وجه قبيح آخر من وجه العنصرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الداخل المحتل عام 1948، تكشف أمس الأحد، حين تظاهر يهود من سكان مدينة العفولة الإسرائيلية، المقامة على أراضي قرية الفولة العربية المهجرة، احتجاجا على فوز 48 عائلة عربية بمناقصة بناء شقق سكنية في أحد أحياء المدينة.
وعلى الرغم من أن العائلات العربية فازت بالمناقصة بشكل قانوني، إلا أن المتظاهرين اليهود لم يترددوا بإعلان أنهم لا يريدون عرباً في المدينة. وفي محاولة للضغط على رئيس البلدية إسحاق ميرون لإلغاء المناقصة، انتشرت صورٌ له بالكوفية الفلسطينية إلى جانب صور لرئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، اسحاق رابين، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، تتهمه بالخيانة، لتفتح الشرطة تحقيقاً في محاولة للتوصل إلى مصدر الصور بالتعاون مع وحدة "السايبر".
اقرأ أيضاً: إسرائيل تقرّ بناء 900 وحدة استيطانية بالقدس الشرقية
ودفعت الضغوطات رئيس البلدية إلى التصريح أمام المتظاهرين، الذين حاولوا الاعتداء عليه، بأنه سيتحقق كيف فازت العائلات العربية بالمناقصة، ما قد يبقي الباب مفتوحاً لسلب هذه العائلات قسائم البناء التي فازت فيها، إن وُجد سبيل إلى ذلك.
وتضطر الأوضاع التي تعيشها البلدات العربية، والتضييق الإسرائيلي الممنهج عليها، والمماطلة في توسيع مناطق نفوذها وتوفير قسائم بناء في داخلها، العديد من العائلات العربية، لا سيما الأزواج الشابة، للبحث عن مكان خارجها لاقتناء شقق سكنية تؤويها أو قطعة أرض تبني عليها.
وتضم العفولة عدداً قليلاً من العائلات العربية، التي قدمت إليها من بلدات مجاورة، وتعتبر واحدة من "المدن الإسرائيلية" المتشددة والعنصرية تجاه العرب بطابعها العام.
اقرأ أيضاً: دير سمعان الفلسطينية تعيش نكبة جديدة
وسبقت المناقصة الحالية مناقصة أخرى هذا العام، على قسائم لبناء 118 شقة سكنية، فاز اليهود بثلثيها، فيما كانت حصة العرب منها نحو ثلث واحد. وتبقى هذه الأرقام صغيرة جداً، إذ إن المشروع سيضم 1800 وحدة سكنية مع اكتمال المناقصات لتسويق القسائم الأخرى المتبقية.
وصرح عدد من المتظاهرين لوسائل إعلام عبرية، مصورين العرب على أنهم قتلة وإرهابيون، مبررين رفضهم سكن العرب في العفولة بعدم شعورهم بالأمان بوجودهم، الأمر الذي ينم عن العنصرية الكامنة في نفوسهم.
وساهمت وسائل إعلام عبرية محلية في شحن الأجواء، فكتبت إحدى الصحف "مسجد في العفولة العليا – لم يعد مجرد شيء خيالي". وتم تناول الموضوع في العديد من وسائل الإعلام، فبدأت الحركة الاحتجاجية باكتساب زخم أكبر.
في المقابل، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن أحد المقربين من رئيس بلدية العفولة، قال إن الرئيس "يعارض اختلاط المجتمعات" ويؤيد "العفولة يهودية"، لكن المشكلة تكمن في كون نتائج المناقصة قانونية، وبالتالي لا سبيل إلى تغيير ذلك إلا في حال حصل على رأي مهني وموضوعي من جهة مختصة، يشير إلى أن المناقصة قد تكون غير صحيحة، وعندها قد يتم فحص الموضوع مجدداً.
اقرأ أيضاً: الديموغرافيا.. عنوان حرب إسرائيليّة ضدّ الفلسطينيّين
من جهته، يقول أستاذ التاريخ والإعلام، رئيس معهد دراسات العلاقات ما بين الأديان في الجامعة المفتوحة، البروفيسور مصطفى كبها، في حديث مع "العربي الجديد"، إن العفولة تقوم على أراضي قرية الفولة العربية المهجرة.
ويوضح أن "الفولة كانت من أوائل القرى، التي اشترتها المؤسسات الصهيونية من إقطاعيين لبنانيين، وبسبب ذلك هجر أهلها في مطلع العشرينيات من القرن العشرين وكان عددهم بالمئات. والتجأوا إلى قرى أخرى في مرج ابن عامر، وفي قضاء بيسان وقضاء طبريا. وأقيمت العفولة على أراضيها، وحتى اسمها، كما الكثير من البلدات، مشتق من اسم القرية الأصلية، وإن كان الإسرائيليون يرفضون الاعتراف بذلك، ولكن الأمثلة عديدة على تسميات من هذا النوع".
يضيف كبها:" أقيمت العفولة كمركز جامع للمستوطنات في مرج ابن عامر، والذي لم تكن فيه قرى عربية في ذلك الوقت بسبب مياه الأمطار والمستنقعات، التي جعلت السكنى هنالك صعبة جداً، وكان يستخدم أكثر للزراعة. والمؤسسات اليهودية رأت من الضروري إقامة مدينة يهودية تكون مركزاً لمنطقة المرج، خاصة أنه في ذلك الوقت في عشرينيات القرن الماضي كانت بيسان مدينة عربية وكذلك طبريا كانت معظمها عربية. أما آثار قرية الفولة فما زالت قائمة".
وعن دور وسائل الإعلام الإسرائيلية في التحريض بهذه القضية وغيرها قال كبها:" ما يميز الإعلام اليوم، سواء في الشبكات الاجتماعية ولكن أيضاً في الإعلام التقليدي، أن فيه حالة من الطوفان وعدم الانضباط، ويقوم بإثارة الأمور وتهييجها. ولا شك في أن الإعلام يعيش من حالة التحريض هذه ويقتات منها".
اقرأ أيضاً: 29 ألف توقيع لعريضة منع إخلاء منزل عائلة مقدسية