تعاني إسرائيل من حالة تباطؤ اقتصادي واضحة، حيث إن اقتصادها حقق في السنوات الثلاث الماضية نسبة نمو لم تتجاوز 2.5%، في حين كان كل من وزارة المالية وبنك إسرائيل المركزي يأملان أن تتراوح نسبة النمو بين 4 و5%، وهي نسبة النمو التي وصل إليها الاقتصاد الإسرائيلي حتى عام 2011.
وحذرت صحيفة "هارتس"، في عددها الصادر أمس، من أن التباطؤ الاقتصادي سيجعل نسبة النمو بالنسبة للفرد تؤول إلى صفر، وسيقلص من قدرة الحكومة على رفع معدلات الأجور، كما تطالب التجمعات المهنية الكبرى.
وعلى الرغم من أن الصحيفة عزت بعض أسباب التباطؤ إلى التحولات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، إلا أنها شددت على أن أهم سبب وراء هذا التحول هو الإدارة الإشكالية في عدد من المرافق الاقتصادية المهمة، مما أفضى إلى تراجع التصدير.
ونوهت الصحيفة إلى أن أهم المرافق المسؤولة عن التباطؤ هي الصناعات العسكرية والموانئ وشركة الكهرباء.
وفي تقرير نشرته أول أمس، نوهت صحيفة "ذي ماركير" إلى أنه حدث تراجع واضح ومتواصل وعلى مدى سنين على تصدير البضائع والخدمات، وصناعات التقنيات المتقدمة، مما مسّ بشكل كبير بإنتاجية الاقتصاد الإسرائيلي، مع العلم أن هذه المكونات تشكل قوة الدفع الرئيسة للاقتصاد الإسرائيلي.
وأوضحت الصحيفة أنه في مقابل تراجع التصدير، فقد زاد الاستيراد وتعاظمت نفقات الدولة، إلى جانب زيادة كلفة الخدمات التي تقدمها الدولة للجمهور.
وانتقدت الصحيفة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لأنه لم يضع تحدي تراجع النمو وتواصل التباطؤ على رأس قائمة التحديات التي يتوجب على الحكومة معالجتها بشكل عاجل.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان حقيقة أن الاقتصاد الإسرائيلي نجا "باحترام" من الأزمة التي ألمّت بالاقتصاد العالمي خلال عامي 2008 و2009 وأوجد فروقا لصالحه في مواجهة اقتصاديات دول متقدمة، محذرة من أن الاقتصاد الإسرائيلي يفقد باطراد مزاياه ومصادر الذخر التي تضمن تواصل النمو.
ومن أجل التدليل على صحة التحليل، أشارت الصحيفة إلى المعطيات التي أصدرها "مركز الإحصاء المركزي" الإسرائيلي مؤخراً، والتي أكدت أن الناتج القومي الإجمالي نما في الربع الأول من العام الجاري بنسبة 0.8% فقط، في حين أن نسبة النمو التي حققها في نفس الفترة من العام الماضي بلغت 3.1%.
ونقلت الصحيفة عن شموئيل أرييه، مدير "مجموعة فيونير" للاستشارات الاقتصادية قوله إنه يتوجب على الحكومة الإسرائيلية اتخاذ الخطوات اللازمة لمواجهة التحولات السلبية الاقتصادية والإقدام على إجراءات تعزز من بيئة النمو.
وأشار آرييه إلى أنه لم تطرأ زيادة على حجم الاستثمارات الخارجية لعدم تقديم الحكومة تسهيلات ضريبية للمستثمرين لتشجيعهم.
من ناحيتها، قالت الباحثة الاقتصادية ميرا أورلزروف إن إسرائيل مطالبة بإدخال إصلاحات بنيوية على اقتصادها، إلى جانب ضرورة قيام الحكومة بزيادة استثماراتها في مرافق تضمن زيادة إنتاجية الاقتصاد.
وفي مقال نشرته صحيفة "ذي ماركير" مؤخراً نوهت أورلزروف إلى أن هناك اتفاقا بين الخبراء الاقتصاديين على ضرورة تقليص مستوى المركزية وزيادة التنافس، إلى جانب الاستثمار في البنى التحتية و"رأس المال البشري، من خلال الاستثمار في مجال التعليم وتشجيع العمال الذين يحصلون على أجر متدن، من خلال تخفيض مستوى ضريبة الدخل والاستثمار في تأهيلهم المهني".
ويشار إلى أن انتقادات كبيرة وجهت لنتنياهو في أعقاب موافقته، تحت ضغط الأحزاب الدينية الحريدية المشاركة في ائتلافه، على مواصلة إعفاء الطلاب في المدارس الحريدية من دراسة العلوم والرياضيات والتقنيات واللغة الإنجليزية، التي يطلق عليها "مواد الجوهر"، على اعتبار أن هذه الخطوة تمس إلى حد كبير النمو الاقتصادي.
وحذرت صحيفة "هارتس"، في عددها الصادر الثلاثاء الماضي، من أن حرمان 400 ألف طالب حريدي من دراسة "مواد الجوهر" يعني تقليص قدرتهم على الاندماج في سوق العمل، مما يترتب عليه تراجع مؤكد للنمو الاقتصادي.
في هذه الأثناء، قرر نتنياهو إدخال تعديل على القانون يقلص من قدرة النقابات العمالية على تنظيم إضرابات، لا سيما في المرافق الحيوية.
وطلب نتنياهو من وزير ماليته، موشيه كحلون، إدخال تعديل على قانون "التسويات الاقتصادية" يفرض على النقابات العمالية الاحتكام إلى لجان تحكيم في نزاعات العمل مع الدولة.