تحذيرات من تفشي كورونا في سجون العراق... ودعوات لعفو خاص

24 مارس 2020
رجحت لجنة البرلمان إمكانية إصدار عفو خاص(صباح قرار/فرانس برس)
+ الخط -
على نحو أكثر حرجاً من وضع مخيمات النازحين في العراق التي تغصّ بعشرات آلاف الأسر في شمال وغرب البلاد، تبرز تحذيرات جدية من خطر تفشي فيروس كورونا في السجون ومحاجر الاعتقال العراقية التي تكتظ هي الأخرى بعشرات آلاف السجناء موزعة على مختلف المحافظات.
وبحسب مسؤولين في وزارة العدل العراقية، فقد تم إجراء فحوصات في عدد من السجون، وتم عزل عدد من السجناء في بغداد تحديداً، وسجن "تسفيرات" ببلدة جنوبي العراق. ووفقاً للمصادر ذاتها التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن إدارات السجون اتخذت خطوات عدة، من بينها منع إجازات الحراس وإجراء فحوصات لهم، باعتبارهم المشترك الوحيد بين النزلاء والشارع الناقل للفيروس، مبينة أن هناك خطة طوارئ تم اعتمادها لكنها تبقى قاصرة، كون عدد السجناء كبيرا، وفي بعض السجون التابعة لوزارة الداخلية تحديداً، هناك متر واحد لكلّ، سجين وهي مساحة غير صحية وتُعتبر مخالفة.
ولفتت المصادر إلى أن الحديث عن تسجيل حالة وفاة بفيروس كورونا قبل أيام لنزيل في سجن ببغداد، لم يؤكدها الطب العدلي.
والحديث عن اختراق الفيروس للسجن، جاء بالتوازي مع تحذيرات أطلقتها جهات صحية وحقوقية، أكدت أن السجون العراقية أصبحت بيئة خطيرة لانتشار الفيروس، في ظل اكتظاظ كبير بأعداد السجناء، مع عدم وجود سجون وقاعات تتوفر فيها أجواء مناسبة تقلل من فرص الإصابة والانتقال.
ووفقاً لمصادر مطلعة، فإن "وزارة العدل ورئاسة البرلمان تلقتا رسائل وتقارير من قبل مسؤولين في وزارة الصحة وجهات رقابية أخرى، حذرت من انتشار الفيروس داخل السجون بسبب اكتظاظها بأعداد كبيرة جداً، مع عدم وجود إجراءات طبية وقائية مناسبة، وعدم وجود أجواء صحية فيها"، مؤكدة لـ"العربي الجديد"، أن "تلك التقارير طالبت باتخاذ خطوات عاجلة لتلافي تلك المخاطر، وإيجاد حلول مناسبة بأسرع وقت".

وأشارت إلى أن "وزارة العدل أكدت عدم قدرتها على تهيئة أماكن إضافية لتخفيف أعداد السجناء ونقل بعضهم، وتوفير أجواء صحية مناسبة لهم، بينما اتجه البرلمان نحو دراسة إصدار عفو جديد لأجل تخفيف أعداد السجناء"، مبينة أن "الموضوع وصل إلى أروقة البرلمان الذي بدأ بمناقشة إمكانية إصدار عفو خاص للتخفيف من أعداد السجناء".
ورجحت اللجنة القانونية في البرلمان إمكانية إصدار عفو خاص لتلافي مخاطر الفيروس التي تهدّد السجون. وقال عضو اللجنة النائب محمد الغزي لـ"العربي الجديد"، إن "تأثير الفيروس على السجناء خطير جداً، مع ضعف الإجراءات الوقائية فيها، خصوصاً وأن السجون مكتظة بأعداد كبيرة، إذ هناك أكثر من 40 ألف سجين، منهم 20 ألفاً في بغداد فقط، ومثلهم من الحراس الأمنيين المتواجدين على تماس مباشر معهم، وهذه أعداد خطيرة جداً"، مؤكداً أن "هذا الملف تمت مناقشته في البرلمان، ويجري الآن دراسة إصدار حلّ عاجل".
وأكد أن "هناك فكرة لإصدار عفو يشمل ذوي الأحكام البسيطة كالجنح وغيرها، ومن لديهم فرصة تنازل الجهات التي أقامت الدعاوى ضدهم عن الحق الشخصي"، لافتاً إلى أن "هذه الخطوة من الممكن أن تختصر الوقت، وأن يكون إصدار العفو سريعاً لتخفيف أعداد السجناء بشكل عاجل". وإذ أشار إلى أن "الحلول الأخرى تستغرق وقتاً، وهذا الوقت قد لا يتناسب مع استمرار تزايد حالات الإصابة بالفيروس"، رجح "إمكانية تمرير القانون مع ازدياد مخاطر كورونا".
من جهتها، أكدت لجنة حقوق الإنسان البرلمانية صعوبة إبقاء هذه الأعداد الكبيرة داخل السجون، في ظل ظروف غير مناسبة، الأمر الذي يستدعي تخفيفاً لتلك الأعداد، على ألا يتسبب ذلك بالتأثير على أمن البلاد.
وقال رئيس اللجنة، النائب أرشد الصالحي: "نحن في لجنة حقوق الإنسان طالبنا أكثر من مرة بتخفيف العقوبات وإصدار قانون عفو بشرط عدم شموله الإرهابيين أو الذين ارتكبوا جرائم وحشية بحق الإنسانية"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "هناك الكثير من الأحكام والقضايا الخفيفة التي من الممكن أن يتم تخفيفها أو إصدار عفو بشأنها".
وشدد على أنه "يجب مراعاة هذا الملف بسبب وجود أعداد كبيرة في السجون، فهناك أكثر من 36 ألف محكوم، وهذا عدد كبير جداً، وهنالك مذكرات قبض لم يتم إصدارها"، معتبراً أن "هذه الأعداد الكبيرة تحتم على الحكومة مراعاتها، وأن يتم تخفيف الأعداد بقرارات تكون منصفة ولا تؤثر على أمن البلد".
من جهته، دعا رئيس حزب "الحل" جمال الكربولي، رئاستي الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى إلى تحمّل مسؤولياتهما، وتقليل الاكتظاظ في السجون، ومراكز التوقيف، والمؤسسات الإصلاحية في العراق، للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد.

وقال الكربولي في بيان له، إن سرعة انتشار هذا المرض تؤثر بالدرجة الأساس على الفئات الأشد ضعفاً في المجتمع والمتمثلة بالفقراء والنازحين وكبار السن والسجناء والموقوفين.
وعدّ الكربولي السجون ومراكز التوقيف والمراكز الإصلاحية العراقية، بـ"مثابة قنابل وبائية موقوتة، قد تكون البؤرة غير المحسوبة حالياً في احتضان وتوطن وانتشار فيروس كورونا، نظراً لاكتظاظ السجون ومراكز التوقيف والإصلاح، وقلة ما يُقدَّم لهم من الرعاية الصحية والوقائية، ومع تواتر معلومات ظهور حالات إصابة في عدد من السجون المركزية في جنوب ووسط العراق، بالإضافة إلى سجون إقليم كردستان، فإنها قد تقضي على الآلاف من السجناء والموقوفين".
وطالب بـ"تقليل اكتظاظ السجون ومراكز التوقيف وإصدار عفو رئاسي خاص عن المحكومين ممن قضوا نصف مدة محكوميتهم، وإطلاق سراح الموقوفين ممن تقبل قضاياهم الكفالة، أو الغرامة المالية، مستثنين من ذلك جرائم الإرهاب".

يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه حالات الإصابة في المحافظات العراقية بشكل يومي، وسط انتقادات من عدم وجود إجراءات وقائية مناسبة في ظل تردي الواقع الصحي العراقي.

المساهمون