تجددت اليوم الثلاثاء مظاهرات الحراك الطلابي في العاصمة وعدد من المدن الجزائرية، للمطالبة بإطلاق مسار ديمقراطي وصياغة دستور توافقي وحل البرلمان وتحرير الصحافة والعدالة ووقف الاعتقالات وإبعاد الجيش من التأثير على سلطة القرار السياسي.
وبدت قوات الأمن والشرطة الجزائرية اليوم حذرة في التعامل مع مسيرة الطلبة، وأخذت مسافة كافية لمراقبة المظاهرات الطلابية عن بعد دون أي احتكاك، بعد الجدل السياسي والشعبي الكبير وموجة الانتقادات الحادة التي تعرضت لها الشرطة منذ يوم السبت الماضي، بعد بث فيديوهات تظهر القمع والاستخدام المفرط للقوة من قبل أعوان الشرطة ضد المتظاهرين السلميين في العاصمة الجزائرية وبومرداس وعدد من المدن الأخرى، ما دفع بمديرية الأمن إلى إصدار بيان أنكرت فيه وجود أي عنف واعتبرت أن قوات الشرطة كانت بصدد تفريق مظاهرة غير مرخصة.
ورد الطلبة والمتظاهرون اليوم على بيان المديرية العامة للأمن العام، بشأن عدم وجود ترخيص لمسيرات السبت التي تم قمعها، وأكد الطلبة أن مظاهرات الثلاثاء والجمعة أيضا ليست مرخصة، ورفعت لافتة كبيرة في مظاهرة اليوم كتب عليها "بعد أكثر من سنة من الحراك، التظاهر حق مكفول بقوة الأعداد وليس بقوة القانون"، ولافتة أخرى كتب عليها "المادة 49 من الدستور حرية التظاهر السلمي مضمونة".
وقال الناشط الطلابي مهدي حراثان إن "الشعب افتك حق التظاهر من 22 فبراير، لأنه كان محظوراً على الجزائريين التظاهر قبل ذلك، والشعب لن يطلب ترخيصا لأنه صاحب السيادة والتظاهر حق دستوري والمظاهرات سلمية منذ سنة ولم يحدث أن كسرت زجاجة واحدة"، مضيفا أنه "في الحقيقة السلطة منزعجة من استمرار الحراك وتريد السيطرة على الشارع لتنفيذ خطة إصلاح سياسي ودستوري على مقاس خياراتها وليس خيارات الشعب".
ورفعت إحدى المتظاهرات لافتة تتضمن رسالة سياسية تحث الجزائريين على تجاهل ما يقوم به النظام من ممارسات أو تدابير سياسية تستهدف زرع الانقسام وإثارة الخلافات الأيديولوجية بين مكونات الحراك الشعبي، حيث كتبت عليها "لا تهم أفعال وممارسات النظام بل يجب التركيز على ما يجب القيام به للإطاحة به، النظام يتعمد إلهاء الشعب، تقسيمه، إرشاءه ليستمر هو".
وأبدى المتظاهرون تضامناً كبيراً مع الناشطين والصحافيين الموقوفين، ورفعوا صور كريم طابو وسمير بلعربي وخالد درارني المعتقلين في السجون، كما أبدوا تعاطفاً كبيراً مع الشرطي توفيق حساني الذي تمت إقالته من جهاز الأمن بسبب رفضه تنفيذ أوامر لقمع المتظاهرين، وتم اعتقاله السبت الماضي بسبب مشاركته في مظاهرات الحراك أيضاً وهتف المتظاهرون "الله أكبر، توفيق حساني".
ويستمر الحراك الشعبي في تجاهل تطورات الواقع السياسي في البلاد، ورفض الاعتراف بشرعية الرئيس عبد المجيد تبون المنتخب في 12 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ورفض خطط الإصلاح السياسي والدستوري التي يقترحها، حيث هتف المتظاهرون "رئيس مزور جابوه (أتى به) العسكر، ماكاش (لا توجد) الشرعية، الشعب تحرر، هو اللي (من) يقرر دولة مدنية"، إضافة إلى هتافات ضد جنرالات الجيش وتدخلهم في الشأن السياسي ومحاولة الهيمنة عبر تسريح يد الأجهزة الأمنية للتحكم في المشهد السياسي في البلاد.
وطالبت مظاهرات الحراك الطلابي بتحرير الصحافة ورفع الإكراهات والضغوط المسلطة على الإعلاميين، وكذلك تحرير العدالة من القرارات الفوقية، ودوت في الشارع هتافات "صحافة حرة وعدالة مستقلة"، على خلفية التعتيم الكبير الذي تمارسه القنوات التلفزيونية على مظاهرات الحراك الشعبي وعدم تغطيتها لهذه المظاهرات منذ أشهر بفعل ضغوط من السلطة والأجهزة الأمنية.
وشهدت عدة مدن جامعية مظاهرات طلابية، إذ خرج طلبة جامعة بجاية شرقي الجزائر بإسناد من الأساتذة ونقابات عملية في مسيرة سلمية احتجاجية للمطالبة بالتغيير السياسي وإطلاق سراح معتقلي الرأي وحرية التعبير في الجزائر، كما خرج طلبة جامعة البويرة قرب العاصمة الجزائرية في مسيرة سلمية وتضامناً مع 23 ناشطاً من المدينة كانت استدعتهم السلطات للتحقيق معهم بسبب نشاطهم في الحراك الشعبي.