الجزائر: تجدد المظاهرات الطلابية الرافضة لبقاء رموز نظام بوتفليقة في السلطة
لم يفوت طلبة الجزائر موعدهم الأسبوعي مع الحراك الشعبي كل ثلاثاء، إذ خرج المئات اليوم في مظاهرات عارمة وسط العاصمة الجزائرية وعدد من المدن، تعبيراً عن الرفض الشعبي المتواصل لبقاء رموز نظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، في السلطة، وبالأخص رئيس الدولة المؤقت، عبد القادر بن صالح، ورئيس الحكومة، نور الدين بدوي.
وتزامنت مظاهرات الطلبة اليوم مع تاريخ انتهاء العهدة الدستورية لبن صالح، برغم أنه سيستمر في منصبه بقرار من المحكمة الدستورية، حتى تنظيم انتخابات رئاسية لاحقة. ولم تثن الحرارة المرتفعة من عزيمة الطلبة في إصرارهم على مطالب إعادة السلطة إلى الشعب وبدء مرحلة انتقالية ورفع الجيش يده عن مجمل المسار الانتقالي.
وبخلاف المظاهرات السابقة لم تكن أعداد الطلبة اليوم كبيرة مقارنة مع استعادة الحراك زخمه الشعبي في مظاهرات الجمعة الماضية التي تزامنت مع احتفالات عيد الاستقلال. ورفع الطلبة شعارات ضد أي مسعى يؤدي إلى تنظيم انتخابات رئاسية، واعتبروا أنه لن تكون هناك أية انتخابات رئاسية قبل قبول السلطة بدء مرحلة انتقالية.
وقال الطالب صادقي نور الدين في تصريح لـ"العربي الجديد" إن مظاهرات اليوم موجهة للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي، الذين تم توقيفهم من قبل قوات الأمن في المظاهرات قبل أسبوعين، بسبب رفع الرايات الأمازيغية أو التعبير عن مواقف سياسية مناوئة.
ومنعت قوات الأمن الجزائرية الطلبة من السير في شارع الشهيدة حسيبة بن بوعلي بحجة "عدم تعطيل حركة السير وأشغال المواطنين". وتجنب الطلبة الاحتكاك بعناصر الأمن، وفضلوا مواصلة المظاهرات بين ساحة أودان وشارع الحرية وباستور وسط العاصمة.
وانتقد الطلبة ما اعتبروه محاولات السيطرة على الحراك الشعبي من قبل قوى سياسية وإنهاكه من قبل السلطة. وقال الطالب في كلية الحقوق عبد المجيد النوري، إن "بعض الحساسيات السياسية تحاول أن تسيطر على الحراك الشعبي وتدعو إلى تشتيت الجهود بخلق عامل التفرقة بإخراج عنصر الهوية"، مضيفا أن الحراك الشعبي يهدف إلى "تقويض نظام الحكم الذي أنتج العصابة ومحاكمة الفساد وإرجاع أموال الشعب".
دعوة لإضراب عام
إضافة إلى العاصمة، شهدت عدة ولايات على غرار قسنطينة وسيدي بلعباس وجيجل وورقلة وعنابة احتجاجات الطلبة بطريقة سلمية، نددوا فيها بمماطلة السلطة الحاكمة في الاستجابة لمطالب الشعب. وتجاهلت أغلب القنوات التلفزيونية المحلية مظاهرات الطلبة في سياق تحول لافت في موقف الإعلام المحلي من الحراك والمظاهرات بشكل عام في الفترة الأخيرة، بفعل ضغوط وإكراهات تمارسها السلطة على الإعلام.
من جانب آخر دعا مؤسس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، سعيد سعدي، إلى التفكير في بدء تنفيذ إضراب عام، للضغط على السلطة والجيش للقبول بتسليم السلطة عبر مرحلة انتقالية، تزامناً مع انتهاء العهدة الدستورية اليوم لبن صالح.
وقال سعدي في تقدير موقف مطول نشره اليوم الثلاثاء، إنه يتوجب "إطلاق عمليات جدّ محددة وبأحسن تدبير. يجب التفكير في اللجوء للإضراب العام والتخطيط له بإحكام، اليوم وقد ولجت البلاد إلى المرحلة اللادستورية، أصبحت عمليات العصيان المدني مشروعة وناجعة".
ودعا سعدي، الذي يحظى بثقل سياسي لدى التيار الديمقراطي والشعبي في منطقة القبائل ذات غالبية السكان الأمازيغ، إلى مؤتمر عام لقوى المعارضة السياسية والمدنية التي تؤمن بمقترح المرحلة الانتقالية، باعتبارها "بوابة الجمهورية الجديدة، تنبثق عنها الرئاسة الجماعية، وحكومة المهام و لجنة تنظيم الانتخابات التي حصل حاليا حولها الإجماع"، مشيرا إلى أن "مظاهرات الخامس يوليو (تموز) الأخيرة أكّدت رفض الجزائريين لحكم العسكر والطموح للدولة مدنية ومطالبتهم برحيل النظام وخيار مسار انتقالي مؤسّس لدستور جديد قبل الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية".
واعتبر سعدي أن البلاد تدخل بدءاً من اليوم في فراغ دستوري، مشيراً إلى أن الجيش ورئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح يفضل التمسك به باسم الشرعية الدستورية، متحدّيا الشارع بالرئاسيات رغم إلغاء تلك الرئاسيات المقررة في الرابع يوليو/ تموز الماضي بسبب غياب المترشحين"، محذراً من أن مواقف صالح قد تضع "قيادة الأركان في المواجهة مع الشعب، وفي ظرف اجتماعي اقتصادي هش".
واتهم سعدي قائد الجيش بقيادة حملة مكافحة الفساد للتغطية على عجز الجيش في إيجاد مرشح وبديل سياسي.