو منصات لم تشارك في مؤتمر الرياض أو غيره، إن كانت معارضة فعلياً، ولها وجود فعلي" على الأرض، وفق تعبيره.