تجميد الإنتاج والتسريح يلاحق آلاف العمال في مصر

04 ابريل 2020
تهديد آلاف العمال بوظائفهم (فرانس برس)
+ الخط -
ألقت أزمة فيروس كورونا بظلالها على القطاع الخاص في مصر مع بدء إغلاق عدد من المصانع، خاصة في قطاع المفروشات والملابس الجاهزة والنسيج، والصناعات البلاستيكية والهندسية والكيميائية، ومواد البناء ومصانع الكرتون، وعدد آخر من المهن. 

وترافق ذلك مع تخفيض العمالة في مصانع وساعات العمل في مصانع أخرى، وتقليص رواتب العمال ما بين 50% إلى 60% بدءاً من مرتبات شهر مارس/ آذار، وسط تخلي الحكومة عن المواطنين والعمال، وتركهم للحجر من دون مساعدات.


وقررت وزارة القوى العاملة، في مارس/ آذار الماضي، تطبيق قرار تخفيض أعداد العاملين فى القطاع الحكومي وقطاع الأعمال العام على العاملين بالقطاع الخاص، مع مراعاة طبيعة القطاع الأخير.

ووفقا للوزارة ذاتها، فإنّ القطاع الخاص يمثل نحو 80% من حجم العمالة الموجودة داخل البلاد.

وكشفت جهات مسؤولة في "جمعية مستثمري 6 أكتوبر"، في حديث مع "العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّ مصانع أوقفت بالفعل عملها خوفاً من انتقال فيروس كورونا بين العمال، كما أن هناك مصانع على وشك أن تغلق، وأخرى تعمل بنصف طاقتها، في ظل توقف طلبات التصدير للأسواق الخارجية نتيجة إغلاق الموانئ. وشرحت أن هذه الوضعية "تمهد لكارثة حقيقية" تطاول الصناعة المصرية.


وأكدت أنه "من الصعب تحمل أصحاب المصانع كل التكلفة، من مرتبات العمالة والضرائب وغيرها من الحقوق، في ظل توقف المصانع عن العمل"، مشيرة إلى أنّ أي ضغوط عليهم "مرفوضة"؛ لكونها فوق طاقة المصانع، خاصة أن معظم هذه المصانع تأخذ قروضاً من البنوك لتمويل مشروعاتها، وتوقفها يزيد من ديونها.


وقال وزير القوى العاملة محمد سعفان، في تصريحات سابقة، إنّ الوزارة ستغلق أي مصنع يظهر فيه فيروس كورونا لمدة 14 يومًا، وهذا سيؤدي إلى خسائر، وفي هذه الحالة سندعم المصنع من خلال توفير أجور العمالة.

وقررت وزارة قطاع الأعمال، في مارس/آذار الماضي، منح عمال مصر المحلة والنصر للغزل، إجازة حتى نهاية الشهر، وإلزامهم بالعزل الصحي المنزلي بعد الاشتباه في حالتي إصابة بفيروس كورونا.

كما أغلقت الحكومة، الشهر الماضي، منطقة الاستثمار بالإسماعيلية وقررت إعطاء العاملين بالمصانع إجازة، تنتهي اليوم السبت، على أن تخصم المدة من الإجازات الاعتيادية مع الالتزام بصرف مرتبات شهر مارس/ آذار من دون خصم.


وقرر اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، الأسبوع الماضي، إغلاق 5 مصانع بمنطقة الاستثمار 15 يوماً ولحين إشعار آخر، لتطبيق الإجراءات الاحترازية الوقائية للحد من التجمعات للتعامل مع فيروس كورونا.

ولفت أحد المستثمرين المصريين إلى أنّ الحكومة "نسيت تماماً مشكلات المصانع ورجال الأعمال، سواء اليوم أو في السنوات الماضية، والنتيجة تراكم العشرات من المشكلات على المستثمرين". 

وأوضح، لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، أنّ قرار تخفيض أسعار المحروقات والطاقة الذي اتخذته الحكومة المصرية، خلال الأيام الماضية، بسبب كورونا، "يمثل شيئاً في مقابل خسائر أصحاب المصانع الحالية"، وتساءل: "ماذا سنستفيد من تلك التخفيضات بعد إغلاق المصانع؟"، مبيناً أن أسعار المحروقات والكهرباء سوف تعود مرة أخرى، وربما أكثر مما كانت عليه، عقب استقرار الأوضاع ونهاية تفشي الوباء، و"بالتالي فهي ليست حلاً"، بحسب قوله.

وطالب المستثمر، الذي يمتلك أحد مصانع النسيج في منطقة "شبرا الخيمة" بمحافظة القليوبية، بضرورة وقوف الحكومة إلى جانب العمالة في القطاع الخاص أسوة بما يحدث مع نظرائهم في القطاع الحكومي، عبر صرف منح لهم، لأنه لا يمكن لأصحاب المصانع تحمل رواتبهم من دون إنتاج، لافتاً إلى أنّ "الجميع في قارب واحد والكل متضرر من الأزمة".

وقد شكا عمال من انعدام الأمان الوظيفي؛ بسبب تقلبات سوق العمل، سواء نتيجة تخفيض العمالة والمرتبات، أو الاستغناء عن خدمات الآلاف منهم، وتأخر الرواتب بحجة عدم وجود سيولة مادية، وهو ما يؤثر سلباً على أوضاعهم المعيشية.
وسأل أحد العمال، في حديث مع "العربي الجديد": "لماذا تقع أغلب المشاكل على العمال في القطاع الخاص؟ ولماذا لم تستطع وزارة القوى العاملة السيطرة على المصانع ورجال الأعمال؟ وهل يرجع ذلك لسطوة المال وقوته على الحكومة؟".
وقال حسن مصطفى، أحد الفنيين الذي يعمل في مصنع للكابلات، إنّ المصنع كان يعمل على مدار الـ24 ساعة من خلال ثلاث ورديات، إلا أنه قرر تقليص الإنتاج إلى ورديتين، وبعدها أقل من وردية بحجة تفادي وقت الحظر، مما أدى إلى الاستغناء عن المئات من العاملين، وتخفيض رواتب من تبقى منهم.
وأكد أن هناك مذكرات استغاثة من قبل العاملين، سواء بهذا المصنع أو مصانع أخرى، إلى وزارة القوى العاملة ومكاتب العمل لإنقاذهم، ولكن لا أحد يستجيب.

ولفت عبد الراضي إبراهيم، الذى كان يعمل بقطاع السياحة، إلى أن القطاع يعد من أكثر القطاعات الخاصة تضرراً من أزمة كورونا، مشيراً إلى أن العشرات من المراكب السياحية العاملة بمحافظات مصر قررت الاستغناء عن العمالة الموجودة فيها بلا راتب، تحت شعار "سوف نتصل بكم لاحقاً".
وأضاف "نحن جميعاً في ظروف اجتماعية غاية في الخطورة، واضطر البعض إلى بيع كل ما يملك لتأمين حاجيات أسرته".

وأبدى عمر جبر، أحد العاملين في مصنع للبناء، تخوّفه من تداعيات توقف مصانع الطوب بسبب قلة الأعمال، وهو ما أدى إلى تشريد العمالة، لافتاً إلى أنه "طبقاً للدستور يجب على الحكومة العمل على حماية حقوق العمال، خاصة في هذه المرحلة".

المساهمون