تحالف مشترك وأهداف مختلفة

27 سبتمبر 2014

أوباما يلقي كلمة عن الحرب على "داعش" (23سبتمبر/2014/Getty)

+ الخط -

من أمام حديقة البيت الأبيض في واشنطن، أراد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، أن يعلن أن بلاده "ليست وحدها" في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية، مشيراً إلى مشاركة دول عربية، السعودية والبحرين والإمارات وقطر والأردن من دون أن يُسميها، في الهجمات الجوية الأولى التي يقودها التحالف الدولي على الأراضي السورية. وقد حذر أوباما من أن عمليات القصف ستستغرق وقتاً، وقال إن قوات التحالف ستدرب المعارضة السورية والجيش العراقي، وإن "الإرهابيين لن يجدوا أي ملاذ آمن في العراق وسورية".

هذا الإعلان الواضح لأوباما بشأن مشاركة حلفائه، والذي أكده، بعد الضربات على الأراضي السورية، بعد أن كثر الجدل عن إمكانية توجيه هذه الضربات، نظراً لحساسية الموقف من الأطراف المشاركة بالنسبة لسورية، أسس مرحلة جديدة من المواجهة، وكانت نواتها الأولى في اجتماع جدة، والذي عكس تبايناً في كيفية المشاركة في الحملة العسكرية، نظراً للاختلاف في الرؤية الموحدة بشأن تحديد التنظيمات المصنفة تحت خانة الإرهاب، إضافة إلى اختلاف أسباب وغايات كل دولة من وجودها في التحالف، ولو كان الهدف العام المعلن مشتركاً.

أرادت مصر التي أبقت مشاركتها العسكرية ضبابية، ولو أنها شاركت في التحالف، تحسين صورتها مع الغرب، بعد أن كان الحكم الحالي فيها قد انقلب على "شرعية الانتخابات"، وهي تعتبر "الإخوان المسلمين" منظمة إرهابية مثل داعش، كما المملكة العربية السعودية والإمارات، بل وترى مصر أن ما تتعرض له من عمليات أمنية في سيناء من منظماتٍ مثل "أنصار بيت المقدس" هو الإرهاب، وهي ترى في أهدافها أبعد من داعش، وهو ما عبر عنه وزير خارجيتها، سامح شكري، في قوله "الجيش المصري لحماية الشعب المصري وحدود البلاد".

أما تركيا التي عبرت صراحة عن عدم مشاركتها العسكرية، فعينها على الأكراد الداعين للانفصال، وهي تسعى نحو ألا يستفيد النظام السوري من محاربة داعش، كما أنها استضافت بعض قيادات الإخوان المسلمين (المعتبرين إرهابيين من دول في التحالف) الذين غادروا قطر، وتريد أنقرة أن تضمن موقعها في ما بعد المواجهة لجهة نفوذها في سورية والعراق.

وبعد التردد بشأن الدور الذي ستلعبه في هذا التحالف، وافقت المملكة العربية السعودية على تدريب الثوار السوريين "المعتدلين" لمواجهة داعش والنظام السوري، إلا أن الخوف الأكبر للسعودية يبقى من إيران وامتداد نفوذها في المنطقة من العراق إلى سورية، مروراً باليمن وصولاً إلى لبنان.

في المقابل، يحاول الأردن ضمان موقعه المتوازن، بحيث يريد الإبقاء على علاقاته الخليجية الجيدة من أجل المساعدة، كما لا يريد استفزاز جيرانه في العراق وسورية، ويتجنب المواجهة مع إسرائيل، وبذلك يبحث عن حمايته في التحالف، ليرضي معظم الأطراف، نظرا لدقة وحساسية موقعه جغرافياً، كما داخلياً بين القبائل والإسلاميين.

أما لبنان، المشارك، عبر وزير خارجيته، جبران باسيل، وغير المشارك في الوقت نفسه، لمعارضة أطراف داخلية فاعلة، مثل حزب الله، فهو يبحث، أيضاً، عن حماية من التطرف الذي تغلغل إلى واقعه المنقسم، وانتشر على حدوده، مهدداً جيشه وقواه الأمنية، وهو يواجه الإرهابيين من داعش وجبهة النصرة، إضافة إلى كتائب عبد الله عزام وغيرها من الفصائل، وهو، بدخوله التحالف، يستدرج تقارباً من أجل المساعدة على إنجاز الاستحقاقات السياسية الداخلية.

دخل التحالف الدولي حيّز التنفيذ، وبدأت الهجمات بمشاركة أربعين دولة، لكن الأهداف تبقى متباعدة، أو على الأقل مختلفة، فلكل دولة أعداؤها في السياسة، كما في الإرهاب، فهل يجمع أوباما التحالف بشعار محاربة عدو واحد هو داعش، ليفترق في السياسة على مجموعة من الأعداء؟