تجار طهران يحتجون على تدهور الاقتصاد وقيمة العملة

24 يونيو 2018
حكومة روحاني تعاني ضغطاً إضافياً من التجار (Getty)
+ الخط -
اعترض عدد من التجار وأصحاب المحال في سوقَي علاء الدين وتشارسو لبيع الهواتف الخليوية والكهربائيات الواقعين في مركز عاصمة إيران، على استمرار تدهور سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار وعلى تردي الوضع الاقتصادي، فأغلقوا محالهم بعد ظهر اليوم الأحد وردّدوا شعارات اعتراضية.


ووصل سعر الصرف اليوم إلى 10 آلاف تومان أي ما يعادل 100 ألف ريال للدولار الأميركي الواحد، وهو ما يؤدي إلى تذبذب شديد في السوق، وأعرب هؤلاء التجار عن نيتهم الدخول في إضراب مفتوح.

كما ذكرت بعض المصادر أن المعترضين رددوا شعارات مناوئة للحكومة الإيرانية، وأبدوا احتجاجهم على سياساتها الاقتصادية، ومنهم من دعوا لوقف الدعم الإيراني لدول ثانية من قبيل سورية، والتركيز أكثر على المشكلات الاقتصادية في البلاد والتي عادت للتدهور بشكل واضح بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في مايو/أيار الفائت.

وذكر وزير الاتصالات محمد جواد آذري جهرمي على صفحته على موقع تويتر أنه زار سوق تشارسو، حيث اعترض التجار، بعد أن شارك في اجتماع للهيئة الحكومية والتشكيلة الوزراية في حكومة الرئيس حسن روحاني عقد اليوم أيضا، وأكد أن الهدوء عاد إلى المكان وأن التجار استأنفوا نشاطهم التجاري.

وأضاف جهرمي أن وزارته ستسعى لتأمين الدولار والعملة الصعبة اللازمة لسوق التجهيزات الكهربائية والهواتف الخليوية والتي تتأثر أسعار منتجاتها، والمستوردة منها بالذات بشكل كبير بتغييرات مؤشرات سوق الصرف، داعيا للتعامل بصرامة مع مستغلي الأوضاع، على حد تعبيره.

من جهته، قال رئيس غرفة نقابات إيران علي فاضلي إن الجهات المعنية ستتابع مشكلات التجار المختلفة والمرتبطة بسعر الدولار وحصولهم على البضائع والوضع في السوق، داعيا الباعة والتجار والوحدات العمالية للتروي والصبر، ونقلت عنه وكالة إيسنا قوله كذلك إن غرفة النقابات تتابع مشكلات التجار وستستمع لاعتراضاتهم ومسبباتها، حسب وصفه.

في سياق متصل، ارتفعت حدة الانتقادات الموجهة إلى الرئيس حسن روحاني بعد نشر مواقع إيرانية صورا له مع أفراد من حكومته خلال زيارة لمنطقة توتشال الجبلية الواقعة شمال العاصمة وهو يرتدي ملابس رياضية، ووجه طلاب وأساتذة من حوزة قم العلمية رسالة إلى الرئيس انتقدوا خلالها الوضع الاقتصادي المتدهور محذرين من عدم قدرة الحكومة على إدارة الأوضاع.

وجاء في هذه الرسالة التي نشرتها مواقع إيرانية محافظة أن روحاني يتصرف على عكس شعاراته الانتخابية التي طرحها حين رشح نفسه للرئاسة، واعتبر هؤلاء الأفراد الذين يدرسون العلوم الدينية في قم، أن الضغوطات الاقتصادية تؤثر على الشرائح الاجتماعية في البلاد وخاصة الفقيرة منها والتي باتت تحت ضغط شديد.

كذلك، أشاروا إلى تبعات ارتفاع سعر الدولار إلى 10 آلاف تومان وسعر الليرة الذهبية إلى 3 ملايين تومان، فضلا عن وجود مشكلة ثانية بدأت بالتفاقم ترتبط بتأمين مياه الشرب النقية لعدد من المناطق الواقعة جنوبي البلاد وعلى رأسها أبادان، بالتزامن وكل هذا.

ونقلت الرسالة إلى الرئيس الإيراني أن المرشد علي خامنئي أكد ضرورة دعم المنتج المحلي، بينما يسعى روحاني وفريقه للحفاظ على الاتفاق النووي الذي كان من المفترض أن يرفع كل العقوبات، إلا أنه تحول لوسيلة لفرض المزيد من الحظر، منتقدين ذهاب روحاني للاستمتاع بوقته في منطقة توتشال الجبلية بينما يتدهور اقتصاد البلاد، واعتبر هؤلاء أنه فتح باب الملاعب أمام النساء للدخول لحضور مباريات فريق إيران في كأس العالم في محاولة منه لإبعاد أذهان الإيرانيين عن التفكير في أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، كما انتقدوا أخذ نواب البرلمان الإيراني لعطلتهم الصيفية والتي تستمر لأسبوعين في ظل هذه الظروف.

الجدير بالذكر، أن احتجاجات واسعة كانت قد خرجت في مناطق إيرانية عدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي اعتراضا على الوضع الاقتصادي وعلى الفساد والسياسات الحكومية وطالب المحتجون حينها باسترجاع حقوقهم من مؤسسات مالية استغلتهم وسرقت أموالهم بحجة الاستثمارات، وتطورت الاحتجاجات لتتحول إلى اعتراضات بشعارات سياسية منها ما طاول النظام وسياساته المحلية والإقليمية.

كما أدى انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في مايو/ أيار الفائت، لحصول تبعات وصفها خبراء الاقتصاد بالنفسية وغير الحقيقية والمؤقتة إذا ما لم تتعامل معها الحكومة بشكل سريع، وهي التي أدت لتدهور العملة المحلية أمام الدولار، وهو ما تسبب أيضا بغلاء أسعار السلع.

ومن المتوقع استمرار هذا الوضع المتذبذب حتى الإعلان عن قرار إيران المتعلق بالبقاء في الاتفاق أو الانسحاب منه، وهو ما سيعتمد على نتائج الحوار مع الأطراف الأوروبية المتبقية في الاتفاق، والتي من المفترض أن تمنح طهران ضمانات عملية لحصد مكتسباتها الاقتصادية بعد الانسحاب الأميركي.

تدهور الريال

وأوردت وكالة "رويترز" أن الريال الإيراني هوى إلى مستوى قياسي منخفض جديد مقابل الدولار في السوق غير الرسمية اليوم الأحد، مواصلا خسائره وسط مخاوف من عودة العقوبات الأميركية بعدما انسحب الرئيس دونالد ترامب في مايو/ أيار من اتفاق بشأن البرامج النووي لطهران.

وبحسب موقع الصرف الأجنبي ‭‭‭‭Bonbast.com‬‬‬‬ الذي يتابع السوق غير الرسمية، فقد عُرض الدولار بسعر يصل إلى 87 ألف ريال مقارنة مع حوالي 75 ألفا و500 ريال يوم الخميس، وهو آخر يوم تداول قبل عطلة نهاية الأسبوع في إيران.

وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية إن الدولار ارتفع إلى 87 ألف ريال اليوم من حوالي 74 ألفا قبل نهاية الأسبوع في السوق السوداء وحمل عدة مواقع إيرانية تقارير مماثلة.

وتتراجع العملة منذ شهور بسبب الأداء الاقتصادي الضعيف والصعوبات المالية في البنوك المحلية والطلب الكثيف على الدولار بين الإيرانيين القلقين من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وتجدد العقوبات الأميركية على طهران بما قد يقلص صادرات البلاد من النفط وغيره.

وأثار انخفاض قيمة العملة المحلية موجة غضب عامة بسبب الارتفاع السريع في أسعار السلع المستوردة.

ومن المقرر أن تدخل بعض العقوبات حيز التنفيذ بعد مهلة "تصفية أعمال" تبلغ 90 يوما وتنتهي في 6 أغسطس/ آب والبقية، وأهمها العقوبات التي تستهدف قطاع البترول، بعد مهلة 180 يوما تنتهي في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني.

وضعفت العملة الإيرانية من حوالي 65 ألف ريال قبيل إعلان ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق أوائل مايو/ أيار ومن 42 ألفا و890 في نهاية العام الماضي وتهدد خسائر العملة بتعزيز التضخم والإضرار بمستويات المعيشة والحد من قدرة الإيرانيين على السفر إلى الخارج.

وفي محاولة لكبح التراجع، أعلنت السلطات الإيرانية في أبريل/ نيسان أنها ستوحد سعري صرف الدولار بالسوقين الرسمية والسوداء عند 42 ألف ريال مع حظر التداول بأي سعر آخر ومعاقبة من يخالف ذلك بالحبس.

لكن الخطوة لم تقض على السوق غير الرسمية لأن السلطات تتيح مبالغ أقل بكثير من العملة الصعبة عبر القنوات الرسمية مقارنة مع متطلبات المستهلكين. ويقول المتعاملون إن كل ما حدث هو أن السوق الحرة أصبحت سرية.

دلالات
المساهمون